المحفوظ علي بيبا أحد قادة البوليساريو الذي توفي في تندوف قبل شهر، وقبله بسنوات الوالي مصطفى السيد الذي قتل في موريتانيا سنة 1976، يعتبران في قاموس الوطنية والشرف وحتى القبلية من المرتزقة بالتأكيد والدليل. أما الذين يقيمون المآتم بكاء وحزنا في مدينة العيون الصامدة على وفاتهما وخيانتهما فهم بكل بساطة وبصريح العبارة من المنافقين والذين يقتربون من الخونة والعملاء ولعلهم الطابور الخامس الذي تشتغل به أجهزة المخابرات. فلم يكن المحفوظ علي بيبا طيلة أكثر من ثلاثين سنة سوى واحد من العملاء والمرتزقة الذين تسببوا في تشريد الآلاف من أبناء القبائل الصحراوية واختطاف النساء والأطفال والشيوخ والزج بهم في مخيمات لحمادة، حيث تسلم المحفوظ علي بيبا ومن معه المقابل المادي من طرف خصوم المغرب وأعداء الصحراويين، مقابل ضياع وتشتت القبائل والعائلات وكان واحدا من المتسببين في زعزعة الأمن والاستقرار في المغرب، وكان أيضا سببا في احتجاز وأسر واختطاف المئات من الجنود المغاربة الأشاوس والإشراف المباشر على تعذيبهم وحرمانهم وترميل نسائهم وتيتيم أطفالهم. لقد كان المحفوظ علي بيبا دون حياء منذ سنة 1975 أبرز قادة المرتزقة وكان أمينا عاما للبوليساريو قبل محمد عبد العزيز وكان رئيسا لوزراء المرتزقة منذ البداية. وفي أكتوبر 1988 حينما انتفض سكان المخيمات ضد اللجنة التنفيذية للبوليساريو كان المحفوظ علي بيبا أحد أعضاء القيادة الذين وقفوا إلى جانب القوات الجزائرية والمخابرات لضرب الانتفاضة واعتقال قادتها ومن جميع القبائل في الوقت الذي قدم إبراهيم غالي استقالته من وزارة الدفاع حتى لا يتورط في ضرب وسجن نساء المخيمات، على عكس ما فعل المحفوظ علي بيبا. وحينما انطلقت الاستجابة للنداء الملكي (إن الوطن غفور رحيم) والتحق بالوطن المئات من العائدين بمن فيهم القادة العسكريين والسياسيين من وزراء وسفراء في جمهورية الوهم اكتفى المحفوظ علي بيبا بإدانة ما سمي بنزيف العائدين الذين يقدر عددهم اليوم بالآلاف، وفي الوقت الذي سرح البشير مصطفى السيد بأنه وجد في الحسن الثاني رجل الحوار والتفاهم وأنه اقتنع بعد لقاء مراكش سنة 1989 بالحل السلمي المتفاوض عليه الذي يطرحه الحسن الثاني، صرح المحفوظ علي بيبا وهو أحد الذين حضروا لقاء مراكش بأنه سيكون ضد إجماع الصحراويين إذا اختاروا الاندماج في المغرب وسيكتفي برعي الإبل في الأزواض -الأراضي المالية-. إن الذين يتباكون اليوم نفاقا على وفاة المحفوظ علي بيبا إنما يمارسون أبشع أساليب الحرب القبلية والعنصرية والضغط والاحتيال على السلطات في المغرب والجزائر، وهم الذين يوصفون بأنهم أثرياء الحرب. إننا نحي كل العائدين باعتبارهم تائبين ومن تاب فإن الله يتوب عليه، وشعبنا المؤمن بوطنه واحترام شهدائه لن يغفر للمرتزقة الذين كانوا سببا في استمرار محنة الصحراويين طيلة ثلاثين سنة. وللذين أقاموا حفل تأبين للمحفوظ علي بيبا بمدينة العيون نذكرهم أن أبناء سيدي يوسف والمهدي ولد السويح الذين قتلوا تحت التعذيب في سجن الرشيد وبالرغم من كونهم من قبيلة إزركيين أبناء عمومة المحفوظ فإنه لم يحرك ساكنا طيلة فترة تعذيبهم واختفائهم وهو الذي كان وقتها رئيس وزراء حكومة ودولة الوهم، فكيف يعقل اليوم أن اللذين كانوا يطالبون بالكشف عن حقيقة اغتيال واختطاف أبناء القبيلة من إزركيين يتجاهلون اليوم جرائم المحفوظ علي بيبا التي ارتكبها في حق أبناء القبيلة. إن أبا جهل بالرغم من كونه عما لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله ورسوله والمؤمنون في مشارق الأرض ومغاربها يلعنونه صباح مساء ويتوعدونه بالهلاك الذي ينتظره في الآخرة، نتيجة تنطعه وكفره ووقوفه ضد إجماع المسلمين في مكة والمدينة، مما يعني أن القرابة العائلية أو القبلية مهما بلغت قوتها ومتانتها لا تشفع لأصحابها أمام الإلحاد الديني والخيانة الوطنية. ومن تاب فإن الله يتوب عليه. *عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية