بمناسبة اليوم العالمي للمدرس )ة( والذي يصادف الخامس من أكتوبر من كل سنة، تتوجه المنظمة الديمقراطية للتعليم )المنظمة الديمقراطية للشغل( بتحية اعتزاز وتقدير لكل المدرسات والمدرسين لما يبذلونه من مجهوادات من أجل نشر العلم والمعرفة والسهر على التنشئة الاجتماعية والمساهمة في بناء مجتمع الديمقراطية والحرية والعدالة. كما تخلد الأسرة التعليمية هذا اليوم الأممي هذه السنة في ظل تحديات استثنائية تتمثل أساسا في تواصل تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وضعف ظروف العمل واستمرار تعنث الوزارة الوصية في التعاطي الإيجابي مع الملف المطلبي وكذا إصرار الجهات المسؤولة على تهميش المدرس وعدم استشارته في الإصلاح التربوي، الشيء الذي يفرض عليه إكراهات خطيرة ومتزايدة تحول دون قيامه بمهامه على أحسن وجه وتجعل منه أداة تنفيذ فقط بدل فاعل مشارك ومنخرط في الورش الإصلاحي للمنظومة التربوية. إن تحسين الأوضاع المادية والمعنوية للأسرة التعليمية والعمل على تغيير ظروف ممارستها المهنية وتمكينها من حقها في المشاركة في اتخاذ القرارات، وبالتالي إعادة الاعتبار إليها لتحتل المكانة اللائقة بها في المجتمع، ليعتير لا محالة مدخلا أساسيا وجوهريا في نجاح الإصلاح وتطور أداء المدرسة العمومية وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة. كما تحتفل الأسرة التعليمية بهاذ اليوم العالمي في ظل تنزيل انفرادي وأحادي الجانب لإصلاح جديد لنظامنا التعليمي يحاول أن يرمم ما أفسده الدهر وما أفسدته الحكومات المتعاقبة بطريقة استعجالية دون تفعيل لأبسط شروط النجاح ألا وهي الإشراك والتشاور مع مختلف الفاعلين التربويين، مما أدى إلى عدم بلوغ الأهداف المسطرة،-رغم التطبيل لبعض المكاسب الكمية الهزيلة- كما يعكس ذلك بشكل جلي الدخول المدرسي لهذا الموسم والذي شهد تسجيل نفس الأعطاب ونفس الاختلالات وعرف استمرار أزمة حقيقية للمنظومة التربوية وفشل الإصلاح الحالي ومحاولة إلصاق تهمة الإخفاق بالشغيلة التعليمية التي لا زالت كما عهدناها من قبل تقدم التضحيات الجسام وتسهر على تقديم رسالتها النبيلة بالرغم من التحديات والإكراهات المطروحة أمامها. لقد جاء البرنامج الاستعجالي، على عكس ما توقعته الأسرة التعليمية ومعها المنظمة، بعيدا عن طموحات وانتظارات الشعب المغربي، مجانبا للسبل المؤدية للإصلاح الحقيقي والشمولي، بل أكثر من ذلك جاء مجحفا ومتنكرا لمجهودات ومطالب الأسرة التعليمية بحيث عمل على الاستمرار في الإجهاز على ما تبقى من المكاسب التاريخية وأخرج بدعة المدرس المتنقل والمتحرك والكفيل والمدرس الذي يمكنه أن يدرس أكثر من مادة وأكثر من مستوى في نفس الفصل، وأن يدرس في أكثر من مؤسسة تعليمية، ومدرس يمكن أن يدرس كل سنة في مدينة أو قرية أو دوار في عملية إعادة انتشار تؤثر سلبا على استقراره الاجتماعي والنفسي. هذا، دون أن ننسى الاختلالات البنيوية التي لازالت تعاني منها المدرسة العمومية من خصاص متزايد في الأطر الإدارية والتربوية وتردي بنيات الاستقبال وافتقارها في أغلب الأحيان للحد الأدنى من التجهيزات الأساسية وانعدام الماء والكهرباء والمرافق الصحية وتفاقم ظاهرة الاكتظاظ...، ناهيك عن تواجد العديد من الفصول الدراسية المعزولة والفرعيات المهجورة في أماكن جد نائية ومناطق صعبة المسالك، لكن يصلها المدرس لأنه يؤمن بنبل رسالته التربوية والاجتماعية ويؤدي مهمته بإخلاص وتفان عظيمين. إن المنظمة الديمقراطية للتعليم، وهي إذ تخلد اليوم العالمي للمدرس وتقف وقفة إجلال وإكبار لكل الشموع المتقدة التي تنير الطريق لأجيال الغد وتقهر كل أشكال الظلام والجهل متشبتة بمشروعية مطالبها وحقها في السمو بمكانتها الاعتبارية ودورها المحوري في تقدم وتطور المجتمع ليبلغ تنمية اجتماعية واقتصادية جديرة بالشعب المغربي وبوطننا الحبيب، لتؤكد مجددا على ضرورة الانكباب على تحسين الأوضاع المادية والاجتماعية لنساء ورجال التعليم من جهة، وإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية وتحسين مؤشراتها الكمية والنوعية مع أهمية إشراك المدرسين في اتخاذ القرارات، وتدعو إلى تعزيز روح التضامن ووحدة الصف التعليمي ونبذ كل أشكال التفكك والتشرذم والتمزق من اجل بناء وحدة تعليمية قادرة على إرجاع قوتها النضالية والاقتراحية بما يعود بالنفع والخير لمستقبل الأجيال القادمة، ومستقبل تعليمنا العمومي، ومستقبل مجتمعنا، وتقدم وازدهار بلدنا.