انشغل الوسط الثقافي والفني في المغرب هذه الأيام بمسرحية «ديالي» للمخرجة نعيمة زيطان التي أثارت نقاشا واسعا في الصحافة الوطنية وجدلا كبيرا في مواقع التواصل الاجتماعي، فهي أول مسرحية في تاريخ المغرب تسمي العضو الجنسي للمرأة باسمه المتداول في اللغة الدارجة، وتطرحه على الخشبة كموضوع للنقاش، رافضة كل أشكال التستر والتنكر المرتبطة بعوالمه، ولعل في تسمية العرض «ديالي» أي «خاصتي» الكثير من الدلالات المتعلقة بالحرية الفردية وبالرغبة في تسمية الأشياء بمسمياتها من دون استعارة دينية أو اجتماعية. اسم العضو الجنسي للمرأة بلهجة المغاربة يتكرر عدة مرات في عرض تقدمه ثلاث ممثلات، ولا يتجاوز 30 دقيقة هي ترجمة لمشاهد من الحياة الحميمية للمرأة وهمومها أيضا، وتصرح زيطان بأن هذا العمل قد كلفها سبعة أشهر من البحث الميداني، حيث جمعت 250 شهادة من نساء تحدثن بشكل فردي عن علاقتهن بأعضائهن الجنسية، وأجبن عبر الاستمارات عن أسئلة من قبيل: (ماذا تسمين عضوك التناسلي؟ كيف هو شكله؟ هل تأملتِه يوما ما؟ ما هي رائحته؟ وإذا تحدث فماذا سيقول؟ وما معاناته؟). وقد خلف هذا العرض المقتبس عن أحد أعمال الكاتبة الأميركية إيف إنسلر انتقادات كثيرة، تعتبر أن هذا العمل هو جرأة مبالغ فيها، داخل مجتمع مغربي يصفه الكثيرون بأنه مجتمع محافظ في الظاهر العام، لذلك توالت شتائم لا حصر لها للمخرجة وللممثلات، عبر خانات الردود والتعليقات في المواقع الالكترونية، كما اتهمها البعض بخدمة الثقافة الفرنكوفونية وزرع قيم غربية، ولا سيما أن العرض الأول تم تقديمه في المركز الثقافي الفرنسي بالرباط، يوم 15 من الشهر الجاري، بينما طالب بعض المتدخلين على «الفايس بوك» ومواقع التواصل بأن تكون هذه الجرأة من طرف الفنانين على المستوى السياسي مثلا، وليس الجسدي فحسب. وفي ما يخص أهل المسرح فقد عبر عبد الكريم برشيد أحد كبار المنظرين للمسرح العربي لموقع هسبريس أن «ديالي» تسعى إلى إثارة الانتباه والاستفزاز، مؤكدا أن الاقتباس يجب أن يشمل القضايا الحقيقية التي تشغل بال المواطن وفكره، أما الاقتباس المباشر لطرق العيش فلن ينتج فناً جميلاً. نعيمة زيطان في تصريح خاص ب«السفير» ترى أن الذين تناولوا المسرحية بالنقد قزّموها واختصروها في بضع ثوان يُذكر خلالها عضو المرأة بالدارجة، بينما غضوا الطرف عن عمق العمل وموضوعاته الأساسية: جسد المرأة عموما، والعنف اللفظي الممارس على هذا الجسد. تضيف زيطان: «لقد صار عادياً في الشارع المغربي أن يسب أحدهم العضو التناسلي لأم الطفل، وهدف عرضنا هو تسليط الضوء على تربيتنا الهشة التي تنتج لنا مواطناً فيه خلل، يسب أخته ويغتصب جارته. الذين يقولون الآن عن مسرحية «ديالي» اللهم إن هذا منكر، لماذا لم يقولوها في قضية أمينة الفيلالي التي اغتصبت ثُم تمَّ تزويجها بمغتصبها صغيرة عن إكراه فانتحرت؟ ولماذا لم يقولوها حين سقطت المنازل الهشة القديمة على رؤوس المواطنين الأبرياء وقتلتهم؟ ولماذا لم يقولوها حين تم اغتصاب النساء خلال احتجاجات مدينة العرائش؟». وحين سألناها إن كانت مسرحية ديالي ردا على صعود الاسلاميين للحكم في المغرب أجابت: «ليس بالضرورة، الحكومة تقوم بعملها ونحن نقوم بعملنا، لكن هناك فعلا رغبة في تقليص الحرية، هناك تيار سلفي يعم العالم العربي، ونحن لا نستثني المغرب، كل من كان سيتناول هذا الموضوع كان سيتلقى الانتقادات نفسها، وما يؤسفني حقاً هو أن ردود الفعل ليست في محلها». تعتزم فرقة مسرح أكواريوم القيام بجولات في مدن مغربية مختلفة لعرض «ديالي» على مختلف شرائح المجتمع، وعمّا إذا كانت المخرجة ستحد من جرأتها اللغوية في العروض المقبلة بعد تراكم الانتقادات تقول زيطان: «لا أرى جرأة في العرض، لسنا نحن الذين سمينا العضو التناسلي للمرأة، لذلك لن ننقص شيئا من العروض المقبلة». عبد الرحيم الخصار مقالات ذات الصلة * بطل فنون الحرب سابقا بالصويرة يوسف الناصري * معاناة ساكنة القرية بثلاثاء سيدي بنور بإقليم الجديدة مستمرة. * المشاكل واضحة وأزمة الإصلاح بارزة * ضبط جثة امرأة في سيارة باليوسفية * سلفي فمراكش داير الجهاد فلعيالات