يحاول البعض تخويف غزة من الزمن، ومن حالة الفتور، والتراخي الذي سيعقب التعاطف الدولي الذي خلفته عاصفة الدم النازف من أسطول الحرية، ويقولون: إن "نتانياهو" والحكومة الإسرائيلية، واليهود في الدولة العبرية لهم خبرة وافرة، ولهم دعم ثابت في الكونجرس الأمريكي، وسيجتازون المحنة، وستعود غزة إلى دائرة النسيان، فسارعوا يا أهل غزة، والتقطوا ما يعرض عليكم، ولا تدعو الفرصة تفوتكم!. ما سبق كلام غير صحيح، لأنه كلام قوم تعودوا الانهزام، وتعودوا الخسارة أمام إسرائيل، وتعودت إسرائيل أن تملي عليهم ويستجيبون، وصموا أذانهم عن فهم المستجدات، التي تقول: إن غزة تحاصر كل أعدائها على اختلاف مشاربهم، ودياناتهم، وإن غزة ضربت نموذجاُ فريداً في الصبر، والنصر، فكيف يهزم من ذاق طعم الكرامة. ويرى أن كل يوم يمر يقربه من أهدافه السياسية، والتي تتجاوز الحصار، وتصل إلى وضع النقاط على الحروف في الصراع مع الإسرائيليين، ولاسيما أن حجم التحولات لصالح الفلسطينيين على مستوى الإقليمي أضحت راسