لا أحد يجادل في كون ميلاد"الجمعية الوطنية لمديرات و مديري التعليم الابتدائي", كانت خطوة مهمة باعتبارها إطار يتوخى الدفاع عن مصالح فئة تمثل ركيزة أساسية في تسيير الشأن التربوي, ألا وهي مديرات و مديري التعليم الابتدائي. فالمعروف أن هذه الفئة تعاني كثرة المهام و تشعبها, لاسيما مع إنزال «المخطط الاستعجالي» الذي أثقل كاهل اطر الإدارة التربوية بالتزامات إدارية و تقنية تتجاوز قدرة هؤلاء, نذكر منها; رئاسة مجالس المؤسسة( مجلس التدبير, المجلس التربوي...), السهر على تدبير الزمن المدرسي , الإطعام المدرسي, استقبال البريد...الخ هي اكراهات متعددة وجد المدير(ة) نفسه عاجزا عن الاضطلاع بها في غياب أي شكل من أشكال المساعدة و الدعم. ويزداد الأمر صعوبة إذا ما تحدثنا عن المديرين الذين يعملون بالوسط القروي بالنظر إلى قطع مسافات طويلة ووعورة المسالك و تشتت الوحدات المدرسية.... هذه المشاكل والتراكمات فتحت نقاشا واسعا حول الارتباك الذي يطبع عمل الإدارة التربوية, وبالتالي ضرورة البحث عن إطار يضمن لها حقوقها و إسماع صوتها و الدفاع عن مطالبها و انتظاراتها, خاصة أن أطر الإدارة التربوية لا يحملون إلى لقب "المدير", لكن في حقيقة الأمر هم يحتفظون بإطارهم الأصلي كأساتذة للتعليم الابتدائي مكلفين بمهمة على رأس الإدارة التربوية, فكان تأسيس الجمعية الوطنية لمديرات و مديري التعليم الابتدائي سنة 2006, فنظمت هياكلها و مكاتبها الجهوية و الإقليمية شيئا فشيئا و عملت على استقطاب الأطر الإدارية. و بعد ذلك خاضت معاركها النضالية التي توجت بجلوس وزارة التربية الوطنية معها(الجمعية) و الانكباب على حل مشاكل مديري التعليم الابتدائي, الشيء الذي زكى «نفوذ» الجمعية الوطنية لمديرات و مديري التعليم الابتدائي و أضحت تمارس ضغوطا على وزارة اخشيشن باستغلالها لعدة أوراق, كرفض استلام البريد و عدم الانخراط في عملية الإحصاء المدرسي و عدم السهر على تطبيق المذكرة154 و 204.... وكان أن استجابت الوزارة الوصية لعدد من مطالب اطر الإدارة التربوية للتعليم الابتدائي, في إطار محاضر موقعة مع جمعيتهم, في انتظار بلورتها في المستقبل المنظور. هذه الأمور ساهمت في إعادة بصيص الأمل لفئة المديرين في تحصين حقوقهم و تبديد مخاوفهم. و قد توجت اجتماعات الجمعية مع وزارة اخشيشن بمجموعة من النتائج نذكر منها, إقرار زيادة مبلغ 500 درهم خاما, و التي تعادل مبلغ 400 درهم لكل اطر الإدارة التربوية ابتداء من فاتح ماي 2011, بالإضافة إلى صدور المذكرة 70 التي ستعمل على الارتقاء بالإدارة التربوية بمختلف جوانبها. لكن ماذا عن انزياحات الجمعية الوطنية لمديرات و مديري التعليم الابتدائي؟ لكن من بين الانتقادات الموجهة إلى الجمعية هي ترسيخ مجموعة من مظاهر الفساد الإداري و المالي عن طريق الدفاع عن مجموعة من مديري التعليم الابتدائي الذين يعتون فسادا في تسيير الشأن التربوي, وهؤلاء يستغلون هذه الجمعية التي تبادر إلى حمايتهم و تعطيل المساطر الإدارية و المتابعات في حقهم مما يطرح السؤال عن الأهداف الحقيقية من وراء الجمعية؟ فهل هي واجهة للدفاع عن المفسدين؟ إذا كانت الجمعية الوطنية لمديرات ومديري التعليم الابتدائي قد أسست فلأجل تحسين وضعية الأطر الإدارية ماديا و معنويا, وليس معناه أن تصبح "لوبيا"و"واجهة" للدفاع عن بعض المديرين, منعدمي الضمير, الذين يسيئون إلى حقل التربية و التكوين بتصرفاتهم الاستبدادية و تجاوزاتهم البينة دون حسيب و لا رقيب. لتأتي الجمعية في آخر المطاف و تطالب الوزارة بإلغاء مسطرة الإعفاء في حق هؤلاء المفسدين من اطر الإدارة التربوية. لذلك يجب على الجمعية الوطنية لمديرات و مديري التعليم الابتدائي وضع مسافة بين الدفاع عن حقوق و مشاكل الإدارة التربوية و بين تسخير نفوذها للدفاع عن من ثبت بحقه ارتكاب تجاوزات إدارية. بهذه الطريقة سوف تحافظ الجمعية الوطنية لمديرات و مديري التعليم الابتدائي على مصداقيتها دون التورط في حماية جيوب الفساد.