لطالما بحث المتخصصون في تقويم وتحليل أسباب الفشل التي طالت مشاريع النهوض هنا وهناك، بدءً بتجربة "محمد علي" حاكم مصر إلى جانب تجارب عديدة متتالية في محاولة للاستنهاض والوقوف أمام التكالبات الغربية، فقام العديد من الرجال وقد أسسوا لأفكار وحركات تغييرية إصلاحية كمحمد عبده وجمال الدين الأفغاني ومهدي السودان ومحمد بن عبد الوهاب وعمر المختار والأمير عبد القادر وعبد الكريم الخطابي وكذا حسن البنا وغيرهم. لكن كل المحاولات هاته يمكن القول عنها أنها باءت بالفشل والإجهاض المبكرين.. في الظرف الراهن هناك مشاريع متعددة يروم أصحابها إعادة المحاولة من أجل الفكاك والتطلع إلى مستقبل مشرق.. ولعل أصحاب هذه المشاريع في محاولاتهم يحاكون نوعا معينا من التجديد، وينطلقون في الآن ذاته من الثوابت الشرعية والأصول المرجعية، ويختلفون في بلورتها من خلال التحليل والتطبيق مع مراعاة الخصوصيات لكل حسب ما فرضته طبيعة المرحلة. + مشاريع نهضوية كبرى: نجد كل من خالص جلبي وجودت سعيد يدعوان لمشروع أكاديمية " السلم والعلم"، وطارق سويدان لأكاديمية "صناعة القادة"، ومالك بن نبي قد أسس للمشروع الثقافي من خلال الشهود الحضاري، وعبد الوهاب المسيري بتفكيكه للخطاب الغربي الامبريالي عبر طرح مشروعه "من المادية إلى الإنسانية الإسلامية"، والمهدي المنجرة رائد الاستشراف المستقبلي وهو يطرح مشروعه " التنوع الثقافي مفتاح البقاء في المستقبل" لأن الصراعات المقبلة ستكون ذات مصدر ثقافي على حد تعبيره، أما مشروع طه عبد الرحمان ينطلق من "التفكيكية إلى البنائية" كما هو معلوم من كتاباته في نقد وتفكيك الحداثة الغربية ووضعه للحداثة الإسلامية كبديل، في حين محمد عابد الجابري قد بنى مشروعه على نقد العقل العربي وإعادة كتابة التاريخ في قضايا التراث، ولا يحيد عنه في هذا المنحى عبد الله العروي صاحب مشروع "القطيعة الابستمولوجية مع الماضي"، أما محمد أركون ذهب "للقراءة الموضوعية للنصوص الشرعية". ونجد الشيخ يوسف القرضاوي وهو ينتمي للفئة الوسطية والاعتدال قد أسس للمدرسة الموسوعية، وقد ذهب عصام العطار قائد حركة الطلائع الإسلامية إلى طرح مشروع "الإسلام كبديل"، وكذا المفكر علي شريعاتي في مشروعه النهضوي الكبير "العودة إلى الذات الإسلامية" وإعادة صياغة الذات اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا على منحى حقيقي للإسلام. في حين قد أسس محمد إقبال لفكرة المشروع العرفاني الصوفي، وعن فريد الأنصاري بعد أن أرسى قبل موته لمشروعه التربوي السلوكي "من القرآن إلى العمران"..، وغيرها من المشاريع الكبرى التي تحتاج الدراسة والتحليل ثم التطبيق. في مقابل هذه النخب الإصلاحية التي بنت في الغالب مشاريعها على أسس الإسلام، نجد المدارس الغربية وفلسفاتها المتنوعة قد تجسدت في واقع الأمر عبر نتائج علمية وتكنولوجية. وفي هذه الحصيلة المعرفية نجد من مثل بعض الإيديولوجيات التي ساهمت في مسيرة هذا الغرب، مثل ما تتلخص في وجودية سارتر ومثالية أفلاطون ومنهجية ديكارت ومادية الجدلية لماركس ووضعية أوغست كونت وعدمية نيتشه ووهمية هيجل وصدامية هنتغتون وتحليلية فرويد ومشارب فلسفية أخرى بنيوية ونفسية وعقلانية وميتافيزيقية وحداثية إلخ، ساهمت كلها في بناء منظومة مرجعية شكلت اعتقادا في ذهنية الإنسان الغربي أجابت بشكل أو بآخر عن حاجياته. ومن هنا مكن الغرب لذاته بهذا الزخم والتنوع والثراء الثقافي على مساوئه وعلاته، لكنه نجح وتطور. ونجاحه هذا كان بسبب نشأة هذه الاتجاهات كلها في البيئة التي قد ظهرت فيها وترعرعت في تربتها الأصلية وما يتماشى مع طبيعة الإنسان الغربي في قيمه ومبادئه ومعتقداته. إن مشاريع النهوض الإسلامية الحديثة بما تتميز به من جدة وطفرة، فإنها تسوقنا نحو الحديث عن نماذج لما تشكله من أبعاد مغايرة تماما، ولا سيما أن هناك مشاريع نهوض إسلامية ناشئة من أعماق الغرب أسس لها أبناء جلدتهم من المفكرين والساسة والعظماء تنظيرا وتحليلا وتجديدا..، هؤلاء الذين دخلوا في الإسلام وأسسوا لشعار المرحلة وهم يفرضون تجديد بعثة الإسلام الذي يسطع من الغرب، وأصبح المسلمون في أوربا وأمريكا على إثرها قادة لتجديد الحضارة متجهين بها نحو الشرق. كما هو في توقع العديد من المفكرين تأكيدا على عالمية هذا الدين من غير أن ينحصر لجنس أو قوم أو مكان. بالتالي لا يمكن المرور هكذا عن عظماء غربيين تشربوا الثقافتين معا وعرفوا مكمن القوة والضعف عند كل من الغرب والشرق، فأسسوا لانطلاق مشاريع جديدة كان لها الفضل العظيم والتأثير المنقطع النظير في أوساط الغرب شكلت فتوحات إسلامية هائلة. كما عبر عن ذلك المفكر الألماني المسلم مراد هوفمان في سلاسة التوسع الإسلامي بقوله: "إن الانتشار العفوي للإسلام هو سمة من سماته على مرِّ التاريخ؛ وذلك لأنه دين الفطرة المنزّل على قلب المصطفى". واعتبر أن استعمار العرب قد أدى لاعتناق الصفوة من المسلمين حضارة الغرب، ولكنهم في الوقت نفسه فقدوا أسس حضارتهم الخاصة، ليكونوا مستهلكين للحضارة الغربية التي لا يستطيعون إتقانها، فأصبحوا في النهاية محبطين وممزقين بين حضارتين. ( ) ومن المؤكد أن أمثال هؤلاء العظماء من الغرب وهم يراكمون تجارب النهوض الإسلامية بما تتسم به من عالمية وتكاملية وشمولية بغض النظر أين ظهرت ومتى وكيف؟. وظلت هذه الشخصيات بارزة إلى يومنا هذا تؤثر في الغرب كما في الشرق.. فنجد أمثال : مالكوم إكس (ملك شباز)، ومحمد أسد (ليوبولد فايس النمساوي من أصل يهودي)، وموريس بوكاي الجراح الفرنسي صاحب الكتاب الفذ "الكتب المقدسة على ضوء العلم الحديث "، وروجي جارودي، ويحي عبد الواحد (رينيه جينو الفرنسي)، وطارق رمضان، وعلي عزت بيغوفيتش، ومراد هوفمان الألماني، وآن سوفي السويدية وغيرهم الكثير ممن دخلوا الإسلام وساهموا ولا زالوا في توطئة لبناء هادئ وتوغل رزين وإقناع ثابت. ويكفي ههنا تواتر البشرى الصادقة في ظهور هذا الدين على العالمين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر)).( ) لهذا من العبث إعطاء حلول في قوالب جاهزة تجمع بضعا من الأفكار محلية كانت أم مستوردة، أو اختزال نهضة ما في مشروع فردي مختل مجزئ، أو فرض نمط معرفي بقوة الإكراه والغصب، أو استهلاك لأنماط إيديولوجية معينة ومحاولة إسقاطها في عوالم غير التي ظهرت فيها، أو الأخذ بحلول تتجافى مع طبيعة الصراع وفهم ميكانيزماته، وغيرها من الاعتبارات، فإنه لا يمكن أن تتحقق هذه المشاريع النهضوية بمعزل عن وجود ضوابط أساسية تتسم بالموضوعية والرؤية الشمولية والنسق التكاملي والتصور السليم ثم البدء بعدها بالإنجاز والتطبيق والتقويم والتصحيح. دون أن ننسى لذلك أهمية القيادة في هذا البناء استنادا لأحاديث نبوية شريفة "إن العلماء ورثة الأبياء" وقوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها". وهو دال بالتبع على معنى الإحياء. فبَعْثُ المجددين إنما هو إحياء للأمة، ونفخ لروح القرآن فيها من جديد، حتى تعود إليها الحياة، وتنخرط من جديد في صناعة التاريخ!.. هذا المعنى العظيم تؤكده بصائر القرآن العظيم، وبشائر السنة النبوية، وحركة التاريخ!( ) وعليه فإن التجديد رهين بالفكر الإسلامي لأنه "تفاعل بين عقل المسلمين وأحكام الدين الأزلية الخالدة"( ) وقد أمسى الفكر الإسلامي اليوم فكرا تجريديا، خرج من التاريخ جملة واحدة، وظل في مكان علوي لا يمس الواقع، فنحن في واد والفقه الإسلامي في واد آخر..( ) على حد تعبير حسن الترابي. وأن الدين لابد أن يتفاعل مع واقع الناس، وأن الفكر الديني محصلة التقاء الحكمة الإلهية بالطبيعة البشرية. ( ) وكذلك مبدأ التكامل في المرجعيات والطرائق والأفهام، لأن التربية بمعنى تربية السلوك فهي بدون علم ستفضي إلى خلل، ومعرفة دون قيم فهي اعوجاج، وأخلاق بلا عمل تهاون، فلابد من الجمع بين المشارب المعرفية السابقة الذكر وتكاملها.. تربوية، تاريخية، فلسفية، اجتماعية، تحليلية، فكرية، سياسية، منهجية، بيئية، اقتصادية، فنية ، وحتى ديموغرافية كذلك. حتى لا نسقط في التجزيء المفاهيمي الضيق، ولا نسقط في مفاهيم جدليات الجدل، أهو البدء بالقاعدة أم القمة، أو بالحاكم أم المحكوم، بالسياسة أم الثقافة، بالذات أم الآخر، بالأسلمة أم الأنسنة، بالسلطة أم المعرفة.. وغيرها من النقاشات والمقاربات التي ترهق العقول والنفوس حسب اعتقادي. ولاشك أن أزمة المجتمعات العربية والإسلامية الراهنة تعود إلى غياب هذه الوحدة الشعورية والنفسية والاجتماعية، وغياب وحدة المقاصد والأهداف، كما تعود إلى تضارب التصورات والرؤى حول القضايا المصيرية المرتبطة بالتنمية والتحرر والاستقلال، باختصار إنها أزمة هوية وأزمة مرجعية. ( ) فالقضية متعلقة بالإنسان وفعله أكثر مما هي متعلقة بالحيطان والجدران على قول الأستاذ بنحمزة مصطفى، باعتبار الإنسان هو القضية. والاستثمار الرابح يتجلى في بناء هذا الإنسان لأنه القضية الكبرى للوجود. ومن البديهي حينما فقد المسلمون بوصلة المنهج واختلطت عليهم الأولويات ضاقت بهم رحاب الحضارة، وظلت تتقادم عليهم إلى أن انسلت من بين أيديهم ومن تحت أقدامهم، إلى جانب ذلك كله تنامي وتطلع الغرب إلى ثروات الأمة.. ولهذا لا أجد في خلجاتي مثل تعبير الداعية عمر عبد الكافي يقول: "نمنا في النور، واستيقظ غيرنا في الظلام، وإن المخلص في كفره ينتصر على المزيف في إيمانه".. والمسلم عموما ما لم يشغل نفسه بالحق شغلته بالباطل. ذلك أن المفكر أبو يعرب المرزوقي يدعوا وينصح الأمة في كتاباته إلى تحوير إستراتيجية الصراع من معركة مناجزة إلى معركة مطاولة، لأن امتلاك القوة الروحية التي تنتج المادة، باعتبار القوة المادية فهي التي تنتج الضعف الروحي بعد طول صراع ويأس. إذ أن نقل الحرب من مناجزة إلى مطاولة كفيل بحسم الصراع للمسلمين بعد طول صبرهم ومصابرتهم في خوض العراك مع الغرب المادي. ويمكن العودة لهذا الكلام بتفصيل لمقاله تحت عنوان: "إستراتيجية النصر الحتم"( ). وهو في نظري محق في طرحه لأن من ينظر لشريط كندي مترجم( ) يحكي عن الإسلام بأنه سيحكم العالم... وسأذكر بعض مما جاء فيه من المعطيات التي تثلج صدر كل مسلم. يقول الشريط: " أنت على وشك أن تشاهد تقريرا خطيرا عن الديموغرافيا العالمية المتغيرة حاليا.. بحسب البحوث العلمية الحديثة فإن أي ثقافة ما، تحتاج إلى 2,11% كحد أدنى لمعدل الإنجاب في كل عائلة، لتتمكن تلك الثقافة من الاستمرار في الوجود لمدة 25 سنة على الأقل. إن أي ثقافة لا تمتلك هذا الحد الأدنى سيكون مصيرها التراجع والاندثار الحتمي. أثبت التاريخ بأن ثقافة تمتلك معدل مواليد يبلغ 1,9 % لن تتمكن من الانتشار نهائيا. ... بعبارة أخرى لو ولد مليون طفل فقط في عام 2006 فسيصعب تزويد القوة العاملة في المجتمع بمليون فرد بحلول 2026. وبهذا يؤدي إلى انكماش عدد السكان لثقافة ما إلى انكماش اقتصادها واندثار تلك الثقافة نفسها في النهاية. في عام 2007 كانت معدلات المواليد في معظم الدول الأوربية كما يلي : + فرنسا 1,8% + انجلترا 1,6% + اليونان 1,3% + ألمانيا 1,3% + ايطاليا 1,2% + اسبانيا 1,1% إذن فالقارة الأوربية برمتها والمكونة من 31 دولة فإن معدلات المواليد 1,38% فقط. الأبحاث التاريخية تخبرنا أن هذه الأرقام يستحيل عكسها .. فخلال السنوات القليلة أوربا التي نعرفها اليوم... ستختفي من الوجود. بالرغم من ذلك نجد أن التعداد السكاني لأوربا لا ينقص، لماذا ؟؟ الجواب: وجود الهجرة، أو بالأحرى الهجرة الإسلامية. من بين مجموع الزيادة السكانية في أوربا كلها منذ سنة 1990 فإنه تساوي 90%. وسبب هذه الزيادة هي الهجرة الإسلامية. ولنأخذ مثال فرنسا التي تبلغ معدلات المواليد فيها 1,8% يقابلها في العالم الإسلامي 8,1%. في جنوبفرنسا واحدة من أكثر الأماكن المزدحمة بالكنائس في العالم تحتوي الآن على مساجد أكثر من الكنائس. 30% من الأطفال بين سن 20 فما تحت مسلمون، في المدن الكبيرة مثل نيس، مارسيليا وباريس تبلغ 30% ويتوقع أن ترتفع إلى 45% بحلول سنة 2027م، مما يعني بأن خمس سكان فرنسا سيكونون من المسلمين. خلال 39 سنة فقط سوف تصبح فرنسا جمهورية إسلامية..." ( ) الشريط ذكر إحصائيات عن تزايد المسلمين بكل من ابريطانيا وروسيا وهولندا وبلجيكا، ويحذر الشريط في نفس الوقت الغرب بأن العالم يتغير... وقد آن الأوان لنستيقظ. وقد يتبين لمن يتوقف ويتدبر ما جاء في هذا الشريط وهاته الأرقام، بأن: 1_ الصراع الحضاري انتقل من أرض المسلمين في الشرق إلى أرض الغرب، وأن الحرب القائمة في بلاد المسلمين انتقلت رحاها في الدول الاستعمارية.. وهذا لعمري يعد مكسبا بحد ذاته. 2_ الصراع القائم لا يقتصر على العدة الحربية ولا على النسف ولا على القتل للبقاء، إنما يتجاوز ذلك إلى حرب ديموغرافية تقوي المد الإسلامي. 3_ مؤشرات أن التجديد الإسلامي القادم من الغرب واضحة ومقبولة بتزايد عدد المسلمين من جهة، وتزايد مراكز العمل والبحث والدراسات الإسلامية من جهة أخرى. الجميل في هذا كله أن الغرب حارب الحجاب والمآذن هنا فانتقلت رحاها هناك، حارب النسل هنا فتزايد لديه هناك، حارب الغرب ما كان يدعيه بالانغلاق والعزلة هنا فتحول انفتاحُ المسلمين هناك حِرْبَة لانتشار الإسلام.. بل ما قام به هذا الغرب من نهب ونقل للثروات هنا أصبح ينعم بها إخوان لنا هناك. وإن تقويض الهوية وضرب الانتماء هنا فهو يتشكل ويتنامى هناك، لهذا يجب أن ينظر المسلم إلى ما هو إيجابي في بعض المسائل دون قنط أو تشاؤم، في أن الله هيأ أسبابا للتمكين لهذا الدين. فالإسلام من خصائصه يتميز بالفطرة والدينامكية والانتشار والكونية وكذا الواقعية، كلما تم تضييق الحصار والتشديد عليه كانت له القدرة أكبر في التغلب على المعيقات، وكثيرا ما ينظر إليها الغرب كلغز على حد تعبير مراد هوفمان.( ) قد أورد علي عزت بيغوفيتش كلاما في كتابه المثير" الإسلام بين الشرق والغرب" يقول: ( إن الإسلام لم يأخذ اسمه من قوانينه ولا نظامه ولا محرماته ولا من جهود النفس والبدن التي يطالب الإنسان بها، وإنما من شيء يشمل هذا كله ويسمو عليه: من لحظة فارقة تنقدح فيها شرارة وعي باطني... من قوة النفس في مواجهة محن الزمان..من التهيؤ لاحتمال كل ما يأتي به الوجود... من حقيقة التسليم لله..إنه استسلام لله.. والاسم إسلام!) ( ) مؤكدا على أن الإسلام طريقة حياة أكثر منه طريقة تفكير. وقد جاء في كتاب "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟؟!" لأبي الحسن الندوي، أن رسالة محمد عليه السلام، رسالة قوية واضحة مشرقة، لم يعرف العالم رسالة أعدل منها، ولا أفضل ولا أيمن للبشرية منها.( ) وهو يتناول في ثنايا هذه الرسالة التي حملها المسلمون في فتوحهم الأولى قصة الصحابي( ) الذي دخل على رُسْتُم عظيم كسرى، يلقي على مسمعه: " نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام". وقد ذكر الشيخ يوسف القرضاوي القصة ذاتها، ابتدأ كلامه حولها فقال: " غاية الإسلام بإجمال هي إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وفسِّر الظلمات بما شئت من الجهل أو الشرك أو الشك أو الظلم أو الحقد أو غير ذلك، فلا حرج عليك، فكلها ظلمات، تظلم بها النفس، وتظلم بها الحياة معا. وفسِّر النور بما شئت من العلم أو التوحيد أو اليقين أو العدل أو الحب، أو غير ذلك فلا حرج عليك، فكله نور، تضيء به النفس، وتضيء به الحياة أيضا".( )