في الوقت الذي يتواصل الجدل في شتى بقاع العالم حول ما كشفت عنه « وثائق بناما » من معلومات سرية فضحت عددا كبيرا من القادة السياسيين والمشاهير في مختلف المجالات، حيث أكدت تورطهم في عمليات تهريب مالي إلى ملاذات ضريبية بأشكال « سرية »، قليل فقط من طرحوا السؤال حول من سرب هذه الوثائق وما الجدوى من وراء نشرها، ثم لماذا في هذا التوقيت بالتحديد. وبعد أن التزمت وكالة المحاماة التي تأكد أن الوثائق سربت منها ببنما الصمت لأيام، أخيرا قررت وكالة « موساك فونسيك » البانامية، المتخصصة في تحصيل وأرشفة التعاملات وحسابات كبريات الشركات والمقاولات المالية، وكذا الحسابات المالية للأشخاص، كشف الحقيقة من جهتها، وتوضيح مصدر التسريب، حيث أكدت أنها كانت ضحية لعملية قرصنة محترفة للغاية. وأشار بيان، صدر في وقت متأخر من ليلة أمس الثلاثاء، عن مكتب المحاماة في بنما إلى أن قراصنة هم الذين تسببوا في تسريب ملايين من الوثائق قبل أيام، في ما بات يعرف بفضيحة القرن « Panama Papers »، مشيرة إلى أن جهة غير معروفة خارجية هي التي نجحت في اختراق قاعدة بياناتها، حيث تمكنت من الوصول إلى أرشيف الوثائق وسرقته جملة واحدة، قبل أن تسلمه للاتحاد الدولي لصحافة التحقيق. وكان هذا الأخير هو الذي نشر المعطيات بتعاون مع أزيد من 100 صحيفة ومجلة، حيث تطلبت معالجة الوثائق وقتا طويلا. وكشفت وثائق بنما عن معطيات مثيرة لتهريب رؤساء دول حاليين وسابقين وقادة حكومات وشركات ولاعبين كبار لأموال طائلة إلى بنوك في أماكن للتهرب من أداء الضرائب، وهو ما لا يسمح به القانون. وخلف كل ذلك احتجاجات بعدد من الدول، كما دفعت الفضيحة رئيس وزراء إيسلندا إلى تقديم استقالته، حيث يطالب محتجون بمحاكمته. وأعلنت دول عديدة فتحها لتحقيقات حول مواطنيها الذين ضمت الوثائق أسماءهم، منها فرنسا وإسبانيا ودول أخرى، في أمريكا اللاثينية. أما على المستوى العربي، فبالرغم من ورود أسماء لرؤساء ووزراء ومسؤولي شركات، إلا أنه لم تعلن بعد أية دولة فتحها لتحقيقات بهذا الخصوص.