( الصورة: حمادة ولد الدرويش احد العائدين للمغرب) في حوار مع حمادة ولد الدرويش احد العائدين للمغرب سلط الضوء على ما سمي، منذ سنوات، بعائدي اكجيجيمات إلى المغرب في إطار «إن الوطن غفور رحيم»، بين من اعتبرهم موريتانيين ولاعلاقة لهم بنزاع الصحراء، وبين من صنفهم ضمن «مبادرات» خلي هنا ولد الرشيد الفاشلة، وبين من وصف عودتهم ب «المكلفة» لخزينة الدولة. في هذه السلسلة من الحوارات مع حمادة ولد الدرويش، منسق مجموعة أكجيجيمات (أولاد موسى) للعائدين إلى أرض الوطن، يكشف حمادة ولد الدرويش لأول مرة عن حقائق هذه العودة المثيرة للجدل، ويتحدث في الحلقة القادمة عن اصطدامه بخلي هنا ولد الرشيد * من هو حمادة ولد الدرويش؟ ** أنا أنحدر من قبيلة الركيبات، وبالضبط من أولاد موسى، من مواليد منطقة النعمة أقصى جنوب موريتانيا سنة 1960، وتابعت دراستي العليا بفرنسا. اشتغلت بعدد من المناصب منها، ممثل لشركة موريتانية لتسويق الأسماك في اليابان، وبعدها مديرها التجاري، وبعدها مدير عام ميناء نواذيبو طيلة 7 سنوات، كما اشتغلت مديرا ثم رئيسا لمجلس إدارة إحدى البنوك الموريتانية، إلى حين قرار عودتي للمغرب سنة 2007.. وسيرتي معروفة لدى الأوساط الرسمية بصفة دقيقة * وما علاقتك بتنظيم البوليساريو؟ ** البوليساريو حركة تضم اتجاهين: مدني وعسكري. وترتكز جبهة البوليساريو على أفراد الجاليات الصحراوية الموزعين في موريتانيا والجزائروإسبانيا وغيرها من أجل تثبيت قواعدها وتنظيماتها. وأنا كنت ضمن الجهات التي تمول جبهة البوليساريو في موريتانيا.. وغير ما مرة كنت حاضرا في المناورات العسكرية التي تنظمها جبهة البوليساريو وكان لي نفوذ قوي في الدولة الوهمية على مستوى التعيينات في السلك الدبلوماسي.. ولا يمكن لأي أحد أن ينكر مساهماتي المالية في تمويل عمليات تحديد الهوية في موريتانيا لصالح الجبهة في سنوات التسعينات من القرن الماضي.. * هل تعتبر نفسك موريتانيا بحكم وثائق الهوية؟ أم صحراويا بحكم ولائك لجبهة البوليساريو؟ أم مغربيا؟ ** أعتبر نفسي مغربي الأصول، وكنت أحمل الجنسية الموريتانية. أما اليوم فأنا مغربي أصيل، كما أني صحراوي أنحدر من كبريات القبائل الصحراوية وهي قبيلة الركيبات. وأعتقد أن هذا النقاش في الهوية والجنسية ليس مفيدا لأن زمانه ولّى، ولأن الكل يعرف أن المغرب في فترة من تاريخه كان يمتد من إسبانيا إلى أزواد شمال مالي وشواطئ نهر صنهاجة «نهر السنغال». ولا يمكن لأي أحد أن ينفي هذه الحقائق التاريخية، فيوسف بن تاشفين هو من أعظم ملوك المغرب ينحدر من منطقة نواكشوط الموريتانية.. * لكن ألم تكن لجنسيتك الموريتانية أي حرج في دعمك لجبهة البوليساريو؟ ** هل نسيتم أن موريتانيا كانت طرفا في نزاع الصحراء، وأن وجودنا كقبائل صحراوية في هذا القطر كان السبب الرئيسي أو الوحيد في مطالبة موريتانيا بالصحراء أو جزء منها، ثم إن الجنسية الموريتانية هي طبيعية بحكم ازديادي في هذا البلد، ولم يكن هناك أي حرج مادمت أني كنت أعلن مواقفي بشكل واضح لا غبار فيها بدعمي ل«نضال» البوليساريو. وحالتي ليست فريدة، بل هناك الآلاف من هذه الحالة سواء كانوا متجنسين بالجنسية الموريتانية أو الجزائرية أو الإسبانية أو غيرها، من قبيل إبراهيم حكيم وخلي هنا ولد الرشيد في فترة من الفترات، ومحمد خداد وغيرهم.. وإلا كيف نفسر وجود شخصيات قيادية ومؤسسة لجبهة البوليساريو منحدرة من المغرب، وبالضبط من منطقة واد نون خارج المنطقة المتنازع حولها، من قبيل الولي المصطفى السيد وعمر الحضرمي. ما يهمني هو أني مرتبط بأرض تم تقسيمها من قبل الاستعمار الإسباني والفرنسي.. * هل سبق لك أن زرت مخيمات تندوف؟ ** غير ما مرة كنت حاضرا في الأنشطة الرسمية لجبهة البوليساريو في المخيمات، وكنت أزور عائلاتي من أعمامي وعماتي وباقي أسرتي.. وكانت لدي علاقات متينة مع القيادة، رغم أني لم أحمل في أي وقت من الأوقات وثائق الهوية الصحراوية.. * وهل كانت لك زيارات سابقة للمغرب قبل عودتك في إطار ما يسمى ب«اكجيجيمات»؟ ** طبعا كانت لي زيارات متكررة للمغرب، وطلبوا مني الالتحاق بالمغرب في إطار النداء الملكي «إن الوطن غفور رحيم»، في عهد الراحل ادريس البصري، لكني كنت صريحا مع مبعوثي البصري وصالح زمراك، ولم أكن أخفي ولائي لجبهة البوليساريو، ولم أكن أساند الجبهة في طرح الإستقلال، كما أني كنت أعلن رفضي لابتلاع المغرب لقضية الصحراء، وعبرت عن موقفي بشأن إيجاد حل وسط يتمثل في الحكم الذاتي ومراعاة الخصوصية الصحراوية.. * ألم تكن تجد أي صعوبة في مطارات المغرب؟ ** ولماذا أجد هذه الصعوبة؟ فأنا حسب أوراقي الثبوتية موريتاني، والأجهزة الاستخباراتية تعرفني تمام المعرفة، كوني لا أكنّ أي عداء للمغرب.. * ألم يطرح هذا الموقف أي حرج لك مع جبهة البوليساريو؟ ** سواء المسؤولين في جبهة البوليساريو أو المغرب يعرفون موقفي الصريح، وهو إيجاد حل وسط لقضية الصحراء. وهذا ما جعلني أتأخر في الاستجابة لنداء «إن الوطن غفور رحيم»، إلى حين إطلاق مبادرة الحكم الذاتي. ومع ذلك كنت أناصر عودة عدد من القيادات الصحراوية لأرض المغرب، ومن بينهم إبن عمي وشقيقي إبراهيم حكيم . كما أني لم أكن أخفي مواقفي عن الإخوة في موريتانيا، وكنت واضحا مع قيادة هذا البلد، بل كنت أفتخر بجنسيتي الموريتانية. وهذا لا يحتمل أي تناقض مادام أن المغرب استفاد من خبرات عدد من الأطر الموريتانية من بينها الداي ولد سيدي بابا الذي تقلد عددا من المناصب من بينها رئيس مجلس النواب ووزيرا وسفيرا، مع أن ولد سيدي بابا لا ينحدر من قبائل الصحراء المتنازع حولها، وليس له أي أثر في المغرب. عكسي تماما، فإن كل أجدادي وآبائي مدفونون شمال واد الساقية الحمراء، بل وفي جبال الريف، وبالتالي فإني أكثر مغربية من الداي ولد سيدي بابا أو حرمة ولد بابانا أو فال ولد عمير دون أي انتقاص من مكانتهم ومساهمتهم في بناء المغرب والدفاع عن قضاياه. ونفس ما يقال عن الموريتانيين في المغرب، يقال عن المغاربة في موريتانيا، إذ هناك مسؤولون حكوميون ازدادوا بالمغرب ويتقلدون اليوم مناصب مدنية أو عسكرية قيادية في موريتانيا مثل وزير الصحة الحالي الشيخ ولد حرمة ولد بابانا الذي كان عميدا للأطباء في المغرب، وسبق أن بعثه الملك الحسن الثاني رحمه الله كطبيب خاص لعمر بانغو الرئيس السابق للغابون.. * ما هو سياق عودتك لأرض الوطن في إطار ما يسمى «اكجيجيمات»؟ ** هناك سياق لهذه العودة، فقد كنت حاضرا في المنصة الشرفية التي أقيمت على خلفية الاحتفال بالذكرى الثلاثين لما يسمى ب «الجمهورية الصحراوية» سنة 2006، والتي أقيمت في منطقة تيفاريتي، حيث كنت جالسا إلى جنب مع محمد عبد العزيز، وهذا دليل على المكانة التي كنت أحظى بها من قبل قيادة الجبهة.. وغير ما مرة كنت أفتح نقاشا مع بعض المسؤولين من أبناء عمومتي في الجبهة بشأن فتح حوار بين طرفي النزاع. وجاء خطاب تشكيل المجلس الملكي الصحراوي «الكوركاس» واقتراح الحكم الذاتي من قبل الملك محمد السادس ليضع حدا لعلاقاتي بجبهة البوليساريو. وقد كنت يوم الخطاب الملكي بمنطقة الحفيرة قرب تيفاريتي، وقلت لبعض المسؤولين الصحراويين إن المبادرة المغربية تمثل حلا لقضية عمرت أكثر من اللازم، وينبغي التعامل معها بشكل إيجابي، لأنها فرصة تاريخية للصحراويين، وتحفظ ماء الوجه للطرفين معا.. * هل اتصل بك أحد المسؤولين عقب هذا الخطاب الملكي؟ ** لم يتصل بي أي أحد، وبادرت شخصيا لفتح نقاش داخلي مع بعض قيادات الجبهة من بينهم أحمدو ولد سويلم العائد السنة الماضية، وكان يشاطرني في الرأي، لكن يبدو أنه كان يخطط للعودة في إطار آخر بحكم مسؤولياته في الجبهة. وللتذكير فقد عملت مع هذا الرجل لما كان سفيرا للجبهة في غينيا بيساو، وكنت ضمن خلية نقل «أهل الإنطلاقة» القادمين من موريتانيا إلى مخيمات تندوف عبر السنغال وغينيا بيساو ليتحولوا إلى مقاتلين صحراويين باسم الجبهة. وعليه فإني أنفي نفيا تاما أن يكون أحد من المخابرات المدنية أو العسكرية أو له منصب سامي في المغرب قد أقنعني بالعودة لأرض الوطن، وإنما هي قناعة شخصية يوافقني عليها أبناء عمومتي من قبيلة اركيبات أولاد موسى.. * لكن البعض يربط عودتك إلى جانب عدد من الأسر الصحراوية بمبادرة «الكوركاس» في شخص رئيسه خلي هنا ولد الرشيد؟ ** «ماجاني لا رئيس الكوركاس ولا الأمين العام ولا أي حد من الدولة المغربية»، وإنما عدت عن قناعة واقتناع، وسبق لي المناقشة كثيرا مع أبناء عمومتي لوجود حل للمشكلة والتفاوض مع الطرف المغربي واخترنا الباب الجديد الذي فتحه جلالة الملك محمد السادس في تكوين «الكوركاس» والمهام المسنودة إليه، واعتبرنا أن وجود خلي هنا ولد الرشيد كرئيس ل«الكوركاس» وإبن عمنا هو قيمة مضافة للقضية وهو السبب الذي جعلنا نلتقي معه، ولو كان رئيس «الكوركاس» شخص آخر لاتصلنا به لأن تكوين هذا المجلس يمثل الديناميكية الجديدة المطروحة وهذا هو السبب الأساسي لقرار عودتنا في هذه الفترة الزمنية الجزائر تايمز / ابو نعمة نسيب البرازيل