عباس الفاسي لاذ بالصمت ونأى بنفسه عن التعليق على إقالة وزير من حكومته الملك يقيل وزيرا من حزب الوزير الأول فوجئ الرأي العام، أواخر عام 2008، بصدور بلاغ رسمي يعلن إعفاء الملك محمد السادس لأحمد لخريف، كاتب الدولة في الخارجية والتعاون، المنحدر من الأقاليم الصحراوية والمنتمي إلى حزب الوزير الأول، حزب الاستقلال. والمبرر الذي ساقه البلاغ الرسمي تمثل في علم "حكومة صاحب الجلالة" بأن السلطات الإسبانية "شرعت، منذ عدة شهور، في منح الجنسية الإسبانية للعديد من سامي المسؤولين المغاربة، وأن هذا الإجراء قد يجد تبريره في مسؤولية إسبانيا عن مناطق من المملكة المغربية كانت تخضع للحماية الإسبانية، وفي هذا السياق، قرر صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أيده الله، إنهاء مهمة السيد أحمد لخريف، ككاتب للدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون". الوزير الأول، الذي يفترض فيه قيادة الفريق الحكومي بعد اقتراحه، لم يخرج عن صمته ليشرح ملابسات القرار الملكي، ويوضح ما إن كان قد اطلع على قرار الإقالة قبل أن يتوصل وزيره بتلك المكالمة الصاعقة التي أبلغته بقرار إعفائه من مسؤوليته الحكومية، وطبيعة الإشكال الذي سببته الجنسية الإسبانية المفترضة لأحد وزرائه، وما إن كان الأمر يتعلق بقرار استراتيجي سيشمل جميع المسؤولين الكبار الحاملين لجنسيات أجنبية. بل إن الوزير الأول لم يعبأ بمسؤوليته السياسية في إعلان موقفه مما يفترض أن أحد وزرائه في الحكومة قد أقدم عليه، علاوة على كون هذا الوزير ينتمي إلى حزب الاستقلال الذي يتزعمه الفاسي. لتتناسل الروايات التي اعتبرها البعض أسبابا خفية للقرار الملكي، من قبيل ربطه بالمشاكل التي عرفها ملف العودة الجماعية لما يفوق 100 صحراوي إلى أرض المغرب بعد انعقاد مؤتمر «اكجيجيمات» شهر دجنبر 2007، وبطء مسلسل تدبير عملية إدماج العائدين، والتكاليف الكبيرة لعملية إيوائهم المؤقت في أحد الفنادق. والحديث هنا عن كلفة إقامة ما يفوق مائة شخص في الفندق لما يناهز سنة كاملة. بالإضافة إلى مصاريف «قائد» العائدين، حمّاد ولد درويش، الذي أقام بدوره في أحد أفخم فنادق العاصمة، وتأخر الحسم في المنصب الذي قد يشغله. أما عملية بناء المنازل الجديدة ومنحها للعائدين، فبالإضافة إلى كلفتها العالية، فهي تثير احتجاج سكان المنطقة التي تعتبر نفسها أولى من غيرها، بل إن فئات من العائدين السابقين إلى أرض الوطن عبرت عن امتعاضها من هذا التعامل التفضيلي مع عائدي "اكجيجيمات".