هذا الجزأ الثاني والأخير من شهادة رشيد سكيرج، الضابط السابق في جهاز الأمن "الكاب 1"، والذي كان يعمل ضابط شرطة لسنوات في الإدارة العامة للأمن الوطني، لكن الأهم أنه كان يشتغل مساعدا للدليمي في قسم الوثائق والأمن المعروف باسم جهاز الكاب 1، علما أن العميل السابق في نفس الجهاز أحمد البوخاري وصفه بجاسوس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في "الكاب 1"، وأن الدليمي حاول قتله ففر سكيرج إلى فرنسا. ،يؤكد هذا الأخير في هذه الشهادة، كيف خطط الدليمي لقتل بنبركة في المغرب، وذلك عن طريق دهسه بسيارة!! … وفي عشية انعقاد المؤتمر – الوطني الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1962 – أرسلت إحدى فرق المباحث بلاغا عن أحد السائقين، وقد اختطف هذا الرجل قبل افتتاح المؤتمر بثلاثة أيام، وتم استجوابه في مقر الشرطة بالرباط، وتم تعذيبه بعد استجوابه، ثم أعطى مسدسا من عيار 7 – 65 وقدم للمحاكمة أمام محكمة الرباط بتهمة حيازة أسلحة غير مرخصة! وكان لدى الدليمي تعليمات من السلطات العليا بملازمة المهدي بنبركة، وكانت من نتيجة هذه « الملازمة » المحاولة التي وقعت على طريق الدارالبيضاء، وقد قام بهذه المحاولة رجال الشرطة والمفتش سلاوي الذي كان مكلفا باختلاق حادثة في الطريق، وإذا لزم الأمر فليكن المرور فوق جسد المهدي بنبركة! ثم وردت مكالمة تليفونية من مراكش من الدليمي الذي تصادف وجوده هناك مع أوفقير والملك، ويبدو أن الدليمي لم يكن راضيا بالتفسيرات التي قدمها سلاوي، وانتهت المكالمة على الوجه الآتي: »إنك أحمق جاهل.. كان يجب عليك أن تدوسه .. كان ينبغي أن تقتله! ». وكنت شخصيا مضطرا لمغادرة المغرب، وعند وصولي إلى فرنسا علمت أن أوفقير قد سبقني إليها، فذهبت لمقابلته لأسلمه استقالتي، غير أن أوفقير رفضها قائلا: »إذا كنت لا تريد مواصلة عملك في الرباط فإني أحتاج إليك في مكان آخر .. هنا في باريس ». ثم حدد لي لقاء معه في يوم سادس سنة 1963، وفي ذلك اليوم عاد من المغرب في صحبة الماحي وبعض ضباط آخرين من شرطة المغرب، وكان من المقرر أن يتناول الجنرال أوفقير العشاء في السفارة المغربية، وكان علي أن أنتظره في الفندق الذي كان سيبيت فيه. وهكذا أمضيت عدة أيام وأنا أفكر .. وأحاول معرفة السبب الذي كانوا يطلبونني من أجله .. وكان الفندق الذي كنت أقيم فيه بعض الأشخاص الذين كانوا مبعث اشتباهي في أمرهم .. فقد كانوا يتصرفون مثل رجال الشرطة! وفي كل مرة أخرج من الفندق كنت أشعر بمراقبتهم لي .. وفي النهاية تمكنت من تضليلهم، ثم توجها فورا إلى بعض الأصدقاء – إخواني الجزائريين – وبفضلهم تمكنت من العودة إلى الفندق في الليلة نفسها لأخذ أمتعتي. وبينما كنت أحزم حقيبة ملابسي رن جرس التليفون، فقد كان الماحي، وقال لي: إن الجنرال أوفقير غاضب، لأنني لم أعد لمقابلته، وطلب مني أن ألحقه في مطار أورلي فورا. وبطبيعة الحال، لم أذهب إلى المطار، بل توجهت إلى البعثة الديبلوماسية الجزائرية وطلبت منها أن تنمحني اللجوء السياسي. وفي اليوم التالي، سلمتني السلطات الجزائرية جواز مرور، ثم سافرت إلى الجزائر، وعند وصولي إلى هناك، علمت أن العائلة الفرنسية التي آوتني وقت هروبي، قد تعرضت للمضايقات على أيدي رجال الشرطة.