وزير الداخلية يدعو الولاة والعمال إلى التصدي للنقل "غير القانوني" عبر التطبيقات الرقمية    أكبر الشركات العالمية تواصل إبداء اهتمامها بالطريق السيار الكهربائي الداخلة-الدار البيضاء    تقرير رسمي "مفزع"... نصف المغاربة يعانون من االإضطرابات النفسية    مناظرة بمدينة مكناس بمناسبة دكرى 49 للمسيرة الخضراء وعيد الاستقلال    الجامعة الملكية للملاكمة تنتخب بالإجماع عبد الجواد بلحاج رئيسا لولاية جديدة    صحيفة بريطانية تستعرض الوقائع التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا    بالصور.. ارتفاع كمية المؤثرات العقلية التي تم حجزها بميناء طنجة المتوسط إلى أزيد من 188 ألف قرص مهلوس    تسمم غذائي يرسل 19 تلميذا إلى المستشفى الإقليمي ببرشيد    المنتخب المغربي يُحقق الفوز الخامس توالياً في تصفيات كأس إفريقيا 2025    فرقة "يوبا للابد المسرحي " تطير عاليا بنجوم ريفية في تقديم عرضها الأول لمسرحية " هروب في ضوء القمر    انعقاد الدورة الثانية للجنة التحضيرية للمؤتمر الثامن لمنظمة الكشاف المغربي بجهة مراكش-أسفي    حاتم عمور يكشف تفاصيل ألبومه الجديد "غي فنان"    ندوة حول موضوع الفلسفة والحرب: مآزق العيش المشترك    الرايحي يقنع موكوينا قبل مواجهة الرجاء في "الديربي"    حصة تدريبية خفيفة تزيل عياء "الأسود"    أسباب اندلاع أحداث شغب في القليعة    الشركة الجهوية متعددة الخدمات الشرق للتوزيع تعلن انقطاع الكهرباء عن أحياء بمدينة الدريوش    انعقاد الاجتماع الإقليمي للمدن المبدعة لليونيسكو بتطوان من 19 إلى 22 نونبر الجاري    حريق ياتي على العديد من المحلات التجارية في سوق الجوطية بالناظور    تراجع طفيف في ثمن البنزين في محطات الوقود    المغرب يعزز جهوده لإغاثة فالينسيا عبر إرسال دفعة جديدة من الشاحنات ومعدات الشفط    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    منظمات مغربية تدين تحيّز الإعلام الهولندي للاسرائيليين في أحداث أمستردام    عمر حجيرة: لا ترضيات في التعديل الحكومي    تعهدات في مؤتمر وزاري في جدة بمقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2030 (فيديو)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    من أصول مغربية.. وزيرة هولندية تهدد بالاستقالة بعد أحداث أمستردام    المحامون يتوصلون إلى توافقات مع وزارة العدل    إنعقاد المؤتمر الدولي بالداخلة حول "المبادرة المغربية للحكم الذاتي:نموذج للحكامة الترابية بإفريقيا الأطلسية".    جائزة المغرب للشباب تحتفي بالتميز    رؤية الرئيس الصيني.. التعاون الدولي لتحقيق مستقبل مشترك    زوجة المعارض المصري عبد الباسط الإمام تناشد السلطات المغربية إطلاق سراحه وعدم تسليمه إلى نظام السيسي    السكوري يكشف تشكيل لجنة حكومية تدرس منح دعم للكسابة في العالم القروي لمواجهة فقدان الشغل    ‪أمن دبي يقبض على محتال برازيلي    المرتجي: التراث اللامادي بين المغرب وهولندا أفق جديد للتعاون الثقافي    الفلبين تأمر بإجلاء 250 ألف شخص        حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    صانع المحتوى "بول جايك" يهزم أسطورة الملاكمة "مايك تايسون" في نزال أسطوري    أنفوغرافيك | أرقام مخيفة.. 69% من المغاربة يفكرون في تغيير وظائفهم    منع جمع وتسويق "المحارة الصغيرة" بالناظور بسبب سموم بحرية    "طاشرون" أوصى به قائد يفر بأموال المتضررين من زلزال الحوز        فريق الجيش الملكي يبلغ المربع الذهبي لعصبة الأبطال الإفريقية للسيدات    السوق البريطاني يعزز الموسم السياحي لاكادير في عام 2024    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    الأمم المتحدة.. تعيين عمر هلال رئيسا مشاركا لمنتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول العلوم والتكنولوجيا والابتكار    مغاربة يتضامنون مع فلسطين ويطالبون ترامب بوقف الغطرسة الإسرائيلية    "باحة الاستراحة".. برنامج كوميدي يجمع بين الضحك والتوعية    حملات تستهدف ظواهر سلبية بسطات    "طاقة المغرب" تحقق نتيجة صافية لحصة المجموعة ب 756 مليون درهم متم شتنبر    مقابلة مثالية للنجم ابراهيم دياز …    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر تحالف اليسار الديمقراطي حول مشروع الجهوية


مدخل
إن فتح ورش الجهوية بالمغرب ، باعتبارها قضية سياسية بامتياز ، تعتبر بالنسبة لنا في تحالف اليسار الديمقراطي ، مناسبة لفتح نقاش واسع وعميق حول القضايا المتعلقة بالتنظيم السياسي والإداري الحالي ،
خصوصا وأن جوهر التنظيم الموروث عن الحقبة الاستعمارية ، والمتميز بمركزيته المفرطة ، بالرغم من كل الاصطلاحات التي عرفها منذ الاستقلال ، لم يستجب أبدا لحاجات و تطلعات المواطن المغربي في التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية. وأيضا ، ليكون مناسبة لمراجعة كافة القوانين بكيفية شاملة لتنقيتها من جميع المقتضيات التي تعرقل البناء الديمقراطي ، وعلى رأس هذه القوانين : الدستور .
إن التدبير المركزي و الممركز في بلادنا ، والممارس لأكثر من خمسين سنة مضت، لم يمكن من تحقيق تطلعات الشعب المغربي ، سواء على مستوى تحديث هياكل الدولة ، أو على مستوى خلق شروط التنمية الاقتصادية والاجتماعية المرجوة ، والكفيلة بتحسين ظروف العيش للأغلبية العظمى من أبناء الشعب ، مادامت السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة محكومة بهاجس التوازنات الماكرو اقتصادية ، ونسب النمو الوطنية .
كما أن طبيعة الاختيار الممارس في مجال الإشراك لم يسمح بمشاركة حقيقية للمواطنين في تدبير الشأن المحلي . وحتى تجربة اللامركزية ، و خصوصا منذ 1976 ، لم تمكن من تعميق الديمقراطية المحلية لاعتبارات متعددة . ولذا فالمنطق المركزي في التعامل مع إشكال التنمية لم يؤد إلى مقاربة تنموية غير متكافئة وغير متوازنة على المستوى المجالي فحسب ، بل عمق التفاوتات الجهوية الموروثة والتي أفرزت "المغرب النافع "و "المغرب غير النافع". وكان لذلك آثار سلبية على التكوين الاجتماعي في مخلف المجالات . واليوم فان الشرخ الاجتماعي يتعمق بشرخ مجالي .
