فى إثناء زيارتي للصين (سبتمبر 2014) سئلت عن تعريفى للثورة الثقافية. قلت. لا أؤمن بالتعريفات. وأرى كطبيبة وكاتبة. أن الصحة مثلا أو الرواية تبدأ من حيث تنتهى تعريفات الأطباء والنقاد. وبالمثل تبدأ الثورة الثقافية من حيث تنتهى تعريفات الزعماء والفلاسفة: كونفوشيوس وبوذا وكارل ماركس وماوتسى تونج وغاندى ونهرو وتيتو وعبدالناصر وغيرهم. ومتى تبدأ الثورة الثقافية؟. قلت: حين تصحو من نومك ولا تطلب من زوجتك أن تجهز فطورك أو تكوى قميصك. وضجت القاعة بالضحك. فنهضت الشاعرة « لانلان ». المعروفة فى الصين. قلت: من الصعب على الرجال إدراك الحقيقة وبالذات فى حياتهم الخاصة. وإذا كانت زوجتك تشتغل مثلك خارج البيت فلماذا لا تشتغل مثلها بالبيت؟. وإذا كنت تكذب عليها وتقول إنك فى مؤتمر بينما أنت تشتغل مثلها بالبيت؟. وإذا كنت تكذب عليها وتقول إنك فى مؤتمر بينما أنت تشتغل مثلها بالبيت؟. وإذا كنت تكذب عليها وتقول إنك فى مؤتمر بينما أنت مع عشيقتك. فلمادا لا تتصور أنها تفعل مثلك؟. الثورة الثقافية تبدأ بالوعى الذاتى للرجل والمرأة. تغيير مشاعرهما المورثة فى الذاكرة وخيالهما وتفكيرهما وسلوكهما المزدوج. أى ممارسة الأمانة والصدق داخل البيت وخارجه. فلا تكون لنا حياة فى الخفاء وأخرى فى العلن. وقد أعادتنى الشاعرة « لانلان » إلى تاريخ ثورات النساء والعبيد. وكتبى اعادتنى الشاعرة « لانلان » إلى تاريخ ثورات النساء والعبيد. وكتبى المنشورة لأكثر من خمسين عاما. والمحاولات الفكرية النسائية فى العالم. لتفكيك النظام الأبوى. وهو نظام سياسى اقتصادى اجتماعى ثقافى أخلاقى. لكن الطبقات الحاكمة بالدولة أوهمت الشعوب أنه نظام إلهى ثابت (وليس بشرى متغير) وكم اريقت من دماء النساء والعبيد لتغيير هذا النظام دون نجاح إلا القليل. فى أثناء وجودى فى بكين. دار الحوار مع أدباء وأديبات وشاعرات وأساتذة وطالبات وطلاب بالجامعة. قالوا: الثورة عندنا لم تبدأ بماوتسى تونج. بل بثورة الفلاحين والفلاحات ضد العبودية والاستعمار البريطانى الفرنسى (حرب الأفيون عام 1840) هذه الثورة فتحت الطريق لثورة مايو 1919 التى أعادت قراءة تراثنا وفق أفكار لوشيون. ومهدت لثورة 1919 التى أعادت قراءة تراثنا وفق أفكار لبوشيون. ومهدت لثورة ماوتسى تونج. التى طورتها ثورة دنج شياو بينج عام 1978 تحت شعار الإصلاح والانفتاح. وهو الذى قال: لا يهم أن تكون القطة سوداء أو بيضاء. المهم أن تأكل الفيران. وبدأنا نهضتنا بالمبادئ الاشتراكية الصينية. وتشمل الاستقلال الوطنى والتقدم السياسى الاقتصادى الاجتماعى الثقافى الأخلاقى. والتخلى عن سلبيات التراث. والإبقاء على الايجابيات وتطورها واحترام المرأة ومساواتها الكاملة بالرجل فى الدولة والأسرة. إن زوجة الرئيس « تشى حين بينج » مثلا. تزاول مهنة الغناء كمطربة معروفة وتتميز الصين بأن ليس لها آلهة ولا دين. بل إن كونفوشيوس نفسه لم يدع الألوهية. وحين سألوه عن الآخرة. قال: أجهل الكثير من أمور الدنيا. فكيف أعرف شيئا عن الآخرة؟. استطاعت ثورتنا الثقافية أن تنزع القدسية عن الأباطرة والملوك. وتحولت المعابد إلى متاحف. وتخلصنا من القيود المفروضة على عقولنا بالسلطة الإلهية المتخفية فى سلطة الحاكم. فانطلق الرجل والمرأة. يفكران بحرية وشجاعة. يكسران قيودهما ويكتشفان العبودية الراسخة فى الوعى واللاشعور والخيال والضمير. قضينا على فكرة دونية المرأة والأجير بدأنا نبنى قيما جديدة تقوم، على المبادئ الانسانية. كالعدل والصدق والأمانة والحرية والمساواة والكرامة للجميع. بصرف النظر عن الاختلافات الجنسية والعقائدية والبيولوجية. لا يوجد عندنا مرجعية دينية. أصبح الدستور هو مرجعنا ويمكننا تطويره مع تزايد الوعى. كانت الاشتراكية فى عهد ماوتسى تونج محدودة بالنمو الاقتصادى. لكن الثورة الثقافية فتحت آفاقا جديدة فى كل نواحى الحياة. وأنهت عزلتنا عن العالم. شملت كل الطبقات والأجناس. لم نهمل العدالة الاجتماعية فى الدولة والأسرة لصالح السوق ورجال الأعمال. نجحنا فى تحقيق تنمية بالمشاركة الشعبية بالريف والحضر فى الإنتاج والاستهلاك. تنميتنا مسألة تلبى حاجاتنا وليس طلبات البنك الدولى والعوالم الرأسمالية. حققنا الاكتفاء الذاتى فى الزراعة والصناعة والتكنولوجيا. ربطنا المشاريع العامة بالخاصة والاقتصاد بالثقافة والمجتمع والفن والأخلاق. فالنهضة الحقيقية مشروع حضارى متكامل العناصر والأبعاد. لا تتحقق بتغيير النظام السياسى أو بالمعونات من الخارج بل بالاعتماد على الذات والتبادل المتساوي العادل مع الآخرين. تذكرت الأوجاع التى نعيشها فى مصر بعد ثورتين. لم تتغير عقولنا وخيالنا وشعورنا وقيمنا الأخلاقية. عدنا إلى الوراء فى كل المجالات، واشتدت وطأة الهيمنة الخارجية والداخلية. تصاعدت القوى الطبقية الأبوية الدينية. تضاعف القهر الاقتصادي والجنسي. اتسعت الهوة بين الحياة الخاصة والعامة. اشتد التناقض بين الظاهر والباطن. تضاعف الاستبداد فى الأسرة تحت اسم الأبوة والرجولة. يطرد الرجل زوجته فى غيابها تحت اسم الطلاق. يتزوج عليها مثنى وثلاث ورباع. رأس المرأة عورة تحت اسم شرع اللَّه تغطيه أغلبهن بالحجاب. وبعضهن تغطيه بالنقاب تحت اسم الحرية الشخصية؟.