تستعد جماعة الإخوان المسلمين للإعلان رسميًا عن موقفها من خوض الانتخابات البرلمانية القادمة، المقرر إجراؤها نهاية العام الحالي، وهو الإعلان الذي طال انتظاره في ظل دعوات وجهتها قوى وحركات سياسية بمقاطعة هذه الانتخابات لعدم استجابة النظام لمطالبها بتهيئة الأجواء لمنافسة حقيقية بين المعارضة والحزب الحاكم. ومن المنتظر أن يعلن الإخوان عن موقفهم الرسمي عقب اجتماع تقرر الأربعاء القادم لمكتب الإرشاد، الجهة المنوط بها اتخاذ القرار في الجماعة، ويتجه هذا الإعلان بقوة إلى تأكيد مشاركة الجماعة. وكانت أحزاب الوفد والتجمع والجبهة والعربي الناصري طالبوا الحزب الحاكم بضمانات لنزاهة الانتخابات، إلا أن الحزب الوطني رفض إجراء أي تغييرات جوهرية في النظام الانتخابي، وعَلَت أصوات المطالبة بمقاطعة الانتخابات في أعقاب اكتساح الحزب الحاكم انتخابات مجلس الشورى التي جرت في يونيو الماضي، وشككت في نزاهتها جماعات حقوقية. ودعت "الجمعية الوطنية للتغيير" التي يتزعمها د.محمد البرادعي حركات المعارضة في مصر إلى مقاطعة الانتخابات، نظرًا لأنها "تجرى في ظل قانون الطوارئ، ومن دون إشراف فعلي للقضاة، ومن دون رقابة من منظمات المجتمع المدني"، وهي الدعوة التي استجاب لها أحزاب "الغد" و"الجبهة الديمقراطية" و"الكرامة" إضافة إلى بعض الحركات الاحتجاجية مثل "كفاية" و"شباب 6 أبريل"، إلا أن الإخوان لم يستجيبوا لها، معتبرين الجمعية الوطنية، فقط "إطار للتنسيق بين القوى والأحزاب (...) لا يصدر عنها قرارات ملزمة وإنما توصيات للتنسيق والتواصل (...) لا تلزم المشاركين فيها". لكن الجماعة التي تمثل أكبر قوى المعارضة في البلاد وفي محاولة منها لدفع الحرج ظلت حريصة على عدم إعلان موقفها الرسمي قبل التعرف على مواقف الآخرين، خاصة الكبار من أحزاب المعارضة "الوفد" و"العربي" و"التجمع" الذين أعلنوا جميعا خوضهم الانتخابات، ومثل إعلان الوفد بشكل خاص أهمية كبرى في حسم هذا السجال نظرًا لعراقته على الساحة السياسية ودوره الذي أخذ يتعاظم منذ تولي د.السيد البدوي رئاسته. ورغم إحجامها عن الإعلان الرسمي، حتى الآن، إلا أن الجماعة، التي بدأت مبكرًا الإعداد للمعركة الانتخابية، تبدو وقد حسمت موقفها من المشاركة، بعدما غضت الطرف عن دعوات المقاطعة حتى تلك التي جاءتها من قواعدها الشبابية، إذ تنم كافة التصريحات التي صدرت عن قادتها بأن دخول السباق الانتخابي بات أمرًا محسوما بالنسبة للإخوان المسلمين. ففي تصريح لموقع الجماعة الرسمي، قال المتحدث الإعلامي وعضو مكتب الإرشاد د.محمد مرسي: "أن الأصل عندنا المشاركة في كل الانتخابات؛ ولذلك فإننا نستعد للانتخابات ويتحرك رموز الإخوان في المجتمع ويمارسون حقهم الطبيعي في التواصل مع أبناء دوائرهم". وتشير التقديرات إلى أن الجماعة ستدفع بأكثر من 200 مرشح بينهم 10 سيدات، لكنها لن تعلن أسماء مرشحيها إلا بعد فتح باب الترشيح. وكشفت مصادر بالإخوان ل "أون إسلام" عن أن نواب الجماعة الحاليين ودوائرهم على الأقل بنسبة 90% منها خارج إطار التنسيق أو التنازل من جانبها لأي جهة، وهناك اتجاه ليكون التنسيق فقط في الدوائر التي لا تملك فيها الجماعة نوابا، ولديها مرشحون جدد، أو في الدوائر التي لا تمتلك فيها الشعبية الكافية لتمكينها من الفوز. وتراهن الجماعة على أن التزوير في انتخابات مجلس الشعب المقبلة سيكون أقل كثيرًا من انتخابات الشورى الماضية، لأنه لو حدث عكس ذلك سيكون بمثابة انتحار سياسي للنظام نظرا للمتابعة الشديدة من أجهزة الإعلام وكافة الجهات في الداخل والخارج. ويعتقد مراقبون بأن هذه الانتخابات قد تكون حاسمة بالنسبة لمستقبل الأوضاع في البلاد، كما أنها قد تحدد إلى حد كبير مستقبل جمال مبارك وإذا ما كان يمكن ترشحه لخلافة والده، سواء ترك الأخير السلطة برغبته أو في حالة حدوث فراغ سياسي.