من ميزات هذا الربيع الذي ابتلينا به، والذي يتنازع حواريون كثيرون مفاهيمه، هل هو عربي يهم ساكنة بقعة جغرافية تعتبر جزء مما يسمى وطناً عربياً، أم هو ديمقراطي باعتبار أن الديمقراطية هي الشعار الذي وحد كل الإثنيات التي انتفضت في بقع جغرافية متفرقة، ليست بالضرورة عربية؟... من مميزاته أنه أعاد إلينا فضيلة القراءة والبحث، في أمور عديدة لعلها أهمها المفاهيم الواجب استعمالها في مقاربة أمور عديدة... مناسبة القول هو ذلك الضجيج الصغير، المفتعل ضد عائلة الصفريوي المسكينة، وهم يحاولون إزعاجها وعرقلة نشاطها في ضواحي ميسور، بالنبش في احتكارها لمجرد 27000 هكتار من جبل الغاسول، والغاسول هذا هو ما وضع علوم المصطلحات في مأزق المفاهيم، وهو مأزق له حلول بالطبع، فقط تبقى هذه الحلول ملتبسة وفق مصالح مادية متأرجحة بين الشخصي الشجع والعام المفيد... لا وجود لشرح مفردة الغاسول في مجمل المعاجم العربية، بما يفيد كونه مادة صلبة مستخرجة من باطن الأرض، إذا استثنينا معجم مختار الصحاح، والذي يتحدث عن الغاسول كونه الماء الذي يُغتسل به، والمعجم الوسيط الذي يقربنا قليلا حين يتحدث عن كون الغاسول هو ما يغتسل به كالصابون، فإن المعاجم الأخرى صمتت عن تعريف هذه المفردة وربطها بأصلها الجيولوجي، فلا معجم تاج العروس ولا صحاح في اللغة لم يتناولاه في تعريفاتهما... محاولة البحث في مناحي أخرى، غير علم المصطلحات الذي أبان عن عجزه في إفادتنا قادتنا (أي المحاولة) إلى علم الإشهار، ففي عملية بحث عن هذه المادة في المواقع الاجتماعية، صادفنا التعريف التالي: الغاسول (المغربي) هو طين رغوي، نسبة إلى الرغوة الطبيعية الموجودة فيه وذلك بفعل احتوائه على سيليكات الماغنيسيوم حيث يساهم هذا الطين في إزالة الأوساخ التي تتغلغل في مسام الجلد، وهو ممزوج بزيوت أساس وبسبعة من الأعشاب الطبيعية ومنها الورد والقرنفل والخزامى والقصعين والساريت وأكليل الجبل وهذا المزيج من الأعشاب والزهور له دور مختلف في تحسين الدوران الدائري للجد والشعر كما يضفي عليهما نعومة ونظافة. هذا التحديد يضعنا في صلب الخلاف المفاهيمي بين عائلة الصفريوي والموظفين العموميين في حكومة صاحب الجلالة، فبينما يعتقد علماء عائلة الصفريوي أن الطين هو معدن، ربما لاحتوائه على مادة الماغنيسيوم، وبالتالي تعود فيه سلطة القرار للموظف العمومي المكلف بالطاقة والمعادن يرى علماء الحكومة أن الغاسول هو منتوج مقالع، يعود تدبيره للموظف المكلف بنشر لوائح المستفيدين من رخص استغلال هذه المقالع، أي السيد عبدالعزيز الرباح.. قد نتعب ونحن نحاول البحث عن الفرق بين المنجم والمقلع، كيف يحتاج الأول إلى سراديب في جوف الأرض، لاستخراج المعدن في شكل هو أقرب إلى الرمال منه إلى الحجر الذي يستخرج من المقالع والتي تكون ظاهرية على سطح الأرض لا في جوفها... حشرنا في هذا التنابز العلمي وهذا الصراع المفاهيمي، ينسينا حقيقة استعمال هذه المادة من طرف المواطنين، خاصة النساء منهم، وكذا مسؤوليته عن توفير الكثير من المتعة لهم ولهن، حين يستقبل الرجل منهم خليلته أو زوجته وهي خارجة للتو من حمامها بعد ترطيب جسدها بمادة الغاسول، وكيف تنزلق يده على جلدها الذي أصبح ناعما بفضل مجهودات آل الصفريوي بكل ما يترتب عن هذه النعومة من غواية وشبق وسعادة... الجانب الأسوأ فيه، حين يلج الرجل بيته، خاصة حديثي الزواج، بعد أن تستقر المرأة في منزلها، وتنزع عنها كل مظاهر التجميل، ليجدها وهي تستعد للولوج إلى الحمام، وعلى رأسها خرقة بيضاء متسخة بالحناء الممزوج بالغاسول على رأسها، وعلى خديها تلك السواقي الخضراء التي اعتصرت من رأسها بفعل شدة ضغط الحزم.... ليتساءل الرجل، إن كانت هذه المرأة هي التي أغوته ذات لقاء بأناقتها؟ هذا البعل بالضبط، هو من يفاجئ وزوجته تخبره أنها حامل، وأن أعراض الوحم التي انتابتها تثير لديها شهية قضم أجزاء من الغاسول، ليولد الصبي بمناعة ضد الاحتكار الذي تمارسه عائلة الصفريوي على هذا الخير الوطني... بقي أن نشير فقط أن 27 ألف هكتار من أرض هذا الوطن، في يد عائلة واحدة، بموجب دفتر تحملات فُصِلَ على مقاسها، هو أمر مؤلم بعض الشيء، وفيه من "الحكرة" ما يمكنه أن يستنبت الكثير من السؤال والحقد، خاصة والمعلومات تتواتر أن هذه العائلة ترفض أن تقاسمها شركات أخرى استغلال هذه المساحة، والتي تفوق مساحة دول عديدة...