كتبت صحيفة « الواشنطن بوست » الأمريكية، الواسعة الانتشار، أن اقتراع يوم غد الجمعة يجري في ظل مشهد سياسي يتسم ب »التشرذم الحزبي »، بسبب وجود 39 حزبا سياسيا يتنافسون على 395 مقعدا، 90 في المائة منها مخصصة للنساء، والمرشحين الأقل من 40 سنة، مما يعرقل تشكيل تحالف حكومي، ويضعف قدرة الأحزاب على تقديم سياسات موحدة. وأشارت الصحيفة الأمريكية الى أن تخفيض العتبة من 6 الى 3 في المائة سيسهم في وصول أحزاب سياسية صغيرة للبرلمان، و ظهور أخرى جديدة، وانشقاقات داخل الأحزاب مما سيصعب من مأمورية الناخبين لاختيار الاحزاب « الجادة » التي تدافع عن مصالحهم، مؤكدة أن المشهد السياسي المغربي يتسم على بعد يوم من الاقتراع ب »الضبابية ». وقالت « الواشنطن بوست » أن المشهد السياسي المغربي يعاني من أعطاب تعرقل الانتقال الديمقراطي بالبلاد، أولها ضعف المؤسسة التشريعية، التي لازالت، بحسب ذات الصحيفة، » تابعة للقصر وأجهزة الدولة، ممثلة في مستشاري الملك، والمسؤوليين الحكوميين النافذين، ووزارة الداخلية، رغم أن دستور 2011 حاول تعزيز صلاحياتها، كما ان البرلمانيين «ممثلي الأمة » لا يستطيعون انتقاد الملك ومستشاريه دون رقابة، كما أن الملك يملك سلطة حل البرلمان. فرغم أن الملك ينأى بنفسه عن الصراع السياسي بين الأحزاب، فقد رفضت وزارة الداخلية ترشيح السلفي حماد القباج، بمدينة مراكش بسبب تصريحاته، وهو الأمر الذي دفع بحزب العدالة والتنمية الى تعويضه بمرشح آخر، وفضل عدم الدخول في صراع مع وزارة الداخلية لأن قياديي الحزب يعتبرون استمرارهم في العمل السياسي رهين باحترامهم و ولائهم للمؤسسة الملكية، وهو التوجه الذي يدافع عنه رئيس الحكومة، عبد الاله ابن كيران، الذي أوضح في مناسبات عديدة أنه جاء للتعاون مع الملك، وليس التنازع معه في الصلاحيات. وأوضحت « الواشنطن بوست » أن التشرذم الحزبي، وضعف المؤسسة التشريعية أمام المؤسسة الملكية، يعرقل قدرة الأحزاب التي تتصدر الانتخابات على مباشرة مشاكل المواطنين الأكثر الحاحية، والقيام بالإصلاحات الضرورية في البلاد، وفي مقدمتها محاربة الفساد المستشري في دواليب الدولة، حيث لم يستطع حزب العدالة والتنمية الذي بنى حملته الانتخابية لسنة 2011، محاربة الفساد، مما أصاب الرأي العام المغربي ب »الإحباط »، و اليأس. واعتبرت ذات الصحيفة أن عدم توازن السلط يسهم في تفشي الفساد في المغرب، حيث لا يستطيع أي حزب سياسي معاقبة المفسدين، ورجال الاعمال المقربين من النظام، كما أن « الدولة العميقة »، كما يحلو للمغاربة تسميتها، لازالت خارج رقابة المؤسسة البرلمانية، كما ان هذا الاختلال في السلك لصالح المؤسسة الملكية يصعب من مأمورية الأحزاب السياسية للوفاء بوعودها، وهو الأمر الذي دفع برئيس الحكومة، عبد الاله ابن كيران، الى اطلاق مفهوم « التحكم »، ويصر على التأكيد انه جاء للتعاون مع الملك. وأكدت « الواشنطن بوست » أن الأحزاب السياسية في ظل الوضع القائم لاهم لها سوى الوصول الى البرلمان، وليس الدفاع عن مصالح المواطنين، والاستفادة من صنوبر الريع الذي يتدفق من النظام، مشيرة الى أن الربيع العربي، الذي عاشه الشارع المغربي سنة 2011 لم يثمر إصلاحات حقيقية في البلاد، بل استشرى الفساد في جميع دواليب وأجهزة الدولة في ظل غياب ربط المسؤولية بالمحاسبة، إضافة الى استمرار قمع الصحفيين، والتضييق على الجمعيات الحقوقية. وخلصت « الواشنطن بوست » الى أن المؤسسة الملكية هي الفاعل الوحيد القادر على تغيير الوضع القائم، وليس البرلمان، او الشارع، مشيرة الى أن الملك لم يقدم على مبادرات جريئة لضمان الانتقال الديمقراطي بالبلاد، وتقوية المؤسسات، كما أن المشاكل التي دفعت بالشعب المغربي الى الخروج للشارع سنة 2011، مثل البطالة، والفساد، وضعف النمو الاقتصادي، وغياب العدالة الاجتماعية، لازالت قائمة، وبالتالي فانتخابات يوم غد الجمعة من لن تأتي بجديد، ولن تضمن انتقال المغرب نحو الانتقال الديمقراطي.