... لم يكن الإسلام في تلك الفترة مصدر تساؤلات بالنسبة لي، والكلام هنا للراحل عبد السلام ياسين، المرشد العام لحماعة عبد السلام ياسين، وهو يقصد بالضبط فترة مع قبل منتصف العقد السادس من القرن الماضي، لأنه "لم يكن في تكويني أية بادرة تدل على أنني سأنطلق يوما في اتجاه الاحتجاج أو معارضة الواقع الذي تعيشه الأمة"، يضيف عبد السلام ياسين في كتاب "الإسلام السياسي صوت الجنوب" لصاحبه "فرانسوا بورجا". كان ما يزال حينها عبد السلام ياسين شابا، ولم يكن حينها ما يجره إلى "الاحتجاج أو معارضة الواقع الذي تعيشه الأمة"، إلى أن اشتعلت الومضة الإلهية التي كانت بداخله:"... إن الكلمات تغطي الحقيقة، والحقيقة أنه توجد في الإنسان، في أي إنسان، تلك الومضة الإلهية التي تنتظر إشعالها، التي تنتظر أن تعود إلى النشاط. وفي ما يخصني يضيف عبد السلام ياسين في نفس المرجع يمكنني القول إنني في عام 1965، عشت ما قد نطلق عليه «أزمة روحية»، ليست صحوة عفوية، أو شيئا من هذا القبيل، وفي الحدود التي تتيح معنى للمصادفة عند من يؤمن بالله وبالقدر. لا، لم تكن صلتي بالدين قد انقطعت. تعلمت القرآن عندما كنت صغيرا، وذهبت إلى الكُتاب بمدرسة بن يوسف بمراكش، وكان تكويني في البداية تقليديا: القرآن والفقه، ولم أبدأ في تعلم الفرنسية إلا في سن التاسعة عشرة، بينما كنت أواصل دراستي في كلية المعلمين، وبحكم هذا التكوين التقليدي كنت أعيش وفقا للتعاليم الإسلامية بطريقة فطرية، أي أنني كنت أؤدي الصلاة وأقوم أحيانا بتلاوة القرآن الكريم لكي لا أنسى تماما ما سبق أن حفظته منه عن ظهر قلب، وكان من المعروف - في الأوساط التي كنت أتردد عليها - أنني رجل «في حاله»، وفي سن العشرين أصبحت موظفا، ثم مدرسا للغة العربية، وفيما بعد مفتشا، وطوال هذه الفترة كنت سمحا في طريقة اتباعي تعاليم الدين الإسلامي .. سمحا و"لطيفا" أليس كذلك؟" يقول عبد السلام ياسين للكاتب الفرنسي "فرانسوا بورجا" في كتابه "الإسلام السياسي صوت الجنوب" ثم يضيف:" ولم تكن في تكويني أية بادرة تدل على أنني سأنطلق يوما في اتجاه الاحتجاج أو معارضة الواقع الذي تعيشه الأمة".
هكذا التحق الراحل ياسين بالسياسة، لكن بطريقته، وبمفهومه.
إنها إذن الومضة الإلهية، أو "الأزمة الروحية"، والتي يشرح دلالاتها ومضمونها وانعكاساتها عليه في نفس الكتاب:"وفي سنة 1965، عندما كان عمري 38 سنة، مررت فجأة بهذه الأزمة. لقد قرأتم في الغالب هذه السيرة الذاتية التي يروي فيها المسيحيون أو المسلمون أو البوذيون ... مثل هذه الصحوة الروحية التي يعيشونها في حوالي الأربعين، ووجدت نفسي أترك فجأة الكتب التي كنت أقرؤها، وكتب الثقافة الأجنبية، لكي أنطلق في البحث عن الله".