قالت مصادر قضائية إن محكمة جنح في القاهرة قضت اليوم السبت بحبس نقيب الصحفيين المصريين يحيى قلاش وعضوين في مجلس النقابة لمدة عامين لكل منهم لإدانتهم بإيواء صحفيين كانا مطلوبين للعدالة ونشر أخبار كاذبة. وقال مصدر إن المحكمة قضت بكفالة عشرة آلاف جنيه (640 دولارا) لكل منهم لوقف تنفيذ الحكم لحين نظره بالاستئناف. وهذه هي المرة الأولى التي يحاكم فيها نقيب للصحفيين المصريين في تاريخ النقابة الممتد أكثر من 75 عاما. وجاءت محاكمة قلاش والسكرتير العام للنقابة جمال عبد الرحيم ووكيل النقابة خالد البلشي في وقت تواجه فيه السلطات اتهامات بالسعي لقمع المعارضة وهو ما تنفيه الحكومة. وكانت النيابة العامة قد أحالت الثلاثة إلى المحاكمة نهاية مايو أيار بتهمة إيواء الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا في مقر النقابة بوسط القاهرة رغم طلب النيابة ضبطهما وإحضارهما في قضية اتهما فيها بالسعي لقلب نظام الحكم. كما اتهمت النيابة قلاش وعبد الرحيم والبلشي بنشر أخبار كاذبة تضمنت قولهم إن قوات الأمن اقتحمت مقر النقابة في الأول من مايو أيار بالمخالفة للدستور والقانون لإلقاء القبض على بدر والسقا. لكن وزارة الداخلية قالت إن بدر والسقا سلما نفسيهما للشرطة طواعية داخل المبنى بعد أن اطلعا على أمر النيابة الصادر ضدهما. وقال قلاش في مؤتمر صحفي بمقر النقابة بعد ساعات من صدور الحكم « نحن معتدى علينا.. هذا الكيان النقابي إحنا دافعنا عنه. » وأضاف « إحنا التلاتة قدمنا للمحاكمة (لكن) المستهدف هو النقابة كلها. » ومضى قائلا « كان الأولى وكان المنتظر أن يتم التحقيق في جريمة اقتحام النقابة. » وتحدث النقيب بعد أن تجمع عشرات الصحفيين في المبنى إثر صدور الحكم. وقال إن التحرك المقبل سيحدده مجلس النقابة والجمعية العمومية التي يبلغ عدد أعضائها نحو ثمانية آلاف. وقال أسامة داود عضو مجلس النقابة لرويترز إن المجلس دعي لاجتماع طارئ يمكن أن يعقد مساء اليوم السبت أو صباح غد. ومضى قائلا « بهذا الحكم أنت تعطي رسالة سيئة جدا في هذا الوقت » مشيرا إلى اتهامات حقوقيين ونشطاء للحكومة بالسعي لتقويض الحريات العامة. وتنفي الحكومة ذلك. وأدان حقوقيون ومحامون ونشطاء سياسيون الحكم. وقال محمد أحمد الباحث في شؤون مصر بمنظمة العفو الدولية وهو محام حقوقي « لم يكن واجبا ابتداء إحالة الصحفيين الثلاثة للمحاكمة لأنهم كانوا يؤدون واجبهم. حكم عليهم بينما لم يحاسب رجال الشرطة الذين اقتحموا النقابة. » كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد تحدث في مقابلة مع قناة تلفزيون (سي.إن.إن) على هامش مشاركته في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر عن « حرية تعبير غير مسبوقة » في مصر. وقال المحامي الحقوقي البارز جمال عيد الذي يرأس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان « لم يكن واجبا أن تذهب القضية إلى المحكمة ابتداء. » وأضاف « الحكم سياسي… نحن هنا لا نتحدث عن قانون أو قضاء. » وتقول الحكومة إن القضاء مستقل وإنها لا تحاول التدخل في عمله. وكان سيد أبو زيد محامي النقابة قد قال وقت احتجاز قلاش وعبد الرحيم والبلشي بعد تحقيق النيابة معهم لسداد كفالة إنهم أنكروا التهمتين الموجهتين إليهم. وكان دخول الشرطة مبنى النقابة للقبض على الصحفيين في أول واقعة من نوعها قد أثار انتقادات حقوقيين كما نظم صحفيون احتجاجات. وطالب مجلس النقابة في اليوم التالي لاعتقال بدر والسقا من داخل المبنى بإقالة وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار. وبدر هو رئيس تحرير بوابة يناير الإلكترونية والسقا صحفي بها واعتصما في المبنى اعتراضا على قرار النيابة بضبطهما وإحضارهما بتهمة التحريض على التظاهر احتجاجا على اتفاقية لترسيم الحدود بين مصر والسعودية وقعت في أبريل نيسان وتضمنت نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في مدخل خليج العقبة للمملكة. وتظاهر الآلاف احتجاجا على الاتفاقية أمام النقابة يوم 15 أبريل نيسان. ومنعت قوات الأمن تكرار الاحتجاجات يوم 25 من نفس الشهر بعدما أغلقت الشوارع المؤدية للمبنى. كما فضت مسيرتين في مكانين آخرين. وانتخب قلاش نقيبا في مارس آذار 2015 وهو صحفي في جريدة الجمهورية التي تديرها الدولة وله مسيرة طويلة في العمل النقابي شغل خلالها منصب السكرتير العام. وبعد قليل من صدور الحكم اليوم انتشرت الشرطة بأعداد كبيرة أمام مقر النقابة وفي الشوارع المؤدية إليه. (الدولار = 16.0500 جنيه مصري)