كما أن عولمة الاقتصاد إذا كانت تربط الاقتصادات الوطنية فيما بينها فهي تعمق الفوارق ما بين الدول والمجالات وتقوض التماسك الوطني ، فضلا عن تعميق الفجوة ما بين "الجهات الرابحة " بمناطق مركزية و التي تستحوذ على الثروة والسلطة والكفاءات ، و" الجهات الخاسرة" في المناطق الهامشية التي تضعف و تفقر وتزداد فيها الهوة المجالية اتساعا بين الجهات . إن اختيار الجهوية الموسعة يمكن أن يخلق إمكانات التوازن المجالي ، ويساعد على الحد من التأثير السلبي للعولمة، كما يمكن أن يعطي دفعة قوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، خصوصا إذا اعتبرنا أن التنمية سيرورة حرة لانخراط السكان في سيرورة التحديث والتنمية ، معبئين كل القوى الحية من اجل تحسين شروط وإطار حياة السكان. إن فتح النقاش حول الجهوية الموسعة مناسبة كذلك لمساءلة التصورات القديمة فيما يخص استيراتيجية التنمية الاقتصادية ، و إعادة الاعتبار للاقتصاد المحلي ودوره في النهوض ، و التنمية الوطنية . كما أنها تتيح ربط التنمية بالديمقراطية . فالنقاش الوطني حول الجهوية المحلية سيتطرق بالضرورة للمسار الديمقراطي الوطني من خلال تقويم التجربة والوقوف عند عناصر القوة وكذا عناصر النواقص والاختلالات التي تعرفها . مما يستوجب بالضرورة ، أن يترافق هذا الحوار مع الشروع في فتح أوراش الإصلاحات الدستورية والسياسية الضرورية لبناء المغرب القوي بإشعاعه السياسي والديمقراطي في المنطقة والعالم ، مغرب التنمية والديمقراطية والعدالة .
وفي هذا الإطار يتقدم تحالف اليسار الديمقراطي ببعض المبادئ والقواعد الأولية التي يرى أهمية أخذها بالاعتبار في أي نقاش حول مسألة الجهوية الموسعة ببلادنا :
1 الجهوية الموسعة والبناء الديمقراطي :
إننا في تحالف اليسار الديمقراطي نعتبر أن قضايا الإصلاح الدستوري والمؤسساتي و قضايا إصلاح الاختلالات التي تعرفها الانتخابات التشريعية الوطنية والمحلية ، والتقويم الموضوعي لأسباب العزوف عن المشاركة في الانتخابات، و لأسباب عدم الاهتمام بالشأن العام ؛ كلها قضايا من صميم النقاش الديمقراطي الذي يجب أن تكون حاضرة فيه . كما يعتبر أن النقاش حول مشروع الجهوية الموسعة يجب أن يكون محطة وخطوة نوعية في التطور الديمقراطي ببلادنا . بهذا المفهوم ، تشكل الجهوية قيمة سياسية مضافة توسع وتعزز قواعد الديمقراطية على المستوى الوطني ، إذ لا يمكن للجهوية الموسعة أن تنجح، وأن تكون ناجعة في بلادنا ، بالمستوى المطلوب ، إلا إذا كانت مبنية على أسس الديمقراطية الحقة ، سواء على مستوى التشكيل ، أو على مستوى الاختصاصات ، أو على مستوى التسيير واتخاذ القرارات . ففي كل التجارب الديمقراطية الناجعة في العالم يأتي توسيع التدبير الديمقراطي الجهوي مكملا ، بشكل مواز أو لاحق ، لترسيخ أسس الديمقراطية على المستوى المركزي ، من حيث فصل السلط وتوازنها ، وانبثاق المؤسسات من الإرادة الشعبية عبر الاقتراع العام .
وعليه فإن بناء جهوية موسعة أو متقدمة ببلادنا ، سيشكل تطورا نوعيا وإيجابيا إذا كان مسبوقا ، أو مترافقا مع إصلاح مؤسساتي عميق ، يبدأ بمراجعة دستورية جوهرية تروم جعل الحكومة منبثقة من البرلمان ومسؤولة أمامه ، روحا ونصا ، إصلاح يخول لها اختصاصات تنفيذية وتنظيمية كافية لتحمل مسؤوليتها الكاملة في إدارة الشأن العام على جميع المستويات ، بما في ذلك سلطة التقرير والتعيين في الوظائف العليا بمختلف درجاتها ، وفي مختلف القطاعات المدنية والمؤسسات العمومية، وكذلك العزل منها ، وسلطة المراقبة والمحاسبة والمساءلة لكافة المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية ، ولكافة المسؤولين الكبار. إن القرن 21 يفرض أن تكون السلطة فيه متقاسمة و مجالية ، وبالتالي فان دمقرطة التدبير المجالي ، بما فيه المجال الجهوي، يجب أن يرتكز على ثلاثة مبادئ :
أ الرقابة وحدودها
إن النقاش حول الجهوية الموسعة ينبغي أن يكون مناسبة لإعادة النظر في أساليب التدبير بالنسبة للمستويات تحت جهوية : مجالس الأقاليم ، ومجالس العمالات والجماعات المحلية . وذلك انطلاقا من إيماننا القوي ، من أنه حان الوقت لتحرير هذه الجماعات من الوصاية الإدارية المفرطة بحذف الرقابة القبلية وإقرار رقابة قانونية بعدية من قبل العمال والمحاكم الإدارية و المجالس الجهوية للحسابات .
