أكدت مصادر رسمية وسياسية (مستقلة)، أن «أوامر حاسمة وقاطعة» صدرت عن الفريق أول عبدالفتاح السيسى، النائب الأول لرئيس الوزراء، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، لوقف تحركات كانت قد بدأت فعلا بصورة، يصفها البعض انها كانت «تلقائية» و«عفوية»، للمطالبة به رئيسا لمصر. ويواجه السيسى دفعا متزايدا «لإلغاء الحظر الذى فرضه على نفسه» من قبل تحركات شعبية وشبابية، راغبة فى اطلاق حملة جمع توقيعات لمطالبته بالترشح لرئاسة الجمهورية، وإن كان السيسى «يبدو عازفا حتى الآن، بل وربما «ليس بالتأكيد راغبا» بحسب المصادر.
وينظر مؤيدو السيسى له باعتباره «أنقذ البلاد من براثن حكم الاخوان المسلمين الذى أنهك البلاد اقتصاديا وأمنيا» فيما ينظر إليه مؤيدو الرئيس المعزول محمد مرسى على أنه «الجنرال الذى أطاح بحكم الرئيس المدنى المنتخب ليرجع حكم العسكر» وينظر إليه الغرب بحسب دبلوماسيين غربيين فى القاهرة على انه «رجل لا يتحدث كثيرا ولا يمكن التأكد من نواياه دوما» ولكنه «بالتأكيد قوى ولديه الطموح والذكاء فى آن واحد».
ما تتفق عليه روايات المصادر التى فضلت عدم الكشف عن هويتها أن «أجهزة رسمية رصدت تزايدا كبيرا فى شعبية السيسى فى الايام التالية لإعلان عزل مرسى فى الثالث من يوليو الماضى».. هذه الشعبية زادت بعد الانهاء القسرى لاعتصامى رابعة العدوية وميدان النهضة رغم الدماء التى سالت، والغضبة الحقوقية داخل مصر وخارجها».
ويقول احد المصادر: أعلى مستوى فى شعبية السيسى، بلغه فى الايام التالية لفض اعتصامى رابعة والنهضة حيث نظر إليه، بحسب استطلاعات رأى (امرت اجهزة سيادية بإجرائها)، على انه رجل لا يقبل الابتزاز، حتى ولو على خلفية دينية، وانه قادر على اتخاذ القرار وتحمل تبعاته، وانه لا يخشى رد فعل الغرب».
ووفقا لما ينقله مقربون من السيسى: «الرجل مدرك تماما، ومقر لما يقوله البعض من داخل اوساط القوات المسلحة والشرطة والمخابرات وغيرها من اجهزة الدولة، بل وما يقوله بعض الوزراء المحسوبين على الكتلة المدنية الليبرالية، عن ان الرئيس القادم يجب ان يكون من خلفية عسكرية، ولديه دعم كامل من القوات المسلحة، حتى يستطيع ضبط الامور فى البلاد التى تقترب بشدة بحسب تقديرات هؤلاء من ان تكون دولة رخوة.. لا ضابط فيها ولا رابط». احد الداعين بشدة لفكرة ترشح السيسى، قال ل«الشروق»: «اى رئيس مدنى يأتى، سيواجه بقلاقل ليس له قبل بتحملها، وخاصة من انصار التيار الاسلامى الغاضب لإزاحة مرسى، غير أن منهم من يقبل بل ان قطاعات منهم قبلت بالفعل بالسيسى، كونه رجلا عسكريا لا انتماء سياسيا له، بحيث لا تكون الغلبة لتيار سياسى اخر مناوئ لهم».
ويضيف المصدر المقرب من السيسى: «هناك من يتحدث عن حمدين صباحى، زعيم التيار الشعبى، وهناك من يقترح التعاون مع شخصية سياسية مثل عمرو موسى ،بوصف الرجلين لديهما احترام وتقدير وادراك للدور الوطنى للقوات المسلحة، واحدهما له تأييد شعبى كبير، والثانى له علاقات دولية لا يستهان بها، ويمكن لكليهما استبقاء السيسى وزيرا للدفاع ونائبا لرئيس الوزراء.. غير ان الاوضاع الآن فى رأى كثيرين لا تحتمل صفقات بل تتطلب قوة الشكيمة»، مستبعدا أن يتم ترشيح بعض من الشخصيات السياسية والعامة «التى تولت ادوارا رسمية مؤخرا» رغم اقراره بأن «هناك كلام عن أشخاص فى الرئاسة ولكن الوضع يتطلب وجود رئيس قوى ومدعوم جدا من الجيش والشرطة».
