بين أمينة الفيلالي وبطلة المسلسل التركي فاطمة، قصة مشتركة هي وجع الاغتصاب، فإن كانت الأولى واقعية، وضحيتها فتاة قاصر لم تتجاوز السادسة عشر من عمرها وكانت تعيش بيننا في مدينة العرائش، فالثانية مأخوذة عن واقع أمينة المغربية أو بعض منه، حيث يحل أربعة مغتصبين فيه بدل واحد، وفي قصتي الفتاتين معا تزوج "المغتصبة" من مغتصبها، وهذا ما حدث مع أمينة رضوخا للفصل 475 من القانون الجنائي المغربي، وبرضى والديها، وأمام رغبة الأهل في "ستر عرض" الأسرة.. أما فاطمة التركية فتتزوج من أحد مغتصبيها بتراض جماعي، لم تنطق أمامه ببنت شفة، وإنما تحدثت دموعها عن "لا" الرافضة للزواج والتي لم ينتبه لها كثيرا، كما لم يعرها مغتصبوها أدنى اهتمام عند ممارستهم لفعلهم الوحشي عليها.
وهنا تنتهي مظاهر الشبه بين القصتين، فإن كانت قصة فاطمة مسلسلا، شاء معدوه أن يقدموا عبره للرأي العام صورة واضحة عن قضايا الاغتصاب، والأزمات النفسية التي تعيشها "المغتصبة" في غياب دعم الأسرة لها واتهامها بجريرة أنوثتها، وأن يقدموا النموذج الصحيح للتعامل مع مثل هذه القضايا، عبر التضامن المجتمعي ومحاسبة الجناة، والحرص على تقديم بارقة أمل لكل "مغتصبة" في تمضية بقية حياتها بشكل طبيعي، مع رجل لا يحاسبها طيلة عمرها على جريمة لاذنب لها فيها، فقصة أمينة ما تزال معلقة النهاية، ومعلقة القصاص، أمينة التي اختارت بعد أن تعبت من العيش وسط أسرة تراها حتى بعد أن زوجت لابنها "مغتصبة بلا شرف"، ومن العيش تحت وطأة التعذيب الجسدي من طرف"زوج" يستمر في اغتصابها وضربها معا، اختارت شرب مبيد للفئران، ليس بقصد الانتحار وإنما لتبيد الصمت عن معاناتها ولتلفت أنظار أهلها إليها. أحدثت أمينة بموتها رجة في المغرب ووصمته عالميا بالعار، عار تخليه عن طفلة ووريت الثرى بدل أن تنتظم في صفوف الدراسة، وألزمت "زوجا" بدل أن تلزم وعدا بمستقبل سعيد، أو حتى أن ترسم أحلام المراهقات الطبيعية عن فارسها الخاص، وهو ما انتفضت لأجله جميع الحركات النسائية والجمعيات الحقوقية والمدافعة عن الأطفال، وكل أم وفتاة، في احتجاجات ووقفات تضامنية غطاها الإعلام المغربي والدولي، انطلقت بعدها تصريحات حكومية حينا، وقضائية حينا آخر، منددة ب"حادثة" أمينة، وكأن هذه الفتاة هي الرقم الواحد في المليون التي تصادفها حادثة اغتصاب، بدل أن تكون واحدة من بين عشرات من الفتيات لا نعرف شيئا عن الأرقام الحقيقية لوقوعهن في ذات الحالة، وتشغلنا أمور السياسة والاقتصاد والمحاكم ولا يشغلنا البحث عن مصير مغتصبي الأمينات، وعن عجز قانون نظر له عارفون وخبراء عن حماية فتاة كانت لتكون بيننا اليوم لو أيقنت أنها في دولة الحق والقانون. ومع حادث أمينة ارتفع عدد مشاهدات ومشاهدي المسلسل االتركي "فاطمة" الذي اشرئبت إليه الأعناق منذ البداية لأنه يعالج مصير مغتصبة سينجح المجتمع التركي في ادماجها وضع البلسم المناسب لينسيها ظلم المغتصبين، الشيء الذيي لم يتحقق في حالة أمينة.