يرى الباحث في العلوم السياسية في جامعة الدارالبيضاء ميلود بلقاضي أن حزب الاستقلال لم ينسحب لحد الآن من الحكومة الحالية لكون وزراء الحزب ما زالوا يمارسون عملهم بشكل عادي. أوضح الباحث أن من أسباب هذا الوضع كون قرار الانسحاب أتى من المجلس الوطني للحزب الذي أحال القرار على اللجنة التنفيذية (المكتب السياسي) التي ربطت بدورها الانسحاب بالفصل 42 من الدستور، وهو ما يعني أنه انسحاب موقت أو مشروط في انتظار التحكيم الملكي.
ويشير الفصل 42 من الدستور المغربي إلى أن الملك هو رئيس الدولة والممثل الأسمى للدولة، والحكم الأسمى بين المؤسسات.
أضاف بلقاضي: "أعتقد أن رجوع حزب الاستقلال إلى الفصل 42 من الدستور يؤكد مسألة أخرى متعلقة بمدى إرادة الحزب الخروج من الحكومة، فلو كان هذا الحزب يريد أن ينسحب بصفة قطعية ونهائية، لقبل قرار المجلس الوطني دون العودة إلى الفصل 42، بمعنى أن الحزب وضع قدمًا في الانسحاب وأخرى في الحكومة".
وأكد أن حزب الاستقلال لن يخرج من الحكومة "مهما كانت الظروف".
وكان عبد الحميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، قد وجه في وقت سابق مذكرتين إلى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ينتقد فيهما منهجية تدبيره للعمل الحكومي وبعدم احترامه لمبدأ التشاور مع شركائه في الغالبية. ويرى بلقاضي أنّ المنطق السياسي "لا يسمح بتاتًا بإدخال المغرب في أزمة سياسية أخرى تزيد من أزماته المتعددة، بالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية التي يعرفها"، معتبرًا أن ورقة الانسحاب وربطها بالفصل 42 من الدستور "منحت لشباط شرعية تقديم شكوى للملك ضد بنكيران."
واستغرب الباحث بلقاضي دواعي صمت بنكيران في هذا الوقت بالذات، قبل أن يخلص إلى أن كلاً من شباط وبنكيران "سيخرجان بنصف الهزيمة وبنصف الانتصار". أضاف: "سيبقى شباط في الحكومة، ليس خوفًا من بنكيران ولا يعني هذا تراجعًا عن قرار الانسحاب، ولكن يعني احترامًا للتحكيم الملكي، وبدوره، سيقبل بنكيران بقاء شباط في الحكومة ليس خوفاً منه أو من قرار انسحابه، ولكن أيضًا احترامًا للتحكيم الملكي." من جهة أخرى، يرى الباحث في القانون الدستوري المرزوقي بن يونس أن قرار حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة يطرح إشكالات عديدة كسابقة في المشهد الحزبي ، وكتأثيرات ومحك للحياة السياسية والحياة الدستورية. وقال المرزوقي : "من الجانب العام، اعتبر قرار الانسحاب مسألة إيجابية جدًا، لأن في المغرب، ولسنين طويلة، كان الحديث دائمًا عن الخصوصيات والاستثناء، بما تحمله من إيحاءات تنتقص من العملية الديمقراطية التي تعد وسيلة سلمية لفض النزاعات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحزبية، مع أنها لا تمنع من إمكانية حدوث أزمات."
ورأى في استتباعات العملية الديمقراطية من احتمالات، مسألة إيجابية تخرج المغرب من مرتبة الديمقراطيات الاستثنائية إلى مصاف الدول الديمقراطية العادية على غرار الدول الغربية. على المستوى السياسي، لاحظ الباحث كيف أن كل المغربيين مهتمون بما سيترتب عن هذا الانسحاب من موقف لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الغالبية الحكومية.
وأكد على أن إمكانيات المناورة المتاحة للعدالة والتنمية ضعيفة جدًا ما يعني أنه لا بد من البحث عن حل وسط مع حزب الاستقلال إذا أريد للتجربة الحكومية أن تستمر.
يقتضي الحصول على الغالبية العددية وجود غالبية مطلقة (حوالي 198 من أصل 395 هي مجموع عدد مقاعد مجلس النواب المغربي)، والعدد لن يكفي حتى ولو أضيف حزب الاتحاد الدستوري (23 مقعدًا وغير مشارك في الائتلاف الحالي) والمجموعات النيابية الصغرى.
واعتبر المختص في القانون الدستوري أن الحاجة ستكون ملحة لحزب كبير. من قبيل التجمع الوطني للأحرار (معارضة 52 مقعداً)، أو حزب الأصالة والمعاصرة (معارضة،47 مقعدًا)، إلا أنه استبعدها للخلافات الحاصلة بين هذين الحزبين وحزب العدالة والتنمية.