لم تكد تهدأ فصول الصراع بين مكونين أساسيين من الأغلبية هما العدالة والتنمية والاستقلال، حتى اشتعلت فصول حرب ضارية أخرى بين مكونات التحالف، لكن هذه المرة بين الاستقلال والحركة الشعبية بسبب نتائج الانتخابات الجزئية التي جرت نهاية الأسبوع الماضي. فقد فجرت نتائج الانتخابات الجزئية صراعا جديدا بين أحزاب الأغلبية، خاصة حزب الاستقلال الذي خرج أمينه العام وبعض قياديين ليشككوا في نتائج بعض المقاعد، خاصة تلك التي آلت إلى حزب وزير الداخلية والأمين العام لحزب الحركة الشعبية. ففي أول تعليق له على النتائج، قال حميد شباط إن «وزارة الداخلية فازت بمقعدين في هذه الانتخابات»، وهو ما اعتبره حزب الحركة الشعبية «إساءة له واتهاما بالتزوير». ومباشرة بعد ذلك، خرج قياديون في حزب الاستقلال «ليتهموا وزارة الداخلية بالتدخل لحسم نتيجة مقعد سيدي قاسم لصالحها». وكانت وزارة الداخلية أكدت أن عملية إحصاء الأصوات التي باشرتها لجن الإحصاء الإقليمية برئاسة رؤساء المحاكم الابتدائية بالدوائر المعنية بالانتخابات الجزئية ليوم الخميس 28 فبراير 2013، قد أسفرت عن إعلان انتخاب عبد الغفور أحرراد من حزب الاستقلال لشغل مقعد شاغر بمجلس النواب برسم الدائرة الانتخابية المحلية «أزيلال - دمنات» التابعة لإقليمأزيلال، في الانتخابات التشريعية الجزئية، كما انتخب هشام هرامي من حزب الحركة الشعبية لملء مقعد شاغر بمجلس النواب برسم الدائرة الانتخابية المحلية «سطات» التابعة لإقليمسطات، ومحمد يوسف من حزب العدالة والتنمية لشغل مقعد شاغر بمجلس النواب برسم الدائرة الانتخابية المحلية «مولاي يعقوب» التابعة لإقليم مولاي يعقوب، وحفيظ الترابي من حزب التقدم والاشتراكية لملء مقعد شاغر بمجلس النواب برسم الدائرة الانتخابية المحلية «اليوسفية» التابعة لإقليماليوسفية، وبوبكر بن زروال من حزب الحركة الشعبية لملء مقعد شاغر بمجلس النواب برسم الدائرة الانتخابية المحلية «سيدي قاسم» التابعة لإقليمسيدي قاسم. إلى ذلك، أثارت تصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال وقياديين من حزبه بشأن تدخل وزارة الداخلية لصالح مرشحها في سيدي قاسم ردود أفعال غاضبة لدى حزب الحركة الشعبية. وفي أول رد فعل، علمنا أن «وزير الداخلية امحند العنصر اتصل برئيس الحكومة عبد الإله بنكيران لينقل إليه احتجاجه على تصريحات شباط»، كما اتصل الأمين العام للحركة الشعبية، مباشرة بشباط ليحتج على تصريحاته، مشيرا إلى أن «ما صدر منه لا يخدم انسجام الأغلبية». وتشير مصادر «أخبار اليوم» إلى أن «موقف رئيس الحكومة من احتجاج العنصر بقي محدودا»، مضيفة «أن بنكيران يتفادى الدخول في صراع جديد مع شباط، خصوصا أن المصالحة معه تطلبت وقتا طويلا». كما اتصل قياديون من الحركة الشعبية بحميد شباط لينقلوا إليه احتجاجهم، وكان رده أنه «في الانتخابات عادة ما تقع مثل هذه الأمور»، مشيرا إلى أن «هناك علاقة بين عامل إقليمسيدي قاسم ومرشح حزب الحركة هناك». ونقل قياديو الحركة لشباط «انزعاجهم معتبرين أن ما فعله هو وقياديون في حزبه لا يخدم تماسك الأغلبية وانسجامها». وفي هذا الصدد، قال محمد مبديع، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب «إن الحركة الشعبية دعت إلى اجتماع عاجل للمكتب السياسي من أجل بلورة موقف معين من حزب الاستقلال». وأضاف مبديع في اتصال معنا أن «الحركة لن تقبل أي اتهام، وما كانت لديه أي حجة أو دليل، فليتوجه إلى القضاء». وزاد «مثل هذه السلوكات من شأنها أن تفجر الأغلبية، والفاشلون عليهم أن يحاسبوا أنفسهم وليس غيرهم». وإلى جانب استياء الحركة من شباط، يسود استياء آخر من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الذي دعم مرشح حزب التقدم والاشتراكية في سيدي قاسم. وقال مصدر من الحركة إنه «لا ينبغي أن يدعم رئيس الحكومة مرشح حزب أغلبي ضد آخر»، مضيفا أن «مثل هذا القرار كان ينبغي أن يدرس داخل الأغلبية وأن يتم إقناع مكوناتها بدعم مرشح التقدم والاشتراكية الذي كان مهددا بفقدان فريقه في البرلمان». وزاد عادة ما يدعم رئيس الحكومة مرشحي حزبه في حملاتهم الانتخابية على الرغم من حمله لقبعة رئيس الحكومة، ونحن لم نحاسبه يوما على ذلك، لكنه اليوم أخطأ بدعم حزب أغلبي ضد آخر».