جاءت رسالة حسين أيت أحمد، زعيم جبهة القوى الاشتراكية المعارضة، التي بعث بها اليوم الاثنين 21 فيفري، لعبد الحميد مهري، الأمين العام الأسبق لجبهة التحرير الوطني، لتؤيد رسالة النصح ومبادرة الخروج من الأزمة، التي بعث بها هذا الأخير ، للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، واعتبر ايت احمد أنها تصب في نفس التحليل والتوجه الذي يراه حزبه، والذي يناضل من اجلها. وقال زعيم الافافاس، انه درس المبادرة بكل حذر، ورأى أنها تتماشى مع ما يريده الجزائريون. وكان السياسي البارز والأمين العام الأسبق لجبهة التحرير الوطني عبد الحميد مهري، قد وجه رسالة إلى رئيس الجمهورية شرح فيها الأسباب التي أدت بنظام الحكم للخروج عن مبادئ نوفمبر سن 1962، والأسباب التي أدت إلى الانحراف، وحذره فيها من الاستمرار في سياسة الصمت، ودعاه إلى تبني جملة من الخطوات للخروج من الأزمة. واعتبر مهري أن بوتفليقة ليس وحده المعني بالرسالة، وليس وحده المسؤول في نظام الحكم، حيث قال "وقد فضلت هذه الطريقة المفتوحة لمخاطبتك، لأنك تحتل موقع الصدارة والأولوية، ولكنك لست الوحيد المقصود بمحتوى الرسالة، ولا الجهة الوحيدة المدعوة لمعالجة القضايا التي تطرحها". ويرى مهري أن الاعوجاج حصل منذ سنة 1962، حين يقول "إن نظام الحكم الذي أقيم بعد الاستقلال انطلق، في رأيي، من تحليل خاطئ لما تقتضيه مرحلة بناء الدولة الوطنية. فقد اختار بعض قادة الثورة، في غمرة الأزمة التي عرفتها البلاد سنة 1962، إستراتيجية سياسية انتقائية لمواجهة مرحلة البناء بدل الإستراتيجية الجامعة التي اعتمدها بيان أول نوفمبر 1954، والتي سادت، رغم الخلافات والصعوبات، في تسيير شؤون الثورة لغاية الاستقلال. فأصبح الإقصاء، نتيجة لهذا الاختيار، هو العامل السائد في التعامل السياسي". وأشار مهري إلى أن الظروف التي تعيشها الجزائر الآن، هي شبيهة بتلك التي عاشتها سنة 1988، حيث قال" إن الأصوات المطالبة بتغيير هذا النظام، والحريصة على أن يتم هذا التغيير في كنف السلم والنقاش الحر، كثيرة، والنذر التي تنبه لضرورة هذا التغيير ظاهرة للعيان منذ سنوات عديدة، ولكنها تجمعت، في الأشهر الأخيرة، بقدر لا يمكن معه التجاهل أو التأجيل. إن الأحداث التي تقع عندنا باستمرار، والتي تقع حولنا منذ أشهر، تذكر بمثيلات لها عرفتها بلادنا في شهر أكتوبر سنة 1988، وعرفت ما انجر عنها من أحداث جسام وأزمات، ومآس ما زال الشعب يتجرع، بعض كؤوسها المرة". ويرى مهري أن النظام يتعمد الخطأ في قراءة الأحداث "ويزيد من خطورة أحداث هذا المشهد عندنا، أن الخطاب الرسمي، في مستويات مسؤولة، يخطئ، أو يتعمد الخطأ، في قراءتها، ويهون من تأثيرها، وينكر دلالتها السياسية الكبرى بدعوى أن المطالب المرفوعة من طرف المتظاهرين لا تتضمن أي مطلب سياسي، وغرابة هذه القراءة والتحليل، تتجلى عندما نتصور طبيبا ينتظر من مرضاه أن يكتبوا له وصفة العلاج". كما يرى أن النظام يتجاهل ويتعمد الخطأ في قراءة ما يجري في تونس، كما يحذر من أن الشعب لا يثق في النظام ويراه "غير وفي لبيان أول نوفمبر"، وهو ما يدفع به إلى التغيير. ثم سرد مهري بالتفصيل الخطوات التي يراها أساسية للتغير المنشود، والتي يوافقه فيها زعيم الافافاس حسين ايت احمد، ومنها: إطلاق حرية التعبير، ازدهار المبادرات الشعبية المساندة للتغيير السلمي، وإنشاء "وداديات التضامن ضد الفساد والرشوة ومهمتها هي إقامة سد في وجه انتشار الفساد والرشوة".