يحتج على قرار الحسن الثاني بابعاده عن الوزارة بصوت مرتفع، ويصل صراخه إلى خارج قاعات الحكم، يجري مكالمات مع القصر من المقاهي، ويلمع حذاءه باستمرار عند ماسحي الأحذية، ويقرر في ما ينشر في جريدة "لوماتان"، وقد يعاقب وزيرا إذا كتب شيئا لم يرق القصر.. لديه سائق أمره أن لا ينظر خلفه أبدا، فنسيه مرة في قارعة الطريق. انه وزير الدولة مولاي أحمد العلوي.. هكذا حاولت جريدة "الاخبار" رسم ملامح عصية على الفهم، بتركيبته الغريبة التي شكلت خلطة سحرية في زمن حكم الملك الراحل الحسن الثاني، النادر الذي كان وزيرا وضيفا دائما في القصر، على الرغم من دسائس البلاط وكواليسه المعقدة.. بساطة الرجل وحدها جعلته يبقى إلى جانب الحسن الثاني منذ كان وليا للعهد إلى أن جاء عهد محمد السادس، مرض مولاي احمد العلوي، وأصبح يتنقل على كرسي بعجلات، إلى أن مات دون أن ترافقه صفة رجل الدولة والوزير الدائم في كل الحكومات. هل كانت هناك أمور محددة أبقته صامدا، أم أن عفويته التي أثارت ضحك الحسن الثاني مرات كثيرة، وحدها أبقته في معادلات سياسية في أزمنة صعبة.. كل شيء وارد... المهم أن مولاي أحمد العلوي السياسي لا ينفصل عن نظيره الكوميدي الذي كان ينصب ويعزل، يوبخ ويكرم، هل هو سياسي فقط، أم صحافي دخل إلى السياسة زهدا، هذه بعض من ملامح مركبة لشخصية أثارت كثيرا من الجدل.. حدث هذا قبل أربعين سنة كما حكى عبد الهادي بوطالب، حيث تلقى مكالمة تطلب منه العودة على وجه السرعة إلى المغرب، ولم يعلم أنه كان على موعد مع تعيين وزاري على رأس وزارة الأنباء، كما كان يطلق عليها تلك الوقت.. عندما وصل عبد الهادي بوطالب إلى القصر الملكي، تم إبلاغه بقرار الملك الراحل الحسن الثاني، والذي قضى بتعيينه على رأس وزارة الإعلام مكان مولاي أحمد العلوي، وقبل أن يصل العلوي إلى القاعة التي كان فيها الملك حتى يقابله ويخبره بالقرار، ساعات قليلة قبل التنصي الرسمي، بلغ سمعه صراخ مولاي احمد العلوي في وجه الملك الحسن الثاني، كان الرجل يتخاصمان بصوت مرتفع يصل إلى خارج القاعة التي كانا يقفان بها...