رغم مرور أزيد من شهر على تعيين عبد الإله ابن كيران، رئيسا للحكومة من لدن الملك محمد السادس، إلا أنه إلى حد اليوم لم يتمكن من تشكيل حكومته، بل لا تزال ولادتها عسيرة مظلمة الافاق، ولعل ما شهدته الأيام الأخيرة، من تجاذبات وصدامات بين الأمين العام للحزب الذي تصدر الإنتخابات، وباقي الأحزاب السياسية التي شكلت تكتلات صغيرة مؤشر على تفاقم الأزمة. مستهل تشكل الأزمة، إعلان حزبي التجمع الوطني للأحرار و الاتحاد الدستوري، التكتل ضمن فريق نيابي واحد، واتخاذ قرار موحد بخصوص المشاركة في الحكومة من عدمها، تلا ذلك توسع هذا التحالف ليضم حزب الحركة الشعبية، فخلق ما سمي ب « أحزاب الوفاق »، وازداد الطين بعدها بلة، حين رفض حزب « الأحرار » مشاركة حزب الإستقلال في الحكومة، ثم ضبابية موقف حزب الإتحاد الإشتراكي الذي كان سييسرعملية ولادة الحكومة إن هو وافق على المشاركة. في أعقاب ذلك بث ابن كيران كلمة له زادت حدة الأزمة وفاقمت المشاكل، جرح فيها رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، ووصف من خلالها حزبه ب « المعطوب »، وأشار إلى شروط للحزب وصفها ب « التعجيزية »، كما تحدث عبرها عن اجتماعات سرية بين بعض الأحزاب وحزب الأصالة والمعاصرة للانقلاب على حزب العدالة والتنمية، الأمر الذي أزعج أخنوش واضطره للرد على تصريحات ابن كيران، ورغم ما قيل عن التقاءهما أمس في مراكش ومحاولة ابن كيران تبديد الخلافات واستئناف مشاورات تشكيل الحكومة، إلا أن أفق لا يزال مبهما مظلما. الأستاذ تاج الدين الحسيني اعتبر ما تعيشه الحكومة من إشكالات، نوعا من المخاض، مستبعدا ظهور أغلبية جديدة بقيادة حزب لم يتصدر الإنتخابات، لأن في ذلك تجاوز لمنطوق الدستور، مضيفا أن إضاعة مزيد من الوقت في عملية تشكيل الحكومة لن تخدم أي طرف. وأضاف الحسيني في تصريح ل فبراير، أن السيناريو الذي سيطرح في حال تعسر تشكيل الحكومة، هو الإنصراف إلى انتخابات جديدة، مشيرا أن هذا أمر مستبعد نظرا لتكلفته المادية، ولإمكانية زعزعته الإستقرار الحكومي، وأيضا لتعميق إشكال تعطيل عمل المؤسسات. الأستاذ تاج الدين، لم يستبعد إمكانية اللجوء إلى التحكيم الملكي، بل قال بورودها بقوة، باعتبارها سبيلا سالكة لتجاوز العقبات المطروحة، متوسلا خيرا في الأسبوع المقبل، إذ يرى أنه سيحمل انفراجا وبداية لحل الأزمة. ذات الباحث استغرب موقف الحركة الشعبية غير الواضح، والتي قال إنها طالما تموقعت في الأغلبية، مضيفا أن أزمة تشكيل الحكومة أمر طبيعي، يحدث حتى في الديمقراطيات العريقة، وضرب مثال لذلك بالحكومة الإسبانية وما عاشته من مخاض في سبيل تشكيلها. واختتم الباحث تصريحه باستشراف مستقبل حكومة جديدة، تتكون من أحزاب، الإستقلال، والتقدم والإشتراكية، والإتحاد الإشتراكي.