.......يوم العيد يقترب شيئا فشيئا كأنه ينذر بشيء ذي جدوى سيحدث لامحالة في هذا اليوم ,على الأقل ان لم يحدث أي شيء فسيذبح الخروف الذي مازال في خبر كان وهذا شيء ذو فائدة كبيرة خصوصا بالنسبة لبشر لم يشموا رائحة اللحم منذ زمن ليس باليسير فبالأحرى تحسسه بين الأضراس التي ألفت سوى الشاي المنعنع والكوميرا والزيتون الأسود . كل التوقعات تنذربأن شيئا ما سيحدث ,القدرة الشرائية للطبقات المسحوقة تتناقص باستمرار,الشغل منعدم بشكل رهيب ,الحكومة مصممة على سياسات التقشف التي لم تبق ولم تذر,خرج بوشتى من مسكنه لا يلوي على شيء الا أن يدبر أموره ويعود بالخروف الذي يا ما اشتاقت اليه حادة وصغارها الستة ووالدا زوجها بوشتى العجوزان..كان الله في عون بوشتى .فهو لم يضرب فيها ضربة منذ وقت طويل.هذا الأخير الذي لم يرحمه ولم يرحم عائلته. ومهما يكن فعليه أن يتدبر أمره ولا يخرج كل هؤلاء بلا عيد . عليه أن يبذل كل ما في جهده من أجل هؤلاء فهو المعول عليه وحده ولا أحد غيره في امكانه أن يفكه من هذه الوحلة. العيد يقترب شيئا فشيئا وهو هو المسكين لم يشعر أبدا بالوقت مثلما يشعر به الآن . كان الزمن يمضي عليه بوتيرة أخرى. كان ينام بدون أن يفكر فيما تخبئه له الأيام .كان ينام حتى تحمر عيناه.عيناه اللتان ترى الأشياء المعروضة هنا وهناك ولا يجد ما يخرج من جيبه سوى دريهمات لا تسمن ولا تغني من جوع.ويداه يداه اللتان صارتا يابستين تكاد العروق أن ينفجر منها دم معلنا عن دنو أجله المحتوم.ولكن اذا غاب بوشتى فمن سيعول العائلة ومن سيدخل عليها خروف العيد الذي تنتظره على أحر من الجمر؟ سؤال ستجيب عليه الأيام القادمة وليس أحد غيرها...