شيئا فشيئا بدأت استطيب طعم هذا الماء، رائحة الطعام، وجوه الاشخاص ...بدات أحس بتلاشي شعور الخوف و الغربة الذي استطانني أسبوعا كاملا... بدأت أخرج، أتكلم أعيش الزحام ,تجولت شارع مراكش ، عشت فوضى سوق الأحد وترف أسيما،أعجبت بلسعة الطاليان وباثمنة طارزا قرأت قليلا عن اولاد عبدون،بوجنيبة، لوسيكا ... حقيقة بدأت ادرك انه قدري الدي يجب ان اعيشه و أكتشفة وهروبي إن طال قتل أو قتل. التقيت نهاية الاسبوع بصديق والدي ابراهيم في مقهى الاطلس كانت جلسة لذيذة ممتعة، استمتعت فيها بلغة جديدة بلكنة خريبكة حدثني عن علاقته بوالدي، عن حكايتهما البعيدة في الزمان و المكان،عن أايام "سيزيام ريم" التي لا تنسى، عن تقاعد الخمس و اربعين عاما الذي أنهى رحلتهما بالجيش ورمى بهم الى قارعة الفقر بمعاش زهيد لا يكفي لشيء. انشغل ابي برعاية أرضه و أختار ابراهيم سيارة أجرة يقضي بها مع عجز معاشه عن قضائه..."باك كان رجل مزيان و درويش" أعادها في وجهي مرة...مرتين ،امتد الى حكاية المدينة المنجم الى أناسها وعاداتها الى عملي المرتقب إلى ابناء جلدتي هنا ، حقيقة بكلامه أحيا هدا الرجل في كل التناقض الدي عشته أن اسمع عنه، "هنا "منجم" ولو تغيرت الاشياء خرج المنجم من قعر الارض يبقى منجما ، هنا عمل يتمناه الكثيرون ولا يطيقه القليلون . كما قلت لك لن يكون ما حدثتي عنه من خوف وضياع إلا البداية تماما كصرخة طفل عند الولادة.لكن نصيحتي اليك اكررها ان تلتزم هدوء الاعصاب و تتجنب كثرة الحديث و الاختلاط، هنا يحبون الناس الدراوش من يعملون دون صراخ ولا مشاكل ، كم جنديا كوالدك تسلم. وأنت شاب قد تنزلق بين يوم و اخر انصحك بالصوم والالتزام فهده مدينة بعبع قد تأكلك كما اكلت أخرين قبلك ، ادا أردت العودة يوما الى تازة فتزوج من بنت جلدتك ،خير لك ان تطلب من امك او اختك عندما "تترسم" ان تبحث عن من يشاركك غربتك . كان حديث سي براهيم...الدي التقيته بعد اربعة ايام حديثا شيقا أعاد الي احساسي بالوجود بعد أن ظللت أياما طائرا في متاهة من الكوابيس . الثلاثاء، موعد دخول المركز، استيقظت مبكرا و إن منعني الارق من ليلة نوم هانئة في اخر ليلة لي بالفندق ، خرجت الى مقهاي المعتاد، الى كاس "الشاونية" و"البتي بان" ككل صباح. تدحرجت على طول الطريق من نزل باريس الى "السيفو"، كان المكان أكثر حركة من أمس ثنائيات و ثلاثيات ،و فرادى، شباب بين العشرين و الثلاثين مرشحون-ربما- مثلي لدخول مركز التكوين الفوسفاطي.كنت من الفرادى البائسين ممن و قفوا بعيدا عن الباب يتلصصون بسذاجة زحام اول يوم .اخرون زملاء سابقون أوابناء المدينة اندمجوا في نكات و قهقهات . السابعة و النصف فتح الباب و قف رجلان يتفحصان الاستداعاءات واحدة تلوى الاخرى.خلفهما علقت سورة صغيرة تربط الرموز بالاقسام. قبل ان يدخل الكل ويرتفع صوت حرس معلننا أغلاق الابواب ،لنبدأ أول يوم داخل الاسوار.