ماذا كان سيحصل (لو) كان رفيق الحريري ناصريا أو بعثيا أو إسلاميا؟ بل هل كان من الممكن أن يكون الحريري هدفا للاغتيال لو كان قوميا أو إسلاميا؟ لقد تم اغتيال العديد من القيادات القومية والفلسطينية والإسلامية داخل لبنان وخارجه، ولم تكن تحصل كل تلك الضجة، ولم يهب ما يسمى بالمجتمع الدولي للبحث عمن كان ينفذ الاغتيالات. وقد تم اغتيال العديد من القيادات اللبنانية ومن أطياف عدة، لكن اهتمام المجتمع الدولي انحصر فقط بإدانات أو تقارير إعلامية أو تصريحات سياسية. بعد مرور خمس سنوات، ما زالت قضية الحريري تتصدر نشرات الأخبار، وتستقطب الاهتمام، وتسبب الكثير من التجاذب والتنافر على مستوى الداخل اللبناني ومستويات عربية وعالمية. ولا يبدو في الأفق أن القضية في طريقها إلى النسيان، أو الانزواء لتكون خبرا قديما. وتقديري أنها ستبقى عنوانا هاما ما دامت قوى الممانعة في المنطقة غير مدانة بالاغتيال. سياسة سوريا في الاغتيالات وصلت سوريا إلى حالة من التوتر الشديد مع قيادات فلسطينية عندما كانت منظمة التحرير الفلسطينية تتخذ من سوريا ولبنان مقرا لها سواء من الناحية الإدارية أو العسكرية. وقد وجهت قيادات فلسطينية عدة انتقادات شديدة للرئيس السوري وللقيادة السورية بصورة عامة، وكان عرفات وحواتمة على رأس من وجه مثل هذه الانتقادات. ووصل الحد في العلاقة السورية الفلسطينية إلى الاقتتال في لبنان، وسقط المئات من الفلسطينيين والسوريين في اشتباكات وحروب لا طائل منها. وبالرغم من ذلك، لم تلجأ سوريا إلى اغتيال قيادات فلسطينية لا على أرض سوريا الصغرى، ولا على أرض لبنان، وأقصى ما فعلته أنها قررت طرد عرفات من دمشق عندما اشتدت التصريحات والتصريحات المضادة. تم اتهام سوريا باغتيال سعد صايل قائد القوات الفلسطينية، لكن بات واضحا مع الأيام أنه تم زج اسم سوريا في الاغتيال من قبل فلسطينيين متهمين بعملية الاغتيال. سوريا متهمة بأنها دبرت أو أمرت باغتيال بشير الجميل والرئيس معوض، لكن دون وجود أدلة دامغة على ذلك. وعلى أية حال، فترة الجميل ومعوض كانت مختلفة تماما عن فترة اغتيال الحريري من الناحية الاستراتيجية إذ كانت لبنان على وشك السقوط بيد إسرائيل تماما، وكان الأمن القومي السوري وأمن حلفاء سوريا في لبنان أمام خطر داهم. بل كان من الواضح أن سوريا ستقع تحت تهديد وضغط عسكريين جديدين من الخاصرة اللبنانية، وكان حلفاؤها مهددين بالانقراض. ولهذا تم الانقضاض على قيادتي الجيشين الفرنساوي والأمريكي في لبنان، وعلى اتفاقية 17/ايار/1983، وتم تعزيز المقاومة بجهود حثيثة ومتواصلة لتصبح رقما مانعا في لبنان. لو تحدث أحد في تلك الفترة حول مصلحة لسوريا في الاغتيالات لأمكن تفهمه. أما في فترة الحريري، فلم تكن الأمور مزعجة بالنسبة لسوريا حيث أن قواتها كانت تتمركز في لبنان، ولها حظوة وسطوة وقدرة على تسيير الأمور السياسية اللبنانية، وكانت المقاومة اللبنانية قد صعدت كمركز قوة رئيسي في المنطقة وليس في لبنان فحسب. من المحتمل جدا أن الحريري كان يشكل إزعاجا لسوريا بسبب تحالفه مع السعودية، وهو حامل للجنسية العربية السعودية، ولم يحظ برئاسة الوزراء إلا بدعم سعودي، لكن ذلك لم يكن يشكل خطرا على سوريا ولا على مصالحها ولا على مصالح حلفائها في لبنان. الحريري لم يكن يشكل عقبة أمام سوريا، وسوريا تعي تماما أنها لو كانت لتقضي على الحريري لما أفرز أهل السنة في لبنان رئيسا للوزراء مختلفا في سياسته عن الحريري وذلك بسبب التدخل السعودي والأمريكي المباشرين في تسمية رئيس وزراء لبنان. سياسة حزب الله في الاغتيال ليس من سياسة حزب الله اغتيال قيادات سياسية، ولا من سياسته استعمال السلاح ضد قوى داخلية، وإذا كان قد استعمل السلاح في 7/أيار فإن ذلك نتيجة حشره في زاوية خطيرة تعرضه لأجهزة الأمن الإسرائيلية. وحتى في ذلك اليوم، لم يمس حزب الله قيادات من 14/آذار، وأبقى عليهم في قصورهم لفترة قصيرة من الزمن. حزب الله يؤمن أن التوتر والاقتتال الداخليين يتغذيان على استعداده لمواجهة إسرائيل ويشتتان التركيز والاهتمام، وهو يعمل دائما على حل المشاكل بالحوار. من الممكن أن يستعمل حزب الله السلاح على المستوى الداخلي، وليس الاغتيال، إذا بات هناك إصرار على كشف ظهر المقاومة وتعريضها عن تعمد للعدو الصهيوني. ومن هنا، لم يكن للحزب مصلحة لاغتيال الحريري بخاصة أنه لم يكن رئيس وزراء قويا، ولم يكن عدوانيا، ولم يكن صاحب قرار. إذا كان لحزب الله مشكلة مع سياسة الحريري، فإن المشكلة تبقى قائمة بالأساس مع السعودية ومن يواليها ويدعهما وليس مع الحريري السابق أو اللاحق. وإذا كان لحزب الله أن يرغب بالسيطرة أو الهيمنة أو الزعرنة فإنه لا يوجد في لبنان من يردعه. اختلال ميزان القوى من الوارد جدا أن الحريري كان ضحية التغير الذي طرأ على ميزان القوى في المنطقة العربية الإسلامية، وأن دمه عبارة عن وسيلة أو أداة لدفع عقارب الساعة إلى الوراء. طرأ التغير الاستراتيجي من زاويتين: زاوية المقاومة العراقية وطالبان والقاعدة والتي تتمدد مع الزمن عبر جغرافيا المنطقة، وزاوية إيران وسوريا وحزب الله وحماس. من الزاوية الأولى، علق أهل الغرب بحروب وخسائر، ووسعوا دائرة أعدائهم، وباتوا يواجهون تحديات كبيرة دون أن تكون لديهم استراتيجية الهروب من المنطقة دون أثمان يدفعونها مستقبلا. أما من الزاوية الثانية، فواضح أن هيمنتهم على المناطق والسلع الاستراتيجية في المنطقة مهددة جدا، كما أن بقاء إسرائيل كدولة أصبح مهددا وذلك بسبب التطور التقني الإيراني ولإصرار سوريا على أن تبقى حليفا لإيران ونقطة وصل استراتيجية بين إيران وحزب الله. الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة وإسرائيل على لهيب جمر مما قد تتطور إليه الأمور العسكرية الاستراتيجية في المنطقة، وتخشيان جدا من نفوذ إيراني واسع في منطقة الخليج، ومن قدرة حزب الله على تثوير أهل السنة بخاصة في الدول المجاورة للكيان الصهيوني. ولهذا لا مفر أمام هذه الدول من البحث عن وسائل وأساليب لوقف التقدم الإيراني ولإضعاف حزب الله والقضاء عليه. ونحو ذلك، تم تجربة السياسات التالية: أولا: سياسة الحصار. تتعرض إيران منذ عام 1979 لحصار من قبل الولاياتالمتحدة وبعض حلفائها بخاصة فيما يتعلق ببعض السلع الاستراتيجية مثل قطع غيار الطائرات الحربية والمدنية. وتطور هذا الحصار ليصبح دوليا وبقرارات من الأممالمتحدة. كان لسياسة إيران تجاه إسرائيل النصيب الأكبر في فرض الحصار، إذ من المعروف أن إيران طردت السفير الإسرائيلي عام 1979 عقب انتصار الثورة، وحولت السفارة الصهيونية إلى سفارة فلسطينية. ثانيا: الحرب بين دول المنطقة. أشعلت الدول الغربية حربا طويلة بين العراق وإيران استنزفت العرب وإيران ماليا، وأدت إلى مقتل حوالي مليون عراقي وإيراني. كان هدفهم من الحرب إسقاط النظام في طهران والعودة إلى عهد الشاه، وإعادة تنصيب إيران كشرطي على منطقة الخليج. ثالثا: إثارة القلاقل الداخلية في كل من إيران وسوريا مثل تحريض مجموعات مسلحة للقيام بتفجيرات، أو تشجيع قوى معارضة لصناعة حالة من عدم الاستقرار. الكاتب مع ضرورة إقامة أجواء الحرية والسماح للمعارضة بالعمل، لكن اهتمام الدول الغربية لم يكن يوما بحرية العربي أو المسلم، وإنما بتلك الحرية التي تحافظ على مصالح الغرب وهيمنته. رابعا: حرب العلوم والتقنية والتي تعني محاولات أهل الغرب وعلى رأسهم أمريكا منع إيران من التقدم العلمي والتطوير التقني. لقد عملت الدول الغربية على مراقبة ما أمكن من السلع المتوجهة إلى طهران، وعلى محاصرة العلماء الذين من الممكن أن يساهموا في العمل العلمي لإيران. خامسا: تفتيت جبهة سوريا-إيران-حزب الله. حاولت الدول الغربية بمساعدة دول عربية عزل سوريا عن إيران وذلك بالترغيب والترهيب. عُرضت على سوريا الأموال، ومشاريع حلول بخصوص الجولان، وتعرضت سوريا للوعيد والتهديد مرارا وتكرارا كان آخرها في تموز/2010 لدفعها بعيدا عن إيران وحزب الله. يرى الغربيون أن حزب الله سيضعف كثيرا إذا أغلقت سوريا أبوابها أمامه وأمام إيران، وأن قدرته على الاستمرار في البناء العسكري والتقني ستتهاوى. ولا شك أن هذه مسألة استراتيجية هامة من حيث أن حزب الله سيتعرض للحصار فيما إذا أغلقت سوريا حدودها الافتراضية مع الحزب، وأن إيران ستفقد حليفا قويا وأساسيا في المنطقة فيما إذا قبلت سوريا بالعروض. عندها سيتبدد الخطر المباشر لإسرائيل، وتبقى طهران بعيدة غير قادرة على الاشتباك المباشر مع الصهاينة. سادسا: حصار حماس والحرب عليها. التفت الغرب والعرب إلى غزة، ورأوا أنها تساهم في التهديد الاستراتيجي للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، فمدوا يد العون لإسرائيل في حصارها لغزة، وفي حربها على غزة. صحيح أن حماس أضعف الحلقات، لكنها صمدت مع مختلف قوى المقاومة الفلسطينية. سابعا: الحرب على حزب الله. تفاءل الأمريكيون والإسرائيليون وأغلب العرب بالهجوم الإسرائيلي على حزب الله عام 2006، لكنهم فوجئوا بعجز إسرائيل، وبقدرة الحزب على خوض حرب باحتراف وجهوزية عالية. ثامنا: الفتن الداخلية. منذ عام 1979 وأغلب الأنظمة العربية بالتعاون مع إسرائيل وأمريكا تعمل على إثارة فتنة دموية بين السنة والشيعة، وهي أخطر فتنة يمكن أن يتعرض لها المسلمون فتستنزف طاقاتهم، وتستهلك شبابهم، وتريق دماءهم، وتثير فيما بينهم الكراهية والبغضاء التي بالتأكيد ستترتب عليها تطورات تربوية وعصبوية في غاية الخطورة. لم يكن يلتفت أحد إلى مسألة السنة والشيعة قبل انتصار الثورة الإيرانية، وحتى في العراق، عمل الرئيس الراحل صدام حسين على وأد المشاعر العصبوية؛ لكن الإيمان بدأ يظهر على العديد من قادة العرب بعد عام 1979، والعديد من الدول الغربية بدأت تحرض أهل السنة على اعتبار أن نهوض الشيعة سيؤدي إلى انحسار السنة. التحريض باتجاه الفتنة ما زال مستمرا، وهناك من السذج من أهل السنة وأهل الشيعة من يستجيب ظنا منه أنه يدافع عن مذهبه وقناعاته الطقوسية. هناك تفجيرات متبادلة في باكستان بين السنة والشيعة، وكذلك في العراق؛ وهناك تحريض في اليمن، وآخر في البحرين؛ وهناك محطات فضائية عربية متخصصة في إثارة الفتن والنزاعات. حاولت أنظمة عربية ودول غربية وإسرائيل رفع وتيرة التحريض الطائفي بعد حرب عام 2006، وذلك بسبب فشل إسرائيل في الحرب. ووصل الطغيان الفتنوي إلى فلسطين بحيث أن أعدادا كبيرة من الناس، بخاصة من المقربين للسلطة الفلسطينية، بدأوا يتحدثون ضد حزب الله الشيعي ويشككون بإنجازاته العسكرية. الإسرائليون أخذوا يتحدثون عن هزيمتهم في الحرب، بينما أصر عرب في لبنان وفلسطين والأردن ومصر والسعودية، الخ، على أن حزب الله قد هُزم، وأصروا على أن الخطر الشيعي قادم، وأن العدو هو إيران وحزب الله وليس الرفيقة إسرائيل. كانت لبنان وما زالت بؤرة أساسية للتحريض الفتنوي على أساس سنة وشيعة، وتمكنت الدعاية الفتنوية عبر أكثر من ثلاثين عاما أن تؤثر بأهل السنة خاصة ما أدى إلى تحولهم عن البعد الإسلامي والقومي إلى البعد القطري والطائفي. لقد أشبعوا أهل السنة أحاديث عن "مكر أهل الشيعة وفكرهم الخاص بالتقية وتآمرهم على الخلفاء رضوان الله عليهم، وشتمهم للصحابة والسيدة عائشة وأبو هريرة". لقد استجمعوا كل مساوئ وشرور التاريخ وبهروها وزادوا عليها لإقناع أهل السنة بأن الشيعة عبارة عن أناس مارقين يتربصون بلبنان والعرب من أجل إقامة الامبراطوية الصفوية وتحويل أهل السنة عن قناعاتهم. كان أهل السنة في لبنان في طليعة القوى القومية المدافعة عن الأمة العربية، وكانت طرابلس وصيدا وأجزاء من بيروت في طليعة الحماة الناهضين دوما ضد الغزو الاستعماري والهيمنة. ورويدا رويدا، تم التأثير عليهم بحيث أصبح أغلبهم من القوى التي تتجاوب تماما مع مصالح أمريكا ومن والاها من العرب، وتتجاوب أيضا مع إسرائيل. دم الحريري من هذه النقطة الأخيرة وهي سياسة الفتن تأتي أهمية دم الحريري. لقد جربوا وسائل وأساليب كثيرة جدا للسيطرة على التغيرات في ميزان القوى، ولم ينجحوا، فلماذا لا يجربون سفك الدماء إذا كان ذلك سيخدم مصالح إسرائيل وأمريكا ومن والاهما من العرب. لقد استخدموا هذا الدم للضغط على سوريا، لكن فشلت المحاولة، ولم يستطيعوا إثبات أي شيء ضد سوريا، واستمر التحالف السوري-الإيراني-حزب الله-حماس. والآن لا مانع من تجربة الناحية الأخرى من المعادلة عساها تفلح، فالتفتوا إلى اتهام حزب الله. أهل الغرب وإسرائيل لا يهمهم دم الحريري ولا دماء كل العرب، والحريري بالنسبة لهم عبارة عن مطية يمكن استخدامها لإثارة الفتنة والاقتتال في لبنان. فيما إذا حصلت الفتنة، سيضطر أهل السنة في البلدان العربية إلى دعم سنة لبنان، وستضطر سوريا أن تتراجع عن دعم الحزب بسبب ضغط أهل السنة. وهذا ما يدعو حزب الله للبقاء مستنفرا حتى لا تشتعل فتنة لا يستفيد منها إلا أعداء العرب والمسلمين. القرائن والأدلة واضح الآن أن قيادات لبنانية وعربية كثيرة من أهل السياسة والإعلام ليست معنية بالبحث عن الحقيقة لأنها رفضت فورا القرائن التي قدمها السيد حسن نصر الله في مؤتمره الصحفي بتاريخ 9/آب، أغسطس/2010 ضد إسرائيل، وقالوا إن القرائن لا تشكل أدلة، وبالتالي لا يمكن اعتماد ما قاله زعيم حزب الله. والسؤال هنا: لماذا قبلت هذه القيادات القرائن التي تم تقديمها ضد سوريا، ولا تقبل الآن بالقرائن التي تُقدم ضد إسرائيل. لقد حملوا على سوريا لمدة أربعة أعوام، وتوسعت وسائل إعلام هذه القيادات في كيل التهم لسوريا والتحريض ضدها بسبب قرائن وليس بسبب أدلة، فلماذا لا يفعلون ذات الشيء ضد إسرائيل؟ المسألة ليست متعلقة بأدلة أو قرائن، أو بالبحث عن حقيقة، وإنما متعلقة بإمكانية استخدام دم الحريري لإثارة الفتنة بهدف القضاء على ميزان القوى الجديد في المنطقة والذي ما زال يتبلور بالمزيد لصالح القوى الرافضة لإسرائيل وللهيمنة الغربية. وقد كان واضحا منذ اليوم الأول أن أصابع الاتهام ليست موجهة نحو إسرائيل، بل لم يفكروا أصلا بإسرائيل، وإنما بأعداء إسرائيل. وهذا يؤشر إلى تورط العديد من القيادات اللبنانية والعربية في التخطيط مع إسرائيل في البحث عن أسباب لإشعال الفتن. فحتى لو قدم حزب الله أدلة قاطعة مانعة ضد إسرائيل لما حول سياساتهم في استخدام دم الحريري. ميزان القوى وتغيير وجه المنطقة فشلت إسرائيل في حربيها على لبنان وعلى غزة، وفي هذا ما يشير إلى إمكانية دحر جيشها مستقبلا وسقوط تجمعات سكانية يهودية بأد عربية. إذا حصل ذلك، ومن الممكن أن يحصل، فإن إسرائيل ستجبر على الانسحاب من الضفة الغربية والجولان وجنوب لبنان، وعلى الاعتراف بحقوق الفلسطينيين والعرب. هذا يعني ببساطة أن السلطة الفلسطينية في رام الله ستسقط، والنظام الأردني سينهار. أما القيادات اللبنانية التي تعزف على ذات وتر رام الله وعمان ستجد نفسها معزولة، وسيضطر أغلبها إلى الهروب من لبنان. ولهذا يجب إشعال نار الفتنة، ويجب منع حزب الله أو سوريا أو إيران من تحقيق نصر على إسرائيل. أي أن المسألة في النهاية، بالنسبة لقيادات عربية ولبنانية، هي مسألة دفاع عن الذات يتطلب التحالف مع إسرائيل. الأمر في غاية الدقة والتعقيد، وإذا اعتقد بعض الناس أن المنطق هو الذي يسود، فعليهم أن يفكروا أيضا بمنطق من يريد الدفاع عن مواقعه ومناطق نفوذه وسلطته. ولهذا لا أستغرب إن جاءني خبر مفاده أن قيادات لبنانية تدافع عن مواقعها هي التي اغتالت الحريري. قد تكون إسرائيل ضالعة، وقد تكون قيادات لبنانية، وبالتأكيد تجمع الطرفين مصالحهما الخاصة.