في جلسة بطعم الحب والحنان، تذكر الفنان اللبناني المرموق مارسيل خليفة أيامه الحافلة عندما كان طفلا، وكان الصفاء يغمر الأرض والماء والسماء، حيث قال عنها: « كنت أنحني وألتقط حبات الماء.. أعثر على الماء الذي يشبه قلب الحب، وكنت أحرره بأصابعي الملتهبة بالألحان.. كنت أجمع أولاد الحي وأعطيهم إشارة الغناء.. وكل يغني على ليلاه »، حسبما جاء في جريدة « الغد » الأردنية. وحول الوضع الذي آل إليه العالم، رد مارسيل في حفل إطلاق ألبومه الجديد « أندلس الحب »، بقوله: « يحزنني اليوم هذا العالم في سيرته المكتوبة بالحروب، مصلوب هذا العالم! لم يبق في هذا العالم جناح أو سنبلة، هش هذا العالم »، مبينا أنه « يؤمن بأن الغد أجمل، لكن التاريخ يفاجئنا كل يوم بخيبة أمل جديدة ». وأضاف أنه « لم يعد البكاء لائقا بمن هم في مثل سني، ولكني أواجه الطفل الذي كنته والذي تركته هنا. صار الشوك أطول منه ومني فضعنا معا، جرحتني شوكة حادة ». وتساءل خليفة عن الوطن في قوله: « يا وطني الذي أعرف الطريق إليك ولا أعرفك.. هل الوطن في الأغنية؟ هو الوطن في الوطن؟ نعم الوطن هو الوطن في الوطن، في الأغنية في القصيدة وعلى حافة اللحن ». وتابع: « أنا ابن هذه الأرض، لولا الاقتلاع المدجج بالسلاح كان هذا الوطن كبيرا علينا حين كنا صغارا ». كما تذكر مرحلة صباه وكيف كانت حياة قريته وقتها « أيام كانت الطريق أوضح، أيام لم تكن الكهرباء قد وصلت إلى البلد، أيام لم نجد كتبا كافية للتعليم.. أيام كنا صغار السن »، على حد تعبير مالك العود واللحن العربي، قبل أن يضيف: « أما اليوم، فالدم على الأرض وعلى الشجر وعلى مرايا الضمير ». وتساءل خليفة بحسرة قائلا: « من ينقذ الوطن العربي؟ »، فتولى بدوره الإجابة مستطردا: « ليس لنا من اختيار آخر.. سنحلم معا بوطن لا غضب فيه ولا ضحية، ولهذا أتيت إلى وطن الشعر وبدأت منذ الصغر ألحن القصائد المدرسية كي أحفظها وأتلوها غيبا ». وعن علاقته بالشعر، قال: « عندما كبرت قليلا وقرأت الشعر العربي، أحببت أن أرتكب هذه الخطيئة الفاتنة، وبدأت أغازل خطاياي في المراهقة بشعر طاهر، وثم أدخل من أحببتها إلى جحيم أو نعيم الخطيئة مكابرا مغويا كالعاشقين ». وأضاف: « كان الجنون على أشده وما زال حتى اليوم! كنت أصرخ بصوت مجروح وأواصل تلاوتي حتى يفيض الشعر. وكلما كبر العمر كان يعجز عن إحداث وهن في القصيدة.. وكان الشعر لا يموت ما دام العمر لا يشيخ مهما كبر ». كما أكد أنه « يحب الشعر لأنه لا يكبر.. يظل شابا، خارجا عن القانون.. متمردا، صوفي التأمل والروح والحلم التوحد. وجمعت في الشعر ماضيا مشبعا بالسحر ومستقبلا مزدانا بالتفتحات الرائعة ». أما عن أثر الشعر على حياته فقال: « كان الشعر يوصلني إلى تلك النقطة التي يلتقي فيها الماضي بالمستقبل والحلم باليقظة والجنون بالوعي ». وأضاف: « اقتحمني الشعر، وجن جنوني ببساطة الألحان والأولاد والأنبياء. وما نحن بلا شعر؟ ». وفي عودة للحديث عن موسيقى « أندلس الحب »، قال مارسيل: « لا أستطيع أن أشرح بالكلمات ما كتبت من موسيقى في شعر درويش، ولأندلس الحب بالذات، لكن أستطيع أن أقول أن شعر درويش تشرد في أعماق قلبي، الذي دق بإيقاعية طبل صادح ولا أعرف كيف أهدئه ». وتابع وصفه، قائلا: « أصابعي علقتها على مشارف الوتر وروضتها على الشهية، وكتبت موسيقى لمحمود جهرا بيان أندلس الحب ». أما عن شعر محمود درويش الذي تغنى به كثيرا، فقال عنه الملحن اللبناني المشهور: « شعر محمود يزهر وينتج كالأشجار أوكسجين الحياة.. محمود أنا وآذار نحبك، ولا أريد أن يتعب الحب ». وختم حديثه بقوله: « لنا الحب ونحن في الحب بل لنا أندلس الحب ».