اعتُقل عدد من المتظاهرين بينهم نواب شاركوا في مظاهرة غير مرخص لها وسط عاصمة الجزائر سار فيها مئات يطالبون بإصلاحات سياسية عميقة وتحسين الظروف الاقتصادية، وسط انتشار أمني مكثف جدا. ومنع الأمن المسيرة من الانطلاق من نقطة البداية وهي ساحة أول مايو، وتصدى لها المئات من رجال الأمن وعشرات الآليات.
وقدر طاهر بسباس النائب عن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية للجزيرة عدد رجال الأمن الذين هيأتهم السلطات لإحباط المسيرة ب40 ألفا، رابط بعضهم عند مداخل العاصمة. طوق أمني وقال للجزيرة هاتفيا إن السلطات أوقفت حركة القطارات لمنع الناس من الالتحاق بالمسيرة، وتحدث عن اعتقال خمسة نواب. وحاول عشرات المتظاهرين اختراق طوق أمني فرض على المسيرة التي كان يفترض أن تصل إلى ساحة الشهداء، لكن الشرطة تصدت لها ووقع 20 جريحا حسب مصادر للجزيرة. ورفع مشاركون شعارات تطالب برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وآخرون جرائدَ تصدر صفحاتها عنوان "نظام مبارك سقط". كما تحدث سعيد سعدي رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية عن اعتقال علي يحيى عبد النور وهو رئيس شرفي للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان في التسعين من عمره. وقال مصطفى بوشاشي رئيس الرابطة "يؤسفني أن الحكومة نشرت هذه القوة الضخمة لمواجهة مسيرة سلمية. هذا يضر بصورة الجزائر". استجابة محدودة ودعت إلى المسيرة "التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية"، وهي ائتلاف ولد من رحم اضطرابات عنيفة الشهر الماضي، قتل فيها شخصان على الأقل وجرح فيها 800، وحرّكها جزئيا الغضب على ارتفاع أسعار المواد الغذائية. ودعت الجبهة الإسلامية المحظورة إلى المشاركة في المسيرة، واعتقلت السلطات أمس الرجل الثاني فيها علي بلحاج الذي شارك اليوم في المسيرة بعد إطلاق سراحه حسب وكالة الأنباء الفرنسية. لكن أحد مؤسسيها وهو الشيخ الهاشمي سحنوني دعا الشباب إلى تفضيل الحوار. ولم تدعم المسيرةَ أحزاب كبيرة أخرى ونقابات رئيسية، كما لم تدعمها الأحزاب الإسلامية الرئيسية المعتمدة. وقدر منظمون عدد من شاركوا في المسيرة ببضعة آلاف لكن الصحفي أحمد روابة تحدث للجزيرة نت عن بعض مئات على أقصى تقدير، وقال إن مسيرة مناوئة نظمها بعض المواطنين هتفت "نريد السلم لا الفوضى" و"الجزائر ليست مصر"، كما نأى أغلب السكان وسط العاصمة بأنفسهم عن المظاهرة الأصلية. ودخلت الجزائر عام 1992 في حرب أهلية قتل فيها نحو 200 ألف شخص، وما زال شبحها يسكن كثيرا من الجزائريين. ودعت منظمة العفو السلطات إلى السماح للناس بالتظاهر السلمي وعدم استخدام القوة المفرطة، وقالت إنها لا يمكنها التحجج بحالة الطوارئ لمنع ذلك. بوحي تونس ومصر ويقول منظمو المسيرة إنهم يستلهمون بعض تحركهم مما حدث في تونس ومصر، لكن محللين يرون أن سيناريو الانتفاضة في الجزائر مستبعد لأن الحكومة تستطيع استعمال عائدات الطاقة لترضية الناس. وقالت مجموعة أوراسيا المتخصصة في تقييم الأخطار إن "من المرجح أن تكون (المسيرة) عنيفة لكن من غير المرجح أن تهز استقرار النظام". وعلى الرغم من مداخيل قياسية من عائدات البترول والغاز وخطة تنمية ستشهد على مدى خمس سنوات إنفاق نحو 290 مليار دولار على البنى التحتية والمستشفيات والسكن، لا تزال الاضطرابات الاجتماعية في الجزائر تتصاعد، احتجاجا على الفساد والبطالة. وكان آخر صور هذا السخط وفاة أب لستة أطفال اسمه لطفي معامير، أضرم النار في نفسه قبل 27 يوما أمام بلدية الوادي بشرق الجزائر بعد أن سكب البنزين على جسده، احتجاجا على عدم حصوله على سكن ووظيفة. إصلاحات وأعلن بوتفليقة مع سقوط نظام زين العابدين بن علي وبدء احتجاجات مصر، إجراءات شملت الإعلان عن رفع قريب للطوارئ -وهو إلى جانب فتح المجال أمام العمل السياسي، أحد أهم مطالب المعارضة- وتحسين الخدمات الحكومية، والإسراع في تسليم مشاريع السكن، وفتح فضاء التلفزيون والإذاعة أمام الأحزاب التي رخص لأربعة منها الأيام القليلة القادمة. وتقول السلطات إن حظر المسيرات يسري في العاصمة فقط ولأسباب أمنية، وإنها تبذل جهودا مضنية لإيجاد فرص عمل وبناء مساكن.