«تقف فى ردائها الأحمر القطنى الصيفى الخفيف والقلادة التى تكشف عن ذوق رفيع، والحقيبة البيضاء المعلقة على كتفيها، التى تشير إلى أنها فتاة بسيطة، وليست تلك البنت الثورية».. وأخرى «تقف بصلابة غير معهودة أمام مدرعة هرب من أمامها أقوى الرجال، تفتح لها صدرها برباطة جأش ليس لها مثيل»، تلك أمثلة باتت كالأيقونات التى تجعل الانتفاضة فى تركيا مستعرة، مهما حاولت حكومة أردوغان تهدئة نارها، سواء بالكلمات المعسولة، أو التهديدات النارية، أو العصا الأمنية. مجموعة من اللقطات صورها مصور رويترز «عثمان أورسال» فى ساحة تقسيم بالقرب «جيزى بارك» فى إسطنبول، أشارت إليها صحيفة «واشنطن بوست» التى قالت إنها كانت سببا فى إشعال نار انتفاضة عارمة، وصلت إلى اعتصام سلمى، والتى أظهرت كيف أنه فى الوقت الذى فر فيه الرجال والنساء أيضا من أمام قوات الأمن التى أطلقت عليهم قنابل الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل، صامدة لم تتحرك، ولم تنحن حتى، بل ظلت واقفة صامدة أمامهم حتى بعدما استهدفوها شخصيا، مما شجع باقى الشباب على كسر حاجز الخوف، وعدم الهروب من أمام قمع قوات الأمن.
ومن المفارقات العجيبة أن ملتقط تلك الصورة نفسه أصيب بقنبلة مسيلة للدموع تناقلتها أيضا وسائل الإعلام ووكالات الأنباء، لكن ستظل صورته هى المحفورة فى أذهان الأتراك تحديدا، على حد قول الصحيفة.
من جانبها، قالت صحيفة «الديلى ميل» البريطانية إن انتشار صورة «ذات الرداء الأحمر» فى وسائل التواصل الاجتماعية، وفى أعمال فنية وملصقات دليل حى على أنها أصبحت رمزا للمرأة التركية، الصامدة فى وجه الرجعية، ومحاولات حكومة أردوغان من أسلمة المجتمع التركى، أو كما يتهكم النشطاء الأتراك عليه بإعادة المرأة إلى عصر «الحريم» (الذى كان موجودا خلال فترة الحكم العثمانى التى دوما ما يتفاخر بها رئيس الوزراء التركى فى خطاباته).
كما سلطت صحيفة «هافنجتون بوست» الأمريكية الضوء على أن المرأة التركية لها أسباب كثيرة للوقوف فى وجه حكومة أردوغان، بدءًا من محاولة حكومته الإسلامية الحثيثة تجاه فرض الحجاب على المرأة، وإقراره قوانين تمنع الإجهاض، وفرضه غرامات على المرأة التى تنجب أكثر من ثلاثة أطفال، وهو ما وصفه رئيس الوزراء التركى بمحاولة لاسترجاع حقوق المرأة ودفعها لدورها التقليدى نحو التقوى وحماية أسرتها ورعايتها. ونقلت عن سيدة تقول: «أنا أحترم النساء اللاتى يرتدين الحجاب، وهذا حقهن، ولكن من حقى أيضا أن أكون محمية عندما لا أرتديه، ولا أكون عرضة لتحرشات أعضاء العدالة والتنمية، فأنا لست يسارية أو معادية للرأسمالية، ولكنى أريد أن أعيش فى تركيا حرة».
ومن جانبها قالت «نيويورك ديلى نيوز» إن «موقف ذات الرداء الأحمر كان سببا فى إصرار الفتيات والسيدات التركيات على النزول فى التظاهرات، والتصدى بأنفسهن لقمع قوات أردوغان، فكان فى المقابل مشهد وقوف الفتاة البطولى أمام المدرعة، والذى يبدو أنه أيضا سيكون أيقونة جديدة، ولن تتوقف الانتفاضة التركية بتلك السهولة».