في محاولة منها لاستئصال منابع التطرف العنيف داخل المؤسسات السجنية، حل « مثقفون نظراء »، و »علماء وسطاء » تابعين للرابطة المحمدية للعلماء، مؤخرا، بالسجن المحلي تولال بمدينة مكناس، لتأطير ورشات تكوينية حول مبادئ وتعاليم الإسلام السمحة، ومكافحة التطرف العنيف، وذلك في إطار الشراكة التي تجمع الرابطة المحمدية والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج. وتستهدف هذه الورشات بالدرجة الأولى، بحسب ما أكدته مصادر مطلعة ل »فبراير.كوم »، تأهيل نزلاء المؤسسات السجنية بمختلف ربوع المملكة، منهجيا ومعرفيا في أفق تحصينهم من دعوات التكفير، والتطرف، خصوصا بعد أن أظهرت العديد من الدراسات أن السجون أضحت ملاذا آمنا لتفريخ المتطرفين. ويأتي تنقل علماء الرابطة ومثقفيها النظراء للمؤسسات السجنية بعد أن تلقى هؤلاء كفايات ومهارات تؤهلهم لتكوين النزلاء الأكثر عرضة للسلوكيات الخطرة، ضد مخاطر التطرف العنيف، حيث نظم بسجن تيفلت برنامج تكويني لدعم اصلاح المنظومة السجنية، وادماج السجناء، والنهوض بثقافة حقوق الانسان، ومبادئ التسامح داخل المؤسسات السجنية. وتعليقا على هذه التجربة الأولى من نوعها على الصعيد العربي، أشاد خالد أوخراز، باحث في الشأن الديني في تصريح ل »هسبريس »، بتجربة الرابطة المحمدية للعلماء في مجال محاربة وتفكيك خطاب التطرف، داعيا الى تعميمها على باقي المؤسسات السجنية في المملكة. واعتبر الباحث الجامعي أن المؤسسات السجنية أضحت مع الأسف مجالا لإنتاج السلوكيات الخطرة على المجتمع، والتي قد تتحول أحيانا الى أفكار ذات طابع عنيف، عوض أن تصبح فضاء لتهذيب الذوق، و ترسيخ تعاليم الإسلام السمحة، و تعزيز ثقافة التربية على حقوق الانسان. وأكد ذات المتحدث أن مبادرة الرابطة المحمدية للعلماء تأتي في سياق تعزيزالمملكةلمكانتهادوليافيمجالمحاربةالتطرف العنيف، التي أضحت محل اشادة من قبل العديد من الدول، مشددا على ضرورة ألا يقتصر محاربة التطرف داخل المؤسسات السجنية على الجلسات الحوارية مع النزلاء، بل يتعين، على حد قوله، تتبع هؤلاء النزلاء بعد خروجهم من السجون، ومواكبتهم اجتماعيا تربويا. وكان ميثاق المنتدى الأول للعلماء الوسطاء حول الوقاية من التطرف العنيف، الذي نظمته الرابطة المحمدية للعلماء، شتنير المنصرم، قد دعا الى تقوية قدرات القادة الدينيين الشباب، وتنمية مهاراتهم من أجل تفعيل خطاب ديني إيجابي معتدل، يقوم على الفهم الجمالي التراثي للدين الإسلامي الحنيف. وأكد المشاركون في المنتدى على ضرورة جمع وتصنيف المعطيات والبيانات المتصلة بخطاب التطرف العنيف من أجل القيام بتحليل مضامينه، والعكوف على تفكيك مفاهيمه، وإنتاج خطاب بديل وفق الأسس العلمية الشرعية المعتبرة.