قررت الهيئة التنفيدية لفبيدرالبة اليسار الديمقراطي المشكلة من الحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة الاشتراكي وحزب المؤتمر الاتحادي، في اجتماعها بالدار البيضاء وبأغلبية أعضائها المشاركة في كل الاستحقاقات الدستورية المقبلة من انتخابات جماعية وبرلمانية وغرف مهنية. وهذه هي المذكرة التي توصلت بها « فبراير.كوم »، والتي وجهتها الفيدرالية إلى وزارة الداخلية: إلى السيد وزير الداخلية وزارة الداخلية- الرباط الموضوع: مذكرة حول الإعداد للانتخابات المقبلة و مسودة مشروع القانون التنظيمي للجهة. تحية احترام و تقدير، وبعد، تتشرف أحزاب فيدرالية اليسار الديمقراطي المشكلة من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، المؤتمر الوطني الاتحادي و الحزب الاشتراكي الموحد، أن تضع بين أيديكم مذكرة تتضمن تصورنا للشروط و الإجراءات الكفيلة بتنظيم انتخابات جماعية نزيهة وشفافة وفق المبادئ الديمقراطية الحقة، بالنظر لأهمية انتخاب المجالس المحلية في تحقيق التنمية و وضع بلادنا على مسار الممارسة الديمقراطية الحقيقية و كذا ملاحظاتنا و اقتراحاتنا بخصوص مسودة مشروع القانون التنظيمي للجهة. وتقبلوا تحياتنا واحترامنا. مذكرة: تقديم: بالنظر لما تكتسيه الانتخابات المحلية من أهمية كبرى في سيرورة البناء الديمقراطي الحقيقي من خلال تقوية الديمقراطية المحلية و إرساء حكامة محلية ناجعة و ضامنة لشروط التنمية المتكافئة، اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا، بين مختلف مناطق المغرب، و اعتبارا لكون محطة الانتخابات المقبلة هي الانتخابات المحلية الأولى في ظل دستور 1 يوليوز 2011، و الذي جاء كنتيجة لحراك شعبي شكلت مطالب التنمية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية دعائمه الأساسية، فإن إجراء هذه الانتخابات يقتضي توفير الشروط السياسية و القانونية الضرورية لجعل هذه المحطة الانتخابية نزيهة و شفافة وفق مبادئ الديمقراطية الحقة، و جعلها مدخلا لتخليق الممارسة الانتخابية ببلادنا، و القطع النهائي و الحازم مع ممارسات الفساد السياسي والانتخابي التي ميزت المحطات السابقة، و التي أفضت، في غالبيتها، إلى تشكيل مجالس تمثيلية فاقدة لأية شرعية انتخابية و أفرزت نخبا فاسدة همها الوحيد هو حماية مصالحها الخاصة و نهب المال العام. الأمر الذي كانت له انعكاسات كارثية على بلادنا، لعل أخطرها فشل الجماعات المحلية في تحقيق التنمية، و تدهور الخدمات و البنيات التحتية المحلية و تدمير المقدرات البيئية و التاريخية و الثقافية للقرى و المدن المغربية، إضافة إلى تكريس فقدان ثقة شرائح واسعة من المواطنات و المواطنين في العمليات الانتخابية و استنكافهم عن المساهمة الفعلية في تدبير الشأن العام. ولا شك أنه مهما كانت جودة النصوص القانونية المؤطرة للحياة السياسية والعمليات الانتخابية، فإنها تبقى غير كافية بل وعاجزة عن الانتقال ببلادنا إلى مستوى الممارسة الديمقراطية السليمة إذا لم تواكبها إرادة سياسية حقيقية للدولة تسعى للتأسيس لمرحلة جديدة يخضع و يحتكم فيها الجميع لسلطة القانون و صناديق الاقتراع في إطار مناخ سياسي ينبني على قواعد المنافسة السياسية الشريفة بين الفرقاء السياسيين، و يضمن الاحترام الكامل للإرادة الشعبية، و يكفل حرية الرأي و التعبير و التنظيم للأفراد و الجماعات. و عليه ستتناول هذه المذكرة محورين أساسيين: المحور الأول: توفير شروط مناخ سياسي جديد ومتطلبات نزاهة الانتخابات المحور الثاني: ملاحظات و اقتراحات حول مسودة مشروع القانون التنظيمي للجهة المحور الأول: توفير شروط مناخ سياسي جديد و متطلبات نزاهة الانتخابات انطلاقا مما سلف، فإننا، في فيدرالية اليسار الديمقراطي، نرى أن إرساء أسس الديمقراطية المحلية الحقيقية و بلوغ التنمية المجالية الفعالة و التدبير المحلي الجيد، محليا إقليميا و جهويا، يتطلب تحمل الدولة لكامل مسؤولياتها في تحقيق المصالحة مع المجتمع و الهيئات السياسية و الحقوقية والنقابية، و إعداد الشروط الكفيلة بخلق جو الثقة و التعبئة و الإرادة الجماعية و الحرة للمواطنات و المواطنين قصد الإسهام الفاعل في تدبير الشأن العام، حتى تتحقق في العمليات الانتخابية المقبلة كامل المصداقية و النزاهة و الشفافية. وتأسيسا على ذلك فإن الدولة مطالبة باتخاذ مجموعة من التدابير و الإجراءات، نذكر أهمها: أولا: توفير المناخ السياسي الحر ذلك لضمان حرية المنافسة السياسية الشريفة و تحقيق غاياتها النبيلة، و التشجيع على المشاركة السياسية والانتخابية، و إعادة الثقة للمواطنين في جدوى العمل السياسي، من خلال: إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وإلغاء جميع المتابعات القضائية في حقهم، ووضع حد لكل الممارسات اللاقانونية و الملفات المصطنعة؛ تجريم كل الممارسات التي تضرب في العمق مبدأ نزاهة و مصداقية الانتخابات مع تحريك المتابعات القضائية للحد من الحملات الانتخابية السابقة لأوانها. تنفيد و تفعيل جميع التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف و المصالحة محاربة الفساد و وضع حد للإفلات من العقاب ثانيا: الالتزام بمبادئ الديمقراطية الحقة و نزاهة الانتخابات و ذلك بهدف إجراء انتخابات نزيهة و شفافة، و الحد من التزوير أو التأثير أو التلاعب بالإرادة الشعبية التي تعبر عنها صناديق الاقتراع، من خلال: تحلي أجهزة الدولة على مختلف مستوياتها، بالحياد الإيجابي عبر الالتزام بعدم دعم أو توجيه أو محاباة أو خدمة أية جهة سياسية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، و التدخل الفوري لمحاربة كافة أشكال و تمظهرات الفساد الانتخابي و السياسي، إعادة النظر في التقطيع الانتخابي بإحداث دوائر انتخابية على قاعدة التساوي النسبي في عدد الناخبين، السهر على تكافؤ الفرص بين الأحزاب السياسية في التمويل العمومي و الولوج لوسائل الإعلام العمومية، نشر كل القوانين و المعطيات و اللوائح المتعلقة بالعملية الانتخابية على الانترنيت (الموقع الالكتروني للجهة المشرفة على تنظيم الانتخابات)، و داخل مقرات الجماعات المحلية و العمالات و الأقاليم و الجهات، و وضعها رهن إشارة الأحزاب السياسية. مع تمكين المواطنين و الأحزاب من حق الطعن و المطالبة بتصحيحها. تبسيط شروط المشاركة الانتخابية و تبسيط مساطر الترشيح، و ضمان حرية التعبير و الرأي و الدعاية الحرة، و حرية التجمع و التواصل مع الناخبين. ضمان حق الطعن في القوانين والمراسيم المنظمة للعملية الانتخابية، وكذا القرارات و الإجراءات المتخذة من طرف الجهة المشرفة على الانتخابات، و التي تتعارض مع نزاهة الانتخابات، و المبادئ الدستورية، و خاصة مبادئ الحياد والمساواة والشفافية. التنصيص الصريح