أما بالنسبة للجهات فإننا نقترح أن :
تدبر الجهة من طرف مجلس منتخب بشكل مباشر، و يعتبر هذا المجلس جهازا تقريريا .
ينتخب مجلس الجهة من بين أعضائه مكتب مجلس الجهة ، و رئيس الجهة ، ورئيس مجلس الجهة .
تدبر الجهات الشأن العام ، تبعا للاختصاصات التي ستخول لها والتي ينبغي أن تكون شاملة للميادين المدنية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية وبحرية كاملة من قبل المجالس المنتخبة ديمقراطيا.
تكون مقررات المجالس الجهوية قابلة للتنفيذ بقوة القانون ، ويجب أن يتم تنفيذها من قبل جهاز تنفيذي تابع للجهة ، وعند الاقتضاء من طرف أجهزة السلطة التنفيذية تحت طائلة مساءلتها . مع إعطاء الحق لهذه الأخيرة ، بالطعن في هذه المقررات لدى المحاكم الإدارية ، بعد مراجعة النظام الإداري الحالي ليتوافق مع أسس الدستور المتطلع إليه .
ينفذ رئيس الجهة مقررات مجلس الجهة .
ينفذ رئيس الجهة الميزانية و يضع الحساب الإداري .
تتابع مقررات المجلس الجهوي من طرف الوالي الذي سيسمح له القانون أن يطعن فيها إذا رأى أنها متعارضة مع القانون الجاري به العمل ، أو من شأنها أن تحدث ضررا بالمصلحة العامة .
تتكلف المجالس الجهوية للحسابات بالمراقبة المالية لصرف الميزانية ، و فحص التدبير المالي للجهات .
يخول لرئيس الجهة حق الطعن في حالة التطاول على اختصاصات مجلس الجهة.
ب التعاون .. مستويات وأشكال : إن تحرير الجهة من الرقابة الإدارية القبلية والأخذ بالرقابة البعدية فقط ، لا يعني ، بالنسبة لنا ، حرمان السلطة المركزية من صلاحياتها في تنفيذ سياساتها على المستوى المجالي ، بحيث وجب العمل بمبدأ التعاون التعاقدي ما بين السلطات المركزية ، ممثلة في والي الجهة المسؤول عن تفعيل السياسة الجهوية للحكومة ، و المجلس الجهوي ممثلا بمكتبه و رئيسه .
ومهما كانت دقة الصلاحيات المنوطة بكل مستوى من مستويات التدبير المجالي ، و باعتبار أن الدولة والجهات ستتقاسم نفس المسؤوليات في العديد من المجالات ، و كذا ما بين الجهة و المستويات الأخرى ، فمن الضروري وضع الميكانيزمات والإجراءات الملائمة والوظيفية للتنسيق والتعاون فيما بينها .
إن تجارب العديد من الدول أظهرت أن التعاون التعاقدي ، بالرغم من صعوبته ومما يمكن أن يطرحه من إشكالات متعددة ، فإنه يمكن أن يحقق من جهة ، استقلالية للجماعات الترابية، و من جهة أخرى يضمن الحضور الضروري للسلطات المركزية أو من يمثلها في المشاريع و البرامج التنموية المحلية .
و في هذا الإطار يمكن أن يكون عقد الدولة – الجهة ، هو الوسيلة المثلى للتعاون ، هذا العقد يلزم أن يكون مكتملا ، ومفصلا ومدققا لكل إجراء متوقع ، و أن تكون الالتزامات المالية للأطراف محددة بدقة. وبالنسبة لباقي الجماعات المحلية يمكنها المشاركة في تنفيذ الأعمال المدرجة في العقد، حينما تدعو الضرورة لذلك . على أن هذه التعاقدات يجب أن تأخذ بعين الاعتبار إقامة جهاز مؤسسي مشترك للتتبع والتقويم .
من هذا المنطلق يصبح الوالي ممثلا للدولة و مندوبا للحكومة . فهو الممثل المباشر للوزير الأول ، ولكل وزير على حدة في الجهة ، مما سيؤكد وظيفته الما بين وزارية، الشيء الذي يعني أن سلطاته تمتد إلى كل الاختصاصات غير المخولة للمجالس الجهوية .
ج- الإعداد وتهيئ التربة إن تحرير الجماعات المحلية من الوصاية المفرطة ودمقرطة التدبير المحلي ،لا يمكن أن يعطي النتائج المرجوة منه إلا إذا كان مصحوبا بإصلاحات تتوخى : - إعادة الاعتبار للعمل السياسي .
- إعادة الاعتبار للعمل الحزبي تشريعا وممارسة.
- إعطاء مشروعية لعمل الجماعات المحلية من خلال فرز نخب كفؤة ، و ذات مصداقية قادرة على التخطيط و التدبير الجيد للشأن المحلي .
- المشاركة القوية للناخبين في اختيار من يمثلهم في المؤسسات المنتخبة .
والحال أن الوضع خلاف ذلك ، إذ نلاحظ مثلا أن جزءا مهما من الجسم الاجتماعي، خصوصا داخل الشرائح المتوسطة والمتعلمة، يعزف عن المشاركة السياسية ترشيحا وتصويتا . لقد تعمقت واتسعت فجوة مدنية ( fracture civique ) ما بين التمثيلية السياسية ، و شريحة عريضة من المواطنين . فضعفت الأحزاب بصفة عامة ، وأصبح العمل السياسي مبخسا بل موضع شك وريبة، من طرف المواطنين . مما يؤكد أن أزمة التمثيلية السياسية في بلادنا ليست مرتبطة بظاهرة اللاتسييس ، بل هي مرتبطة بمسار الديمقراطية .ولذا فإن إعادة الثقة في العمل السياسي تصبح مهمة مركزية ، من أهم ما تقتضيه :
- شفافية العمليات الانتخابية و القطع مع ما يشوبها من تزوير و إفساد .
- إعادة النظر في نمط الاقتراع و إقرار نظام يمكن من خلق توازن بين النجاعة و التمثيلية.
- إعادة النظر، بشكل جذري ، في اللوائح الانتخابية وذلك بوضع لوائح جديدة واعتماد البطاقة الوطنية ومعيار واحد في التسجيل بدل تعدد المعايير.ووضع الصورة على بطاقة الناخب.
- إحداث لجنة وطنية مستقلة لتتبع مختلف العمليات الانتخابية .
- محاربة الترحال الانتخابي وتجريمه.
فصل رئاسة المجلس الجهوي كجهاز تقريري ، عن رئاسة المكتب الجهوي كجهاز تنفيذي من اجل خلق تمايز بين الجهازين ، بهدف خلق شروط النقاش الديمقراطي داخل المجالس المنتخبة .
اعتماد العمل الجماعي داخل الجهاز التنفيذي .
دمج منهجية الإشراك في تدبير العمل الجماعي، من خلال خلق مجالس استشارية جهوية ؛ تهتم بقضايا التنمية الاقتصادية و الاجتماعية ،و الثقافية ، و قضايا الشغل و البيئية ، و يشارك فيها الفاعلون الاقتصاديون و الاجتماعيون و الجامعيون ،و الفاعلون الجهويون عموما .
بناء الديمقراطية المحلية على قاعدة الشراكة بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية من خلال آلياتها المختلفة التي تعتمد على ميكانيزمات نشر المعلومة و الاستماع و الشفافية و خلق فضاءات تشاورية .
2 في الاختصاصات : ينبغي أن تكون الجهة مصممة كجماعة للمستقبل ، متمتعة باختصاصات واسعة ، وتمتلك القدرة على التدبير الحقيقي للسياسات العامة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية والبيئية والسياحية ... إن إسناد صلاحيات للجماعات الجهوية يقتضي الاستجابة لمتطلبات الفاعلية والنجاعة اللازمة ، وبالتالي يستحسن إسناد حزمة صلاحيات حصرية للجهات ، هذه الصلاحيات التي يلزم أن تحدد بدقة تامة ، ومن الأفضل تجنب "Régionalisation à la carte"، وذلك باحترام مبدأ المساواة بين الجهات مع إمكانية عند الشروط القاهرة وجود بعض التفاوت بين الجهات المؤهلة لتأمين الالتزامات ، و تلك التي لم تتأهل بعد . في إطار إسناد الصلاحيات يلعب مبدأ الاستدراك (subsidiarité) دورا أساسيا . واحترام هذا المبدأ غير كاف ، فمن الضروري الانتباه لمبدأ الانسجام وتوحيد تطبيق السياسات العامة للدولة لفائدة كافة المواطنين ، بالإضافة لمبادئ التعاون والتنسيق ما بين المستوى الوطني والمستوى الجهوى، و ما بين المستوى الجهوي و المستويات دونه . إن جهة الغد ينبغي أن تلعب دورا أساسا في مختلف مناحي حياة السكان على المستوى الاقتصادي والاجتماعي و الثقافي والبيئي ، وفي مجالات التخطيط والاستثمار والشغل والتعليم والصحة والبيئة والسياحة والتعمير . . . وعلى سبيل المثال ينبغي أن تسند للجهات مجموعة من الاختصاصات من أهمها :
وضع مخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهة .
وضع التصميم الجهوي لتهيئة التراب والتعمير والسكن .
تحديد المبالغ المالية لبعض الرسوم والضرائب الضرورية للتنمية الجهوية ، مع تحديد طرق وإجراءات تحصيلها .
إعداد المناطق الصناعية والاقتصادية داخل الجهة.
تنظيم النقل داخل الجهة .
خلق مؤسسات عمومية جهوية .
تعزيز فعالية الصناعة التقليدية .
الأشغال العمومية على مستوى الجهة .
إبرام اتفاقيات مع الدولة أو مع هيئات حكومية أخرى في مجال اختصاصاتها .
وضع برامج تعاون مع جهات وطنية أو جهات أخرى أجنبية بشرط إخطار الحكومة المركزية بذلك ، وعدم اعتراضها .
3 التقطيع الترابي الجهوي ..إعادة التنظيم Réorganiser:إن حجم الجهات يجب أن يسمح لها بالوصول إلى قوة مطلوبة كافية " masse critique " لجعل هذه الجهات أقطابا اقتصادية كبرى في مستوى الصلاحيات التي يمكن أن تمنح للجهة . و كجواب على واقع اقتصاد وطني في سياق العولمة .إن العالم اليوم وخصوصا فضاء شمال البحر الأبيض المتوسط الذي تربطنا به علاقات اقتصادية وتجارية ومالية متميزة يتشكل من خلال أقطاب جهوية كبرى ، ولذلك فان خلق أقطاب اقتصادية وطنية ، يمكن اقتصادنا من إمكانية النمو السريع و المتوازن .وهذا لا يعني أن نعطي (بالضرورة) لكل الجهات نفس الوزن، ولكن من الضروري أن نجعل كل جهة متوفرة على المؤهلات الكافية لتحقيق التنمية المنشودة . واعتبارا من أن التقطيع الترابي الجهوي يكتسي أهمية بالغة ضمن عوامل نجاح أي نظام جهوي ، فإنه ينبغي أن يرتكز على معايير أهمها ما يلي :
تقليص عدد الجهات في حدود 8 أ 9 جهات مما يعني توسيع المجال الترابي للجهة مما يسهل عملية اعتماد التوازن والتكامل بين الجهات .
اعتماد التقسيم الترابي للجهات على الاعتبارات الوظيفية ، والتوازن بين الجهات في مجال الثروات والموارد ، وعلى المقومات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وعلى المعطيات الجغرافية ، الطبيعية والبشرية ، التي تعزز الشعور بالانتماء للجهة.
إعادة النظر في التقسيم الإداري الحالي للأقاليم والعمالات للاستجابة إلى المعايير التنموية والديمقراطية للتقسيم الترابي الجهوي .
إعادة النظر في التقطيع الخاص بالجماعات المحلية والغرف المهنية ، خصوصا على مستوى الجماعات القروية ، انطلاقا من مما يخول لها القانون من صلاحيات ، وانطلاقا من التجربة المعيشة والتي تظهر عدم قدرة العديد من هذه الجماعات على القيام بمهامها على الوجه الأنسب ، فضعف الموارد المالية و ضعف التأطير يحد من نجاعة عملها . لذا يصبح من الضروري تقليص عدد الجماعات ،وإعادة النظر في تقطيعها انطلاقا من اعتبارات موضوعية ووظيفية . وتوسيع صلاحيات المقاطعات بالجماعات الحضرية ، والحد من سلطة الرئيس ، وتوسيع صلاحية المكتب الجماعي.
إعادة النظر في مجالس العمالات والأقاليم ؛ لأنها لم تعد ذات موضوع مع وجود التنظيم الجهوي الموسع ، حيث أن مجموعة مهمة من اختصاصاتها ستتولى الجهات القيام بها ، ويمكن للاختصاصات الأخرى أن تعود للجماعات المحلية خصوصا إذا تضمن الإصلاح إعادة بناء الخريطة الجماعية من خلال كيانات أكبر. كما يمكن تصور خريطة ترابية "بهندسة متغيرة " بإلغاء مجالس العمالات و الإبقاء على المجالس الإقليمية ، و هذا لا يعني إلغاء العمالات والأقاليم كمؤسسات إدارية ضرورية لتفعيل سياسة السلطات المركزية على مستوى العمالة والإقليم . ونظرا لأهمية التقسيم الجهوي ، ولما له من أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية ، يتعين أن يحدث بمقتضى قانون صادر عن البرلمان ، وليس ، فقط ، بمرسوم كما هو جار به العمل حاليا .
4 متطلبات الانطلاق : إننا نعتقد في تحالف اليسار الديمقراطي أن انطلاق العمل بالجهوية الموسعة سيشكل فرصة ، لتعبئة كل الطاقات بتوظيف جهود استثنائية لتقوية الانسجام المجتمعي ، وتطبيق سياسة طموحة ومستدامة في مجال الاستثمار في التعليم و التكوين ، وإقامة مشاريع مهيكلة كبرى لتدارك التأخر والخصاص الذي تعرفه العديد من الجهات. إن هذه السياسة المتضمنة لطموحات كبرى، بخصوص العدالة وتكافؤ الفرص تفرض دعما إضافيا لهذه الجهات، حتى لا يبقى مسقط الرأس عامل نجاح أو إخفاق .إن توسيع اختصاصات الجهات ، و إعطاءها استقلالية في تدبير الشأن العام ، يجب أن يقترن بتمكينها من الإمكانات المالية المناسبة والكافية . و في هذا الإطار، نرى أن تتأسس مالية الجماعات المحلية على توزيع جزء من المنتوج الضريبي الوطني ، وعلى التحويلات المالية، بهدف تأمين المساواة في الضغط الضريبي بين المواطنين ، وأيضا للتكييف السهل للمداخيل مع الحاجات ، مع تمكين الجهات من مستوى معقول من الموارد الذاتية ، يسمح لها بهامش، من الاجتهاد في ضبط مستوى المداخيل والمصاريف . إن ذلك يفرض تقوية آلية التكافؤ((Péréquation ، والتضامن بين الجهات ، و توزيع شفاف للموارد المالية بين الجهات بناء على معايير معقولة مثل عدد السكان ، و مؤشر التنمية البشرية ، و مستوى الحاجات بالنسبة لكل جهة .
اللجنة التنفيذية الوطنيةلتحالف اليسار الديمقراطي
الدار البيضاء 13يوليوز2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.