يرصد فيلم « المتبرع » للمخرج الصيني زونك كيو، الذي عرض بقصر المؤتمرات في إطار المسابقة الرسمية للدورة السادسة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، مشاعر إنسانية قوية يتحكم فيها المال والفقر والمرض والتضامن العائلي. والفيلم (ساعة و45 دقيقة)، التي تهيمن فيه الصورة على الصوت باعتماد حوارات قصيرة أو شبه غائبة أحيانا، عبارة عن رحلة تعكس تشابك العلاقات الإنسانية التي تتنازعها أهواء مختلفة، إذ يتطرق لمعاناة مرضى يطمحون أن يعودوا للحياة من جديد عبر الحصول على كلي لمتبرعين، وفقراء يعيشون حياة بؤس تدفعهم إلى بيع أعضائهم وكأنها قطع غيار للأغنياء. ويستعرض فيلم « المتبرع » قيم الحب والعائلة وقساوة الحياة، من خلالها معاناة الخمسيني « يانغ » الذي يعيش إلى جانب زوجته وابنه « باو »، فقرا مدقعا إذ أن مصدر رزقه الوحيد هو دكان صغير لإصلاح الدراجات مقابل أجر زهيد لا يكفيه لتسديد مصاريف دراسة ابنه أو دفع المال المطلوب للحيلولة دون هدم منزله بأحد الأحياء الصينية المهمشة. وبعدما أنهكه الفقر المدقع الذي يتخبط فيها يوميا دون وجود أي بصيص أمل، اضطر « يانغ » إلى بيع إحدى كليتيه للشاب « لي داكيو » فاحش الثراء، الذي يتمثل أمله الوحيد في إنقاذ حياة شقيقته المصابة بالقصور الكلوي، وهو ما تم تنفيذه بعد إجراء التحاليل والتأكد من تطابق جينات « يانغ » مع مثيلاتها لدى الشقيقة المريضة لتجرى العملية على أمل انتهاء المعاناتين المادية لأسرة « يانغ » والصحية لأسرة « لي ». غير أن فرحة الأسرتين لم تكتمل لكون عملية زرع الكلية لم تكلل بالنجاح بسبب كبر سن المتبرع مما اضطر الأطباء إلى إزالة الكلية المزروعة، وعودة شقيقة « لي داكيو » لحصص تصفية الدم الشاقة والمثخنة بالألام، وهو الأمر الذي لم يطقه شقيقها. وتتوالى أحداث الفيلم ومعه تتناسل المشاكل وترتفع درجة التوتر، بعد أن طلب « لي داكيو » من « يانغ » أن يسمح له بالحصول على كلية ابنه مقابل التوقيع له على شيك على بياض وهو ما رفضه يانغ بشكل قاطع، إلا أن رغبة الشاب الثري الجامحة في إنقاذ حياة شقيقته جعلته يهدد « يانغ » باختطاف ابنه والحصول على إحدى كليتيه بالقوة لكن الأب لم يرضخ للتهديد. وبعد الفشل في إقناع الأب، ىلجأ « لي داكيو » إلى الإبن ليطلب منه ذلك مباشرة، مقابل مساعدته على الدراسة في الولاياتالمتحدة ومنحه الأموال التي يريدها، وهو ما فتح شهية الإبن إلى حياة أفضل فأسرع إلى إجراء تحاليل ماقبل العملية ضدا على رغبة أبيه الذي أقدم ، تحت تأثير الصدمة، على وضع حد لحياة شقيقة « لي داكيو ». أدى أدوار البطولة في هذا الفيلم كل من ني داهونك (يانغ با) وكي داو (لي داكيو) وزهانك هان (لي كشياوي) وزهانك تشين (يانك ليباو).