على مساءلة ومحاسبة المشرفين والمسؤولين على تدبير عملية الانتخابات، و إقرار عقوبات زجرية بحق كل من يساهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، في التزوير أو التأثير على إرادة الناخبين، أو المساس بنزاهة و شفافية العملية الانتخابية. ثالثا: إحداث هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات حتى لا تبقى الانتخابات في بلادنا متخلفة عن مسايرة التوجه الدولي الديمقراطي في تدبير الانتخابات عبر تشكيل لجن محايدة للإشراف على الانتخابات و إدارتها، و حتى لا تبقى العملية الانتحابية عرضة لشبهة التزوير وغياب المصداقية والنزاهة خاصة في ظل الترسبات التاريخية للتلاعب بإرادة الناخبين و صناديق الاقتراع خلال المحطات السابقة، يتعين: إحداث هيئة وطنية تتمتع بالاستقلالية و الحياد و الشفافية للإشراف على الانتخابات يتم تأسيسها بمقتضى قانون يصدر عن البرلمان، ومشكلة من أشخاص مشهود لهم بالنزاهة والاستقامة وتضم في عضويتها الأحزاب السياسية والنقابات ويرأسها الرئيس الأول لمحكمة النقض باعتباره رئيس أعلى هيئة قضائية بالدولة إلى جانب رئيس المحكمة الدستورية. رابعا: إعداد لوائح جديدة للهيئة الناخبة بهدف الحرص على مصداقية اللوائح و مطابقتها للواقع و خلوها من الشوائب و التلاعبات، اعتبارا لأن اللوائح الانتخابية هي القاعدة الأساسية لنزاهة الانتخابات. خاصة و أن اللوائح الحالية عرفت إفسادا كبيرا عند وضعها في البداية، و هو ما لم تتمكن عمليات المراجعات الجزئية من تداركه. و ذلك من خلال: إلغاء اللوائح الانتخابية الحالية، و اعتماد التسجيل التلقائي على قاعدة بطاقة التعريف الوطنية، نشر اللوائح الانتخابية على الانترنيت وبمقرات الجماعات المحلية والعمالات و الأقاليم أربعة أشهر على الأقل قبل موعد الانتخابات، ضمان حق المواطنين و الأحزاب و المراقبين الدوليين في مراقبة اللوائح الانتخابية، خامسا: ضبط أهلية الترشح للانتخابات و ذلك لقطع الطريق أمام المفسدين و تجار الانتخابات في الولوج إلى المجالس التمثيلية، والمساهمة في خلق نخب سياسية محلية وجهوية قادرة على تدبير الشؤون المحلية وتحقيق التنمية المنشودة. و ذلك من خلال: منع الترشح للانتخابات على كل المتورطين في جرائم نهب المال العام و المس بحقوق الإنسان و التهرب الضريبي، و الاتجار بالبشر و المخدرات، و مهربي الأموال، و المتورطين في تزوير الانتخابات وإفسادها بأي شكل من الأشكال، و جميع الأشخاص الذين وردت أسماؤهم كمتلاعبين بالمال العام في تقارير المجلس الأعلى للحسابات أو المجالس الجهوية للحسابات أو تقارير هيآت التفتيش الترابية والمالية؛ إلزامية الإدلاء بشهادة إبراء الذمة الضريبية في ملف الترشيح بالإضافة إلى شهادة السوابق العدلية، كما نطالب بتغيير المادة 55 من القانون التنظيمي للأحزاب السياسية والمادة 8 من القانون التنظيمي رقم 59.11 الخاص بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية لتعارضها مع فلسفة اتحادات الأحزاب، ونعتبر حرمان اتحادات وتكتلات الأحزاب بمقتضى المادتين المذكورتين من تقديم لوائح مشتركة باسم الاتحاد تشجيعا على استمرار البلقنة الحزبية، ومنعا لعملية تشكيل أقطاب سياسية واضحة. سادسا: إعادة النظر في التقطيع الانتخابي للجماعات الترابية و نمط الاقتراع و ذلك لضمان تدبير مجالي فعال يسمح بالاستثمار الأمثل