وتقر مصادر «الشروق» ان السيسى «متحسبا فى هذا الصدد من امرين، اولهما: غضبة القطاعات الثورية التى يعلم انها لم تكن ابدا على قلب رجل واحد مع كل من شاركوا فى تظاهرات 30 يونيو، وان لحظة الاتفاق على مطلب التخلص من مرسى، كانت لحظة قصيرة حتميا، وان ترشح السيسى أو غيره من اصحاب الخلفية العسكرية السابقة سيستثير بالفعل حفيظتها، غير انه يسمع فى هذا اراء تقول انه بعد تدخل الجيش لحسم المطلب الشعبى بازاحة مرسى، لم يعد هناك مجال حقيقى لشعارات مثل يسقط حكم العسكر».
السيسى وفقا للمصادر «متحسب ايضا من أن يأتى ترشيحه ليستثير قلقا دوليا، ويعيد فتح الملف الذى اغلق بالكاد حول ما إذا كان التدخل العسكرى فى 30 يوليو مكملا ومنفذا لمطلب شعبى، أم كان انقلابا عسكريا، وفى هذا يسمع السيسى من يقول مرارا وتكرارا ان الغرب والعالم، سيتعاملون مع من يحكم مصر ويحقق استقرارا سياسيا داخليا، ويبقى على اتفاقية السلام مع اسرائيل ولا يهز التحالفات المصرية الاقليمية أو الدولية». وبحسب مصادر سياسية رفيعة: «هناك عواصم عربية ابدت اعجابا وتقديرا للاصوات المصرية المطالبة بترشح السيسى رئيسا، كون ذلك من شأنه ان يحقق الاستقرار فى مصر، والتى تتسبب اضطراباتها إذا ما خرجت عن حدود معينة فى قلق عربى واسع».
مصادر «الشروق» الرسمية، أكدت أن «هناك من يقول للسيسى ان الوقت يمر، وان عليه ان يحسم امره، فإذا ما كان مصرا على الرفض، فعليه ان ينهى الممانعة التى ابداها فى وجه افكار البدلاء»، من ذوى الخلفية العسكرية من الجنرالات السابقين فى القوات المسلحة أو جهاز المخابرات العامة. ويقول مصدر سيادى رفيع: «الضغوط ستستمر على الفريق السيسى ليقر أيا من السيناريوهات، أو ان يترشح وهو الامر الذى لم يستثنه المصدر تماما لان الفريق اول السيسى يتابع ما تنشره الصحف فى هذا الصدد بنفسه أو ان يقر افكار لأى من البدائل المطروحة أو ان يقترح اسما بديلا، ويضيف ان الصياغة التى سيتبناها الدستور حول صلاحيات الرئيس ورئيس الوزراء والتى من المرجح ان تمنح رئيس الوزراء صلاحيات لا يستهان بها يمكن ان تعزز فرص ترشح السيسى بوصف ان الرئيس القادم إذا كان من خلفية عسكرية يمكن ان يتعاون مع رئيس وزراء من خلفية اقتصادية لتحقيق «وزنة جيدة لدفع الامور للامام».
ويضيف: «فيه ناس كثيرة كانت تتمنى رئيسا مدنيا مثل محمد البرادعى، لكن هؤلاء انفسهم اصبحوا غير واثقين من قدرة هؤلاء المدنيين بعد ما قام به حكم الاخوان وبعد انسحاب البرادعى من اول مسئولية حقيقية (فى اعقاب فض اعتصامى رابعة والنهضة) وهؤلاء الناس لا يمانعون من السيسى لانه بالنسبة لهم ليس مجرد رجل من خلفية عسكرية سابقة ولكن رجلا وضع رقبته على المحك عندما قرر ان يتحرك نحو تنفيذ رغبة الناس فى عزل مرسى، وشعبية السيسى حقيقية وتتجاوز خلفيته العسكرية بكثير وتتجاوز شعبية أى من الاسماء المطروحة سواء حمدين أو عمرو موسى أو ايا من كان»، مشيرا فى الوقت نفسه ان «هناك كثيرين يرون ان وجود السيسى نفسه وليس أى احد آخر على رأس الدولة هو ما يضمن عدم عودة الاخوان المسلمين اطلاقا للحكم لانهم يعلمون ان هناك رجلا قويا يقف وراءه الجيش».
وتقول المصادر القريبة من السيسى ان الرجل «حريص بالفعل» على تدعيم فكرة «مدنية الدولة»، بمعنى الا تكون دولة دينية ولا دولة عسكرية، كما يقول لبعض من زائريه، ولكنه مدرك فى ذات الوقت ان دور القوات المسلحة فى السياسة المصرية «لا مفر منه خاصة فى الوقت الحالى» وبالتالى فإن وجود رجل ذى خلفية عسكرية على رأس السلطة التنفيذية مع ضمان الفصل بين السلطات والتزام الترشح لمدتين متتاليتين فقط. وكان السيسى قد المح مرارا من خلال احاديث علنية عدم رغبته فى الترشح لرئاسة مصر ولكنه لم ينف ذلك بصورة قطعية.