الذين تابعوا جلسة المساءلة الشهرية للحكومة بمجلس المستشارين ليوم أمس، لا بد وأن يتوقفوا كثيرا عند السجال الساخن بين عبد الإله بنكيران ورئيس المجلس الشيخ بيد الله وبعض المستشارين، والحقيقة أن الخمس دقاىق التي انفجر فيها بنكيران قبل أن يعود إلى هدوءه، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك الحالة التي يوجد عليها رئيس الحكومة، وتنطبق عليها المقولة الشهيرة "الضغط يولد الانفجار". لم يسبق للمغاربة أن شاهدوا بنكيران بتلك الفورة، ولم يسبق لهم أن تابعوا رئيس الحكومة يثور في وجه رئيس المجلس فقط لأنه قال له "احترم نفسك وادخل في الموضوع" علما أن بنكيران رد قائلا "راك عزيز علينا" لكن ما الذي سيدفعه للرد مرة ثانية واصفا مقاطعة الشيخ بيد الله له بالتشويش الذي لا يليق له ما دامت تمارسه، يضيف بنكيران، الجهات التي كثرت.
لو أعاد بنكيران شريط الخمس دقاىق تلك، لتأكد له أنه كان ساخنا أكثر مما ينتظر، أو كان على الأقل فائرا أكثر من اللازم بالمقارنة مع ما حدث، وهو الذي رد على لحظات استفزازية سابقة بالضحك أوالنكث أو الصمت، فهل هو الضغط الذي يولد الانفجار؟
وفي الخمس دقائق دائما خرج بنكيران عن موضوع الجلسة دون أن يخرج عن سياقها، ولذلك ثار في وجه شباط دون أن يذكره بالاسم، وهو يذكر الحاضرين وغير الحاضرين بحكمة الصمت التي واجه بها السب والقذف في إشارة لعشرات الخرجات الإعلامية، ولذلك أيضا لم يترك فرصة تمر ليتوجه لمستشاريه مستغربا من أسلوب الانتقاد اللاذع للحكومة اياما قليلة بعد الخروج من الحكومة إلى المعارضة، وهو الانتقال الذي سماه بنكيران بالانقلاب.
نتمنى أن تكون الصورة التي ظهر بها رئيس الحكومة، لحظة نفسية عابرة، وإلا دخل مسلسل الإصلاح النفق المظلم، وبنكيران نفسه يحس بغصة وهو يعيد في كل مناسبة أو بدونها توقف قطار أاصلاح صندوق المقاصة، وهو الذي كان يعتقد أن كل الأطياف السياسية ستسانده ضد "التماسيح والعفاريت"، قبل أن يكتشف أن صندوق المقاصة الذي لا يعني الضعفاء وإنما أصحاب النفوذ، ما هو إلا محطة للاختبار، فإما أن تضع الحكومة مفاتيح تسيير الشأن العام، وإما أن تشمر على سواعدها وتعلن الانطلاقة الجديدة.