و المتكافئ للمقومات البشرية و الطبيعية و الاقتصادية و الثقافية و التاريخية بما يضمن تحقيق التنمية الشاملة لكل جهات المغرب، من خلال: تقوية حس الانتماء الجهوي في إطار المغرب الموحد، عبر اعتماد تقطيع جهوي يراعي المؤهلات الاقتصادية و الطبيعية لكل جهة و تجانس موروثها الثقافي و الحضاري، بما يمكن من إحداث جهات قوية قادرة على مواجهة و حل الإشكاليات التنموية و التنافسية الاقتصادية، على ألا يتجاوز عدد الجهات بالمغرب 10 جهات. عدم الاعتماد على العمالات و الأقاليم كوحدات في التقطيع الجهوي المقبل، حتى لا تتحول الجهة إلى مجرد كنفدرالية عمالات أو أقاليم. مع ما يقتضيه ذلك من إمكانية إدماج أو تفكيك بعض هذه العمالات أو الأقاليم خدمة للتقطيع الجهوي المتوازن و الناجع. مراجعة التقطيع الترابي للدوائر الانتخابية المحلية على قاعدة مبدأ المساواة و التوازن في عدد الناخبين بين الدوائر الانتخابية، عرض التقطيع الجهوي و التقطيع الترابي للدوائر المحلية على جميع الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني لإبداء الرأي، إقرار التقطيع النهائي، المحلي و الجهوي، بمقتضى قانون يصدر عن البرلمان. توحيد نمط الاقتراع واعتماد نظام الاقتراع اللائحي النسبي مع أكبر البقايا وبدون عتبة باعتباره النظام الذي يضمن المساواة بين الأحزاب ويعطي لكل ذي حق حقه ويضمن التعددية الحزبية. سابعا: المساواة بين جميع الأحزاب في التمويل و الإعلام العموميين و ذلك بهدف محاربة الفساد الانتخابي و شراء الذمم، و تحجيم دور النفوذ المالي، و ضمان المنافسة السياسية الشريفة و الشفافة بين الأحزاب السياسية، و احترام مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع الأحزاب في التمويل و الإعلام العموميين. و ذلك من خلال: استفادة جميع الأحزاب من التمويل العمومي للانتخابات بشكل متكافئ مع مراعاة عدد المترشحين. اتخاذ إجراءات ردعية حقيقية لمحاربة استعمال المال في إفساد العمليات الانتخابية. وضع تقرير محاسباتي نموذجي لمصاريف الانتخابات، يكون الإدلاء به ملزما لجميع الأحزاب السياسية. تعديل القانون التنظيمي المنظم للأحزاب السياسية والمرسوم التطبيقي له في موضوع التمويل العمومي للأحزاب وخاصة المادة 32 و 34 وإلغاء شرط المشاركة في الانتخابات، لكونه يتعارض مع مبدأ حرية المشاركة في الانتخابات وحرية الرأي والتعبير ومبدأ المساواة وحق جميع الأحزاب في الاستفادة من التمويل العمومي. تخصيص حصص متساوية في البث الإعلامي لجميع الأحزاب، و ضمان حق كل المترشحين في الاستفادة من حصص متساوية في وسائل الإعلام. ثامنا: تبسيط و ضمان نزاهة عملية التصويت بهدف تسهيل عملية المشاركة الانتخابية، و تفادي أية محاولة للتزوير أثناء عملية التصويت، و ذلك من خلال: اعتماد التصويت ببطاقة التعريف الوطنية؛ تزويد كل مكاتب التصويت بنظام معلوماتي لا يسمح للناخب بالإدلاء بصوته أكثر من مرة. أن يبصم الناخب ( ة) بعد التصويت أمام اسمه في سجل التصويت. تاسعا: الحزم في متابعة و معاقبة المتلاعبين بالعملية الانتخابية بهدف تخليق العملية الانتخابية و القضاء على كل أشكال الفساد الانتخابي، من خلال: التزام السلطات العمومية بالتخلي عن الحياد السلبي و معاقبة كل المتورطين في تزوير أو تدليس أو التلاعب بالعملية الانتخابية. محاربة صارمة لكل أشكال الاستمالة غير المشروعة لأصوات الناخبين، من استعمال المال أو الوعد به أو الوعد بمنافع مادية أو استغلال للدين أو للنفوذ، التعجيل بالتحقيق في الجرائم الانتخابية و عدم التهاون أو التسامح مع المتلاعبين في العملية الانتخابية من خلال تحريك متابعات قضائية مستعجلة و ملاحقة ومعاقبة مرتكبيها، مع تشديد العقوبات ضد الأشخاص المتورطين في الفساد الانتخابي تطبيق الجزاءات القانونية في حق المتورطات والمتورطين في الفساد الانتخابي. المحور الثاني: ملاحظات و اقتراحات حول مسودة مشروع القانون التنظيمي للجهة إن أية مقاربة جديدة لمسألة الجهوية بالمغرب يجب أن تستحضر نواقص و معيقات التجارب الجهوية السابقة و فشلها في تحقيق التنمية المنشودة و تحسين ظروف عيش المواطنين، كما عليها استحضار المتغيرات المحلية و الإقليمية و الدولية في أبعادها السياسية و الاقتصادية و الثقافية، و أن تؤسس لممارسة ديمقراطية حقيقية تستجيب للطموحات و الانتظارات المشروعة للشعب المغربي في التنمية و الكرامة و العدالة الاجتماعية. كما يتعين العمل على جعل محطة إصلاح النظام الجهوي هاته فرصة تاريخية لمعالجة التفاوتات المجالية التي أفرزتها التجارب السابقة، عبر اعتماد نظام جهوي يرتكز على مقومات التدبير المجالي الحديث، و يقوم على تقطيع ترابي متوازن يراعي المؤهلات المادية والبشرية و الاقتصادية و الطبيعية و الاجتماعية بغية الاستغلال الأمثل للثروات الجهوية وتحقيق التنمية العادلة لمجموع الجهات مع ضمان مبدأ التضامن و التكامل. إضافة إلى ترسانة قانونية و تنظيمية كفيلة بتحصين الممارسة الديمقراطية و تقوية المشاركة الفعلية للمواطنين في تدبير شؤونهم المحلية و الجهوية و توسيع مجال الاختصاصات الجهوية لتشمل صلاحيات واسعة و ح تشريعية. و هو ما سيشكل، من جهة، حلا جذريا للإشكاليات المرتبطة بالتنمية الشاملة و تدبير المجال و الارتقاء بالتدبير الديمقراطي المحلي، كما يشكل، من جهة أخرى، مدخلا أساسيا لحل مشكلة الصحراء المغربية عبر تمكين جهة الصحراء المغربية من نظام جهوية سياسية، بما يجعل من الجهة لبنة أساسية في بناء المغرب الديمقراطي الموحد. أولا: ملاحظات حول مسودة مشروع القانون التنظيمي للجهة نسجل، في فيدرالية اليسار الديمقراطي، أن مسودة مشروع القانون التنظيمي للجهة جاءت مخيبة للآمال ولم تستجب لانتظارات المواطنين في تدبير شؤونهم الجهوية بشكل ديمقراطي كما ينص على ذلك الدستور المغربي (الفصل 136). و يمكن رصد بعض نواقص مشروع القانون في النقط التالية: اتساع تدخلات السلطة الحكومية و اختصاصات والي الجهة كممثل للحكومة: أكثر من 70 تدخلا... تعدد تدخلات الحكومة المركزية ) المواد 52، 54، 55، 83، 119، 129، 130، 143، 152، 154، 175، 186، 201، 218، 228، 234، 236، 251.... (، وهو ما يتعارض مع الفصل 140 من الدستور الذي يمنح للجهات سلطات تنظيمية. غياب التوازن بين سلطات رئيس الجهة و والي الجهة، و منح الولاة صلاحيات واسعة و أكبر من سلطات رؤساء الجهات، خاصة حق الرقابة الإدارية القبلية والبعدية) المواد 5، 13، 14، 15، 25، 35، 36، 40، 44، 46، 50، 51، 68، 71، 77، 80، 101، 102، 103، 189، 193، 197، 206، 208، 221، 228، 229، 230، 249... (، وهو ما يتعارض مع الفصل 136 من الدستور الذي ينص على مايلي:" يرتكز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر" والفصل 146 من الدستور الذي منح الجهات حق " تدبير الجهات لشؤونها بكيفية ديمقراطية" تشديد المراقبة القبلية و مراقبة الملاءمة (المصادقة) على القرارات المتعلقة بالمجالات الحيوية كالميزانية، منح الحكومة حق التعيين في الوظائف بالجهة بدل رئيس الجهة؛ استعمال تعابير و مصطلحات فضفاضة، و عدم دقة اختصاصات الجهة (كمثال المواد 105 و 110..) اتساع هامش السلطة التقديرية للحكومة (المواد 110، 111، 126..) غياب اشتراط مستوى الكفاءة و الأهلية التعليمية في عضوية المجلس الجهوي؛ منح رئيس الجهة سلطات أكبر ضمن تشكيلة المكتب وتغييب أي دور لأعضاء مكتب الجهة؛ ضعف مقاربة النوع، غياب التنصيص على دور المعارضة في المجلس الجهوي، المقاربة التشاركية المقترحة شكلية وبناء على ذلك فإننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي نعترض علي مسودة مشروع القانون في صيغته الحالية، ونطالب بإعادة النظر فيه بشكل جذري. وفيما يلي مقترحاتنا بخصوص ما ينبغي أن يتضمنه القانون التنظيمي للجهوية ببلادنا. ثانيا: مقترحات فيدرالية اليسار الديمقراطي بخصوص مسودة مشروع القانون التنظيمي للجهة تقوم رؤية فيدرالية اليسار الديمقراطي على مجموعة من الأسس و المرتكزات الكفيلة بالنهوض بالتجربة الجهوية بالمغرب وفق ما تقتضيه شروط الممارسة الديمقراطية الحقيقية. و فيما يلي مجموعة من الاقتراحات قيقية، تنفيذية و بخصوص تعديل مقتضيات مسودة المشروع بما يسهم في بلورة قانون تنظيمي قادر على تجاوز نواقص التجارب السابقة و تحقيق التنمية الشاملة و العدالة الاجتماعية و تحسين ظروف عيش المواطنات و المواطنين و في إطار تدبير ديمقراطي حديث للشأن المحلي و الجهوي يحترم قواعد الحكامة المجالية الفعالة. و هي: 1- جهوية متقدمة بمضمون سياسي بدل الوقوف عند نظام الجهوية الإدارية: نحن مع نظام جهوي بمضمون سياسي، يعطي للجهات صلاحيات تنفيذية و تشريعية تهم المجال الجهوي، في إطار وحدة الوطن. 2- تبني نمط الاقتراع اللائحي النسبي بأكبر بقية: يتم انتخاب جميع أعضاء وعضوات المجلس الجهوي بالاقتراع المباشر على قاعدة الاقتراع اللائحي النسبي مع أكبر البقايا، وبدون عتبة. و تشكل الجهة دائرة انتخابية واحدة. 3- الهياكل الجهوية: تتكون هياكل الجهة من: – مجلس جهوي (له طابع تقريري(؛ – رئاسة المجلس وتضم الرئيس ونوابه؛ – مكتب تنفيذي، يرأسه رئيس (رئيس الجهة)، – لجان قارة. 4- انتخاب أعضاء المجلس الجهوي و رئاسة المجلس و أعضاء المكتب التنفيذي: توضع الترشيحات لعضوية المجلس الجهوي لدى الجهة المشرفة على الانتخابات، ينتخب رئيس المجلس (رئيس الجهة) بالاقتراع المباشر و العلني و في نفس الجلسة ينتخب نوابه يدعو رئيس الجهة إلى جلسة عمومية تخصص لانتخاب أعضاء المكتب التنفيذي بالتصويت العلني، 5- أهلية أعضاء المجلس الجهوي و أعضاء رئاسة المجلس التقريري والمكتب التنفيذي: يجب ألا يقل المستوى الدراسي لأعضاء المجلس الجهوي عن شهادة البكالوريا، يجب ألا يقل المستوى الدراسي لأعضاء رئاسة المجلس التقريري و المكتب التنفيذي عن شهادة الإجازة. 6- اختصاصات هياكل الجهة: بعد انتخاب المكتب التنفيذي يتقدم رئيسه ببرنامج عمل أمام المجلس في جلسة عمومية، يهم مجالات اختصاصات الجهة، وتجري مناقشته والمصادقة عليه من طرف المجلس. كما يقدم المكتب التنفيذي مشروع ميزانية سنوية تجري مناقشتها والمصادقة عليها في جلسة عمومية. يقدم رئيس المكتب التنفيذي تقريرا سنويا يستعرض فيه مراحل تنفيذ البرنامج الذي صادق عليه المجلس في أول دورة جهوية. تتم مناقشة التقرير السنوي من طرف المجلس ، وإذا صوتت الأغلبية المطلقة ( 50% + 1) بالرفض، تتم إقالة المكتب التنفيذي، وانتخاب مكتب جديد. يحدد القانون التنظيمي اختصاصات المكتب التنفيذي واختصاصات رئيسه، وتتلخص في تنفيذ مقررات وبرامج المجلس الجهوي. تتلخص اختصاصات رئاسة المكتب الجهوي (الرئيس و نوابه) في: وضع جداول الأعمال بتنسيق مع المكتب التنفيذي؛ الدعوة لعقد الدورات؛ انجاز تقارير مداولات المجلس ومقرراته؛ التنسيق بين لجان المجلس القارة؛ تلقي عرائض ملتمس الرقابة ؛ تلقي الأسئلة الشفوية والكتابية وإحالتها على المكتب التنفيذي؛ و تلقي عرائض المواطنين وجمعيات المجتمع المدني. يعتبر رئيس الجهة الممثل القانوني للجهة، و السلطة الرئاسية للمصالح التابعة للجهة (الآمر بالصرف، سلطة التعيين و التوظيف و الترقية...) يحدد القانون التنظيمي اختصاصات كل من المكتب التنفيذي والمكتب الجهوي ومهام لجان المجلس القارة، و دور المعارضة وعلاقة المجلس بالمواطنين وجمعيات المجتمع المدني في إطار الديمقراطية التشاركية واليات الحوار والتشارك والتشاور. كل مجلس جهوي ملزم بوضع مخطط اقتصادي واجتماعي ثلاثي يهم جميع مجالات اختصاصات الجهة. ويشارك في وضع هذا المخطط المصالح الخارجية للحكومة وجمعيات المجتمع المدني. تقليص صلاحيات الوالي و توسيع صلاحيات مجلس الجهة و المكتب الجهوي، إعطاء رئيس الجهة الحق في اللجوء إلى القضاء في حال امتناع والي الجهة عن القيام بما يلزم لتنفيذ مقررات المجلس الجهوي أو في التنسيق بين المصالح الخارجية بالجهة إعطاء رئيس الجهة حق الطعن في حال التطاول على اختصاصات مجلس الجهة 7- تعزيز مقاربة النوع: يجب ضمان تمثيلية النساء في المجالس الجهوية في حدود الثلث على الأقل، اشتراط تضمين اللوائح الانتخابية لنسبة الثلث على الأقل من النساء، ضرورة التمثيلية النسائية في نيابة رئيسة أو رئيس المجلس التقريري، ضرورة ضمان التمثيلية النسائية في المكتب الجهوي والمكتب التنفيذي، ضرورة ترأس امرأة لأحدى اللجن القارة. 8- حالات التنافي: لا يجوز الجمع بين العضوية في المكتب التنفيذي للجهة ورئاسة مجلس جماعة ترابية أخرى، أو بين العضوية في المكتب التنفيذي للجهة ورئاسة غرفة مهنية، أو بين العضوية في المكتب التنفيذي للجهة و عضوية البرلمان أو منصب وزير أو كاتب الدولة، كما لا يجوز الجمع بين العضوية في المكتب التنفيذي للجهة أو رئاسة مجلسها التقريري والعضوية في المجلس الأعلى للحسابات أو مكاتب مؤسسات وهيئات حماية حقوق الإنسان والحريات و الحكامة الجيدة و التنمية البشرية و المستدامة و الديمقراطية التشاركية المنصوص عليها في الدستور. لا يمكن الجمع بين رئيس المجلس التقريري للجهة و عضوية البرلمان لا يحق لرئيس المكتب التنفيذي للجهة أو رئيس مجلسها التقريري تحمل نفس المسؤولية أكثر من ولايتين. 9- تعزيز دور المعارضة: تترأس المعارضة لزوما لجنة من اللجان القارة للمجلس الجهوي. يحق لمجموعة من الأعضاء بالمجلس الجهوي تقديم ملتمس رقابة ضد المكتب التنفيذي. ويتطلب ذلك توقيع عريضة موقعة من طرف ربع (1/4) أعضاء المجلس وإيداعها لدى رئاسة المجلس التقريري. والرئاسة ملزمة بدعوة المجلس لعقد دورة استثنائية لمناقشة ملتمس الرقابة، وفي حالة المصادقة عليه بالأغلبية المطلقة تتم إقالة المكتب التنفيذي وانتخاب مكتب جديد. من حق أعضاء المجلس التقريري توجيه أسئلة كتابية و شفوية إلى رئيس و أعضاء المكتب التنفيذي. 10- إلغاء الرقابة الإدارية: إلغاء وصاية الملاءمة و الرقابة الإدارية القبلية، و الاكتفاء برقابة المشروعية و الطعن في مقررات المجلس لدى المحاكم الإدارية (القضاء الاستعجالي) من حق الإدارة الترابية أو أعضاء المجلس والمواطنين و جمعيات المجتمع المدني اللجوء إلى القضاء الإداري للطعن في مقررات المجلس. 11- جدول أعمال الدورات: تضع رئاسة المجلس التقريري جدول الأعمال النهائي للدورات من خلال المقترحات الواردة عليها من طرف المكتب التنفيذي ووالي الجهة والفرق الجهوية وعرائض المواطنين. وتحدد مواعيد الدورات وتخبر بها الأعضاء والعضوات عن طريق إشعارات مكتوبة بثلاثة أيام على الأقل. كما يتم إخبار العموم بتاريخ الدورة ومكانها وجدول أعمالها بوسائل الإعلام المتاحة. 12- الدورات الاستثنائية: يجوز للمجلس الجهوي عقد دورة استثنائية بطلب من المكتب التنفيذي للمجلس؛ أو من ثلث أعضاء المجلس؛ أو عند توصل رئاسة المجلس التقريري بملتمس للرقابة. 13- عرائض المواطنين و جمعيات المجتمع المدني: طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 139 من الدستور، يحق للمواطنين ولجمعيات المجتمع المدني تقديم عرائض لمجلس الجهة قصد إدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعمال المجلس. تقدم العرائض بالنسبة للمواطنين من طرف 500 مواطنة ومواطن بدل 1000كما هو منصوص عليه في المسودة. يحق لواضعي العرائض وجمعيات المجتمع المدني المرفوضة عرائضهم رفع دعوة قضائية أمام المحكمة الإدارية المختصة. 14- اختصاصات الجهة: تضاف إلى اختصاصات الجهة الواردة في المادة 121 من المسودة :التعليم و التكوين؛ الصحة؛ الرياضة؛ النهوض بالشباب؛ محاربة الفقر؛ إعداد برامج للسكن؛ اختصاصات تشريعية و جبائية تهم المجال الجهوي. تنقل الاختصاصات إلى المجالس الجهوية وبدون تمييز في ظرف زمني، انتقالي، لا يتجاوز 3 سنوات بعد انتخاب المجالس الجهوية. 15- التعيين في المناصب الإدارية: يقوم رئيس الجهة بتعيين جميع الموظفين في المناصب الإدارية بدل رئيس الحكومة أو وزير الداخلية، بما في ذلك الهيئات المنصوص عليها في مسودة المشروع: مدير إدارة المصالح الجهوية، و مدير وكالة تنفيذ المشاريع، طبقا للمعايير المنصوص عليها في الوظيفة العمومية و القوانين التطبيقية، 16- التصريح بالممتلكات: جميع أعضاء وعضوات المجلس الجهوي، و أعضاء وعضوات صندوق التأهيل الاجتماعي و صندوق التضامن بين الجهات ملزمون بالتصريح بالممتلكات في ظرف لا يتجاوز شهرا كاملا من انتخابهم أو تحملهم للمسؤولية الإدارية في الصندوقين. 17- التقطيع الترابي: لابد أن يتم التنصيص في القانون التنظيمي الخاص بالجهة على معايير ومبادئ التقطيع الترابي. مع الحرص على تقليص عدد الجهات، إعداد تقطيع جهوي وفق بعد تنموي، لإحداث جهات قوية متجانسة ذات مقومات طبيعية و اجتماعية و اقتصادية و بشرية تؤهلها لربح رهانات التنمية الشاملة و التنافسية بهدف خلق توازن مجالي. إحداث التقطيع الجهوي الجديد بمقتضى قانون يصدره البرلمان، بعد فتح مشاورات جادة و واسعة مع المواطنين والأحزاب وجمعيات المجتمع المدني.