لم يكن احد من الحكام العرب يضن ان عجلة التاريخ ستأتي على انظمتهم الفاسدة نظرا للحماية التي وصعوها لحماية حكمهم سواء عن طريق رعب شعوبهم او عن طريق معاقبتهم عقابا لا ذرة للرحمة فيه. وقد كان الحكام العرب ينسجون حولهم حاشية من الانتهازيين يستغلونها في تصريف الاموال التي تم نهبها من جيوب شعوبهم التي تئن في مستنقع الفقر والبطالة. كما سن هؤلاء الطغاة قوانين تحمي مصالحهم وتمنع الشعب من الوصول للسلطة كما سنوا قوانين تحرم على افراد الشعب التجمع وارغموا شعوبهم على العيش في حالة طوارئ بدون ان تتحقق اسبابها. ولتنفيذ هذه القوانين المجحفة فقد فصل الحكام العرب القضاء على مقاسهم وجعلوه تابعا لهم يحكم باذنهم ويفصل الفصول القانونية بالشكل الذي يتناسب مع مصالحهم. كما استعان الحكام العرب بسجون خطيرة منها ما هو معروف ومنها ما هو مجهول حتى لدى وزارة العدل وذلك لمعاقبة كل معارض سولت له نفسه ان يجهر في وجه الحاكم بقول “لا” ومع ظهور ما يسمى بالارهاب والتهديد الخطير الذي اصبح يشكله عن العالم المتحضر فقد قام هؤلاء الحكام بتشديد قوانينهم التي تحمي مصالحهم وتكرس وضعيتهم في السلطة واصبحوا يجهرون باعتقالاتهم التي اصبحت تأخذ عنوان “تفكيك خلايا ارهابية” والحال انها تصفية للمعارضين ليس الا. وبذلك اصبحت الدول الغربية تغض الطرف عن كل خرق لحقوق الانسان مادام الامر يتعلق بتصفية ارهابيين. وقد عانت الشعوب العربية الويلات من قهر حكامهم الذي استمر مددا طويلة تختلف باختلاف المدة التي تولى فيها الحاكم مقاليد الحكم في بلده التي اصبحت اقطاعية له والمواطنون فيها عبيدا له . واعتمادا على قاعدة “دوام الحال من المحال” فقد اكتشفت الشعوب العربية طرقا حديثة استغلوها احسن استغلال في مناقشة واقعهم بعيدا عن قوانين السلطة وعيونها التي لا تنام فاصبحوا يعقدون اجتماعات افتراضية لمناقشة احوالهم ووضعيتهم والتخطيط لحلها بكامل الحرية دون اكترات بالوقت او بمداهمة بوليس السلطة لمجالسهم. فكان “الفايسبوك والتويتر” احسن مكان آمن لهم مكنهم من الثورة على حكامهم. فكان الشعب التونسي اول المنتفضين في وجه رئيسه زين العابدين بن علي الذي فهم في الاخير اللعبة “وان كان فهما متأخرها ” ففر بجلده الى مزبلة التاريخ مذلولا حقيرا تاركا وراءه شرارة غضب باقي الشعوب العربية التي عقدت العزم على التغيير ومحاسبة الطغاة. ودائما عن طريق المواقع الاجتماعية ادخل الشعب المصري البطل نظام الطاغية مبارك واذنابه الى مسلخة الفايسبوك والتويتر وقاموا بتصفيتهم سياسيا والحقوهم ببن علي في مزبلة التاريخ . وبعد الطاغيتين بن علي ومبارك هاهو نظام بوتفليقة وعلي عبد الله الصالح وبشار الاسد الخ يدخلون غرفة العميات في الفايسبوك والتويتر في انتظار عرضهم على المشرحة لاعلان نهايتهم. وهكذا استطاعت الشعوب العربية معاقبة طغاتها ليس بقوانينهم التي وضعوها لحماية انظمتهم او باجهزتهم القمعية التي فشلت فشلا ذريعا في حمايتهم ولكن عاقبتهم بالتقنيات الحديثة التي لاتقبل اي حجب او مراقبة, واصبح الحكام العرب يعيشون نفس الخوف الذي عاشته شعوبهم كما ان الحكام العرب اصبحوا يعيشون حالة طوارئ حتى في بيوت نومهم .