الحكومة تصادق على قانون التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مجلس الجالية المغربية يتفاعل مع الخطاب الملكي    ياسين بونو بين كبار اللعبة بمتحف أساطير كرة القدم بمدريد    مورو يدشن مشاريع تنموية ويتفقد أوراشا أخرى بإقليم العرائش    الحكومة تصادق على نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024.. مجموع المغاربة هو 36.828.330 نسمة    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    يغيب عنها زياش وآخرون.. مفاجآت في تشكيلة الأسود قبل مبارتي الغابون وليسوتو    نزهة بدوان نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع بالإجماع    6 نقابات تعلن إضرابا في المستشفيات اليوم وغدا وإنزال وطني بسبب "تهديد صفة موظف عمومي" (فيديو)    أسئلة لفهم مستقبل فوز ترامب على بنية النظام الدولي ومَوقِف الدول العربية    البنيات التحتية الأمنية بالحسيمة تتعز بافتتاح مقر الدائرة الثانية للشرطة    انتخاب المغرب بالأغلبية لتولي منصب نائب رئيس منظمة الأنتربول عن القارة الإفريقية    هذه برمجة الدورة ال21 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش    إطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    مؤشرات إيجابية نحو إنهاء أزمة طلبة الطب واستئناف الدراسة    استعدادات المنتخب الوطني: الركراكي يعقد ندوة صحفية وحصة تدريبية مفتوحة للإعلام    منصف الطوب: هذا ما تحتاجه السياحة لتواصل صورتها اللامعة    إصلاح الضريبة على الدخل.. المحور الرئيسي لمشروع قانون المالية 2025    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    بوجمعة موجي ل"رسالة24″ : يجب تعزيز الرقابة وحماية المستهلك من المضاربين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    شخصيات رياضية تكرم محمد سهيل    جو بايدن يشيد بهاريس رغم الخسارة    سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين    جدري: القطاعات التصديرية المغربية كلها تحقق قفزة مهمة    كلميم تطلق تشييد "مركب لالة مريم"    "خطاب المسيرة".. سحب ضمني للثقة من دي ميستورا وعتاب للأمم المتحدة        تظاهرات واشتباكات مع الشرطة احتجاجا على فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية    نجم منتخب أوروغواي السابق دييغو فورلان يحترف التنس    وزارة الصحة تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    التّمويل والصّيانة تحديات تحاصر أجرأة مشاريع برنامج التنمية الحضرية لأكادير    300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا .. والوزارة تقترح هذه الخطة    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    لأول مرة.. شركة ريانير الإيرلندية تطلق خطوط جوية للصحراء المغربية    "الحرمان من الزيادة في الأجور" يشل المستشفيات العمومية ليومين    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    انخفاض عدد المناصب المحدثة للتعليم العالي إلى 1759 منصبا في مالية 2025    الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يبرمج تسهيلات مهمة للمتقاعدين    دراسة: أحماض أوميغا 3 و 6 تساهم في الوقاية من السرطان    انطلاق الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    ابتسام بطمة ترد على شائعات العفو الملكي    برنامج يخلد المسيرة الخضراء بمونتريال    "مهرجان سينما الذاكرة" يناقش الدبلوماسية الموازية في زمن الذكاء الاصطناعي    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة        كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ستيفن لاكروا :الإعلام الغربي ليس لديه الفهم الكافي لقضايا الإسلاميين
نشر في السند يوم 07 - 10 - 2010

المظاهر الاجتماعية للإسلاميين (الحجاب والنقاب واللحى)، الخصوصية الثقافية، حقوق المرأة، جدلية الدين والعلمانية، الهواجس الأمنية من وجود الإسلاميين، الخوف من تمدد الإسلام وانتشاره "الإسلاموفوبيا"، قضايا كثيرة تلك التي باتت مرتبطة بوجود الإسلاميين في الغرب، حتى أصبح ينظر إلى هذا الوجود باعتباره تحديًا لهذه الدول وشعوبها، خاصة فيما يتعلق بجوانبه الاجتماعية والثقافية.
هذا الأمر حدا بالقوى الغربية حكومات وأحزاب ومؤسسات ثقافية إلى اتخاذ إجراءات، وسن قوانين، للحد من أثرهم على الحياة هناك، وهي إجراءت اعتبرها الإسلاميون اعتداء على حرياتهم وحقهم في العيش بكرامة، كغيرههم في هذه البلدان. وفي هذا الإطار، يطرح وجود الإسلاميين في المجتمعات الغربية أسئلة كثيرة حملناها إلى الباحث الفرنسي والمختص بشؤون الحركات الإسلامية، ستيفن لاكروا، أستاذ العلوم السياسية في باريس.
فإلى نص المقابلة:
* نود أن نلقي الضوء على الحركات الإسلامية في الغرب، سواء في أوروبا وأمريكا، خاصة بعد مرور 10 أعوام على تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر.. هل النظرة تغيرت، أو هم تغيروا حركيًا وتنظيميًا؟ لكن قبل أن تجيب دعنا نبدأ بتعريف "ستيفن لاكروا" للقارئ.
اسمي ستيفن لاكروا، أستاذ علوم سياسية في جامعة "سيانس بو" في باريس، تخصصي في الحركات الإسلامية، وخصوصًا في الخليج والسعودية. كتبت أطروحة الدكتوراة في الحركات الإسلامية بالسعودية، ولست متخصصاً في الإسلام في أوروبا أو في الغرب، ولكني مطّلع على هذه الأمور، بسبب تخصصي العام وربما أشارك بتحليلاتي المبنية على مراقبتي للوضع هناك.
* يعرف العالم العربي والإسلامي تنوع الحركات الإسلامية: الإخوان المسلمون، السلفيون، الجهاديون، إلخ، فهل الغرب يعرف هذا التنوع؟
إن كنت تقصد هل هذا التنوع موجودًا؟ فنعم هو موجود في فرنسا وفي أوروبا وفي أمريكا، هناك إخوان وسلفيون وهناك تبليغ وجهاديين وإن كان هؤلاء الجهاديون متواجدين بقلة، لكن كل هذه الحركات موجودة.
* كملاحظ و مراقب، هل ثمة تغييرا استوقفك في بنية الحركات والجماعات بعد الحادي عشر من سبتمبر؟
أكيد هناك تغيير، فالحركات الإسلامية أصبحت تحت مراقبة شديدة من الحكومات الغربية، السلفيين أولاً. ففي حالة إنجلترا مثلا كان هناك شيوخ سلفيين جهاديين موجودين منذ التسعينيات، والحكومة الإنجليزية لم تبالِ بهم حتى الحادي عشر من سبتمبر، فقد انقلب الوضع حينها.
القضايا الاجتماعية للإسلاميين في الغرب
* لما تهتم بهم، تقصد أمنيًا؟
نعم أمنيًا، في الماضي كان البعض يظن أن وجود الجهاديين في إنجلترا، ضمانة لأهل إنجلترا،
في التسعينيات، حتى لا تحدث تفجيرات هناك، لأنهم أُعطوا اللجوء من قبل حكومتها. لا أدري إن كان هناك اتفاقا من هذا القبيل أم لا، ولكن هذا ما كان يقال.
لكن بعد الحادي عشر من سبتمبر، وبعد التفجيرات التي وقعت في لندن في يوليو 2005م تغيرت الصورة، فكثير من هؤلاء الجهاديين اعتقلوا وبعضهم طرد. أما بالنسبة للسلفيين غير الجهاديين، فقد أصبحوا تحت مراقبة شديدة، مع أنهم مسالمين، وغير مسيسين. فقد بدأت الحكومات تراقبهم، وتم انتقاد بعض المواقف لهم، ليست مواقف سياسية، بل مواقف اجتماعية، على سبيل المثال: هناك قضية شهيرة شهدتها فرنسا قضية الشيخ "عبد القادر بو زيان" وهو سلفي جزائري طردته فرنسا عام 2004م، ليس بسبب مواقفه السياسية، فقد كان غير مُسيساً، ولكن بسبب مواقفه الاجتماعية خصوصًا قضية المرأة. لأنه صرح بأن ضرب الزوج للزوجة مسموح به. فاعتبرت السلطات تصريحه اضطهادا للمرأة، لأنه غير جائز في الغرب، لذلك طُرد.
* إذا كانت هذه النظرة على المستوى الأمني أو الحكومي، كيف هي النظرة لدى رجل الشارع الغربي؟ أو كيف واقع الإسلاميين في الشارع الأوروبي؟ وأنا هنا لا أسأل عن فرنسا وحدها.
أعتقد إنه لابد أن نفرق بين حالتين مختلفتين: فرنسا تمثل حالة خاصة عن باقي أوروبا، لأن فرنسا بها نظام علماني كما تعرف، والفرنسيين عندهم مشكلة مع المظاهر الدينية، فهم يرون أن العلمانية تتطلب من كل واحد أن يلغي المظاهر الدينية. يعني في المحيط العام لابد أن يكون كل الناس سواء، وهذا من الأشياء التي سببت مشاكل مع الإسلاميين.
* على اعتبار أن لهم مظهرهم الخاص؟
في فرنسا تعتبر قضيتا الحجاب والنقاب مختلفتين، بالنسبة للنقاب فأكثرية من الفرنسيين أيدوا فكرة منعه في الشارع والحكومة سنت قانونا جديداً بخصوصه، أما بالنسبة لقضية الحجاب: لم يطالب أحد بمنعه في الشارع سوى بعض المتطرفين جدا من اليمين وتأثيرهم ضعيفً، لكن في المدارس كان فعلاً هناك إجماع من قبل كبار الفئات السياسية على منع الحجاب، ومع ذلك كان هناك بعض التيارات اليسارية غير الحزب الاشتراكي، دافعت عن النساء المحجبات، وقلبت الأمر بقولهم أن منع دخول المحجبات في المدرسة هو الاضطهاد الحقيقي للمرأة، وبعض هذه التيارات بدأت تدافع عن المنقبات مؤخراً.
العلمانية في فرنسا شبه مقدسة، الفرنسيون يرون أن الجمهورية الفرنسية بُنيت على هذا المبدأ. كأن الفرنسيين يأخذون على الإسلاميين ليس مواقفهم السياسية ولكن مواقفهم الاجتماعية، هم يفهمون الظروف والمواقف السياسية لأن فرنسا تملك تاريخا طويلا من الجدل السياسي. لكن الكثير منهم يرون أن المواقف الاجتماعية تشكل مشكلة، ولكن إذا نظرنا إلى بلدان غربية أخرى مثل إنجلترا و أمريكا، قضية المظاهرالدينية لم تكن قضية أصلاً، لأن في إنجلترا وفي أمريكا الناس يقبلون فكرة وجود طوائف مختلفة ولكل طائفة صفاتها الخاصة، وهذا مقبول عند الجميع، فالمسلمون عندهم مظاهر خاصة، الهنود عندهم مظاهر خاصة، حتى السيخ عندهم مظاهر، لكن أمريكا يهمها المواقف السياسة وهذه جوهر مشكلتها مع الاسلاميين.
*السياسة وربما الدين أوضح؟
عند الامريكان الدين ليس القضية، السياسة هي القضية، فبلا شك مشكلة فرنسا الأساسية مع الإسلاميين مشكلة اجتماعية، وأمريكا مشكلتها سياسية.
* في ظل هذه المراقبة الأمنية والسياسية، هل تجد الإسلاميين يمارسون حياتهم وأنشطتهم بحرية، هل يجتمعون في المساجد مثلا كجماعات أو فرادى، في المنتديات. هل يمكن أن يقول منهم الفرد ما يشاء أن يقول بحرية. أم أن الموضوع فيه كونترول؟
أكيد هناك حساسية، ولكن القانون يسمح لهم بممارسة حياتهم بشكل طبيعي. طبعًا هذا بالنسبة للإسلاميين المسالمين، لكن بالنسبة للذين يتبنون العنف فالأمر مختلف. ومن هؤلاء الإسلاميين المسالمين حركة الإخوان المسلمين التي لها جمعيات، وفي فرنسا جمعياتهم كبيرة جدًا، ومنها : "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا"، وهو ينظم مهرجاناً كبيراً كل سنة في أحد الأماكن العامة قريباً من باريس، ويزوره مئات الآلاف، وليس هناك أية حساسيات في مثل هذه الأنشطة.
الإعلام الغربي وتشويه الصورة
* كمثقف غربي، هل تلاحظ إن الإسلاميين مثلاً كجماعات يختلفون فيما بينهم، أقصد هل الغربي يعرف ذلك، أن هؤلاء سلفيون، وهؤلاء إخوان، هؤلاء جهاديون؟
من الصعب أن نعمم، لكن الخبراء والباحثين يعرفون الفرق، أما الناس في الشارع كثير منهم لا يعرفونه، ولكن إن عرف بعضهم أن هذا الشخص إسلامي قد يخافون، لأنه مسلم متشدد، في وعيهم، وهذه الصورة يساهم في تعزيزها الإعلام.
* نلاحظ في الإعلام الغربي اهتماما كبيرا بقضايا الإسلاميين، الصحف ووسائل الإعلام، لكن هل هذا الاهتمام أو هذا التناول لقضاياهم يعكس دقة أو تحرى للموضوعية؟
لا، ليس دقيقاً، أبدًا. ومن الأمثلة التي تدل على عدم الفهم للتنوع داخل التيار الإسلامي أنه كثيرا ما تتصدر عناوين الصحف الغربية عبارة:"تم اعتقال شخص كذا في مدينة كذا، بسبب الاشتباه بأنه إسلامي". كأن الإسلامي بالضرورة إرهابي، وتصبح في مثل هذه الحالات صفة الإسلامي تهمة، وهذا دليل على أن الكثيرين لا يفهمون الفرق، ولكن الطامة الكبرى أنه حتى الصحفي الذي يعتبر أكثر تثقيفاً من الجمهور لا يفرق أو انه لا يريد التفريق.
* ماذا عن الإسلاميين من أصول غربية، هل هؤلاء كثير أو مُشاهدين في المجتمع.
هم قلة، الشخص الذي يظهر كثيرًا "طارق رمضان" في فرنسا وفي سويسرا.
* لكن طارق رمضان ليست أصوله غربية؟
هو من أصول مصرية، لكنه سويسري، ويتكلم اللغة الفرنسية بطلاقة، ويشكل جانباً مهماً من النقاش في فرنسا. لأنه شخص مثقف وغالباً يدعونه إلى ملتقيات ونقاشات وبرامج تلفزيونية شهيرة. وهناك في إنجلترا وفي أمريكا أناس مثله. ولكن في فرنسا لا تجد الكثير منهم، هناك آخرين لا تستطيع وصفهم بالإسلاميين، مثلاً إمام جامع باريس "دليل أبو بكر" وهو رجل دين تقليدي جدًا، قريب من الجزائر والحكومة الجزائرية، وطبعًا لا يُعتبر نفسه إسلامي، كذلك لايعتبره أحد إسلامي، فهو علماني سياسياً تمامًا، بينما طارق رمضان ليس علمانياً، بل يدافع عن الشريعة الإسلامية، مصراً أن ما يقوله لا يتناقض مع النظام الفرنسي.
* إلى أي مدى يمكن أن نقول أن هناك تزايدا إسلاميا في الغرب، أم أن هذا غير ملاحظ؟
أعتقد أن هناك تزايدا، تزايد على الأقل في المظاهر، يعني مثلاً الحجاب في تزايد بين المسلمات في فرنسا، لكن هل الحجاب يدل على أن البنت إسلامية بكل معنى الكلمة؟ أقصد أنها تملك رؤية إسلامية، أم انها متدينة فقط؟... من الصعب التفريق بين هذا وذاك. وكذلك النقاب انتشر وهذا بالتاكيد يعني أن السلفيين في تزايد، وخصوصًا بين المسلمين الجدد.
في فرنسا مثلا الذين يدخلون الإسلام إما أن يكونوا صوفيين، أو سلفيين، لأن الصوفية والسلفية هما المدرستين الجاذبتين للمسلمين الجدد، ربما الجانب الروحاني هو الذي يجذبهم إلى الصوفية، لأن هذا الجانب ناقص نوعاً ما في المجتمعات الغربية. أما السلفية فجاذبيتها ربما تكمن في أنها تنظم الحياة، خصوصًا أشخاص تعتري حياتهم الفوضى، فيرون أن السلفية تعطي لهم منهج حياة كامل وشامل، فالكثير يدخلون السلفية من هذا الباب.
* بمناسبة الحديث عن الصوفية، كيف حجم وقوة الوجود الصوفي في الشارع الغربي؟
الصوفي عمومًا حتى الصوفيين الذين أعرفهم بفرنسا ليس عندهم مظاهر، هم أقرب إلى الجانب الروحاني. فكثير منهم مثلاً لا يربون اللحى، وربما يجتمعون في مجالس ويمارسون الذكر، فربما الانتماء للصوفية لا يمنحهم مظهرية خاصة. الشيء الآخر الذي يفسر نمو الصوفية أنه من الممكن أن تكون صوفيا، وأنت تعمل بشكل عادي في كافة مناحي الحياة، ولا أحد يعرف أنك صوفي. لكن إذا كنت سلفيا وأنت في نفس الوقت مثلاً تدرس في الجامعة، هذا يصعب عليهم اجتماعيًا، لأن السلفي له مظاهره ونظامه في الحياة، لذلك التعامل مع الصوفي قد يكون أسهل اجتماعيا.
* أسهل في التعامل، وكذلك أمنيًا بالنسبة للدولة.
تعتقد الحكومات الغربية وأيضا المثقفين الغربيين أن التعامل مع الصوفي أيسر بالنسبة لهم، لكن هذه الفكرة ليست صحيحة تاريخيًا، أنها فكرة خاطئة، فمثلا في الشيشان في القرن التاسع العاشر كانت هناك مقاومة صوفية شرسة ضد الروس.
* عندنا في الدول العربية أجهزة أمنية متخصصة في متابعة الإسلاميين، إلى أي مدى يمكن أن ينطبق الأمر ذاته على الأوضاع في الغرب؟
نعم هناك الأمر ذاته، توجد مباحث وغير ذلك.
* لكن ماذا عن المداهمات الليلية؟
عموما الميزة في الغرب أن هناك قانون، وهذا ينطبق على المباحث أيضا. ومع ذلك أحيانًا، في كل الدول المباحث تقوم بتجاوزات.
* باعتبار قرب تركيا جغرافيا من الغرب، ماذا عن الموقف في الشارع الغربي من صعود حكومة حزب العدالة والتنمية هناك، وهي ذات جذور إسلامية، وما صاحب ذلك من تنامي للشعور بالرغبة في إحياء دولة إسلامية؟
تعرف إن فرنسا كانت منقسمة في الرأي العام حول قضية دخول تركيا الاتحاد الأوروبي، قبل ساركوزي كان هنا 50% معارضة، و50% تأييد، والمعارضة لأسباب كثيرة، فالبعض فعلاً لأسباب عنصرية، ولكن البعض يُعارض لأسباب أخرى، مثلا يقولون إن تركيا دولة كبيرة جدًا، فإذا دخلت أوروبا وهي دولة اقتصادها ليس على مستوى الدول الأخرى فسيسبب مشاكل للاقتصاد الاوروبي، فالمسألة اقتصادية وليست دينية. ولكن ساركوزي كان له غرض من التحالف مع هؤلاء الذين يعارضون، فشجع القضية، ولكن حتى في داخل الحزب –الذي ينتمي إليه ساركوزي- هناك أناس عندهم موقف مختلف. "شيراك" كان مع دخول تركيا في البداية، ولكن لما رأى أن هناك تيار معارض، من المعروف أن السياسيين يركبون الموجة. ولكن عمومًا هناك انقسام وربما المعارضين أكثر، وبالفعل وجود اسلاميين في الحكم لعب دورا كبيرا في القضية لأن معارضو دخول تركية إستغلو القضية لتقوية موقفهم.
* ماذا عن الإسلاموفوبيا؟
الإسلاموفوبيا أصبحت منتشرة، وبعض الأحزاب اليمينية تحاول أن تستفيد منها، مثلا الوضع في هولندا أصبح مخيفا جدًا. خلال السنوات الأخيرة ال 3 أو 4 سنوات بدأت الإسلاموفوبيا تنمو بشكل ملحوظ ، كأنها ردة فعل للحادي عشر من سبتمبر، وإن كانت ردة فعل متأخرة. في البداية كنت أستغرب من أن الفرنسيين ما زال عندهم مبادئ والغربيين عمومًا تمسكوا بالمبادئ، ورفضوا المواقف العنصرية، لكن مع الوقت كثير من هذه الأشياء تغيرت. كأن الأحزاب اليمينية في أوروبا فهموا أن هناك قضية يستطيعون أن يستغلوها لمكاسب سياسية. السياسيون فهموا أن هذه قضية وأن هناك أناس عندهم مواقف معينة من هذه القضية، وبالتالي إذا قالوا كلام معين موجه لهم سيكسبونهم، فبدأ كثير من الأحزاب اليمينية – ولا أقول كل الأحزاب- يلعبون على هذا الوتر، في هولندا، في الدانمارك، في إيطاليا. وفي فرنسا ما زال الحزب اليميني الحاكم متردد في هذا الأمر، ولكن بعض الوزراء، قالوا أشياء مستفزة. فهذا شيء سيئ، أرى إن السياسيين دورهم أن يكونوا عقلاء، أعقل من الشعب. لأن إذا كان هناك مشاعر سيئة ومشاعر حقد عند الشعب، السياسيين يجب أن يصححوها. ويثقفوا الشعب، ويوجهوا الشعب في الاتجاه المعتدل. والخطير جدًا أن يستفيد السياسيون من التطرف الموجود لمكاسب سياسية.
* كنت أريد أن أتعرف منك على أكثر القضايا حساسية للرجل الغربي تجاه الإسلاميين، برأيك. وجودهم، أنشطتهم، حياتهم الاجتماعية، أم الخوف الأمني؟
أعتقد إن الموقف يختلف حسب كل بلد، فرنسا لها مشكلة تاريخية مع المظاهر الدينية. لأن فرنسا شهدت في الماضي السلطة المستبدة وكانت سلطة الملك، والكنيسة كانت متحالفة معه، فثورة سنة 1789م جاءت ضد الدولة وضد الدين في نفس الوقت، لأن الدين والدولة كانت نفس الشيء. فالدين كان يعتبر مرتبط بالاستبداد، والفرنسيين ثاروا ضد الدولة وضد الدين في نفس الوقت، لأنهم يروا أن الدينيين والقساوسة والكنيسة؛ هم أركان الاستبداد. فلذلك جاءت من هذا الشيء الحساسية ضد الدين، لأنهم دائمًا الفرنسيين يخافون من سلطة الدين والدينيين والكنيسة. ومن هنا ينظر الكثير في فرنسا الآن إلى الإسلاميين والمظاهر الإسلامية كأنها الشيء نفسه، كأنهم يقولون: "نحن تخلصنا من الكنيسة ومن سلطة الكنيسة والآن تأتي لنا سلطة دينية أخرى تريد أن تفرض نفسها"، والمقارنة طبعا ليست صحيحة. لأن الكنيسة كانت هي السلطة، الإسلام في فرنسا والفئة الإسلامية أبعد ما تكون عن السلطة.
الإسلاميون جزء من المجتمع وليس عندهم سلطة، وهم لا يقولون إنهم يريدون أن تكون الدولة إسلامية. فهذا خوف غير منطقي. ففي فرنسا يوجد فعلا عنصريون لا يحبون المسلمين لأنهم يرون أنهم أجانب وافدين، ولكنهم ليسوا أكثر من 10% او %15، ولكن الذي يزيد من تأثيرهم أنهم وجدوا حلفاء، داخل فئات علمانية، ليسوا بالضرورة عنصريين، ولكن عندهم هذا الخوف غير المنطقي من الدين لأسباب تاريخية.
* نسمع أحيانا عن أن الغرب ذاته بدأ يعود إلى الدين من جديد، وأن هناك صحوة دينية لدى الأوروبيين، ما صحة ذلك؟
نعم هذا موجود، لكن بشكل غير كبير، لا أعتقد إنه كبير.. لا نستطيع أن نقول إنها صحوة، فعلاً ربما نسبة المتدينين كبرت قليلاً، ولكن لا نستطيع أن نتكلم عن موجة، ليس هناك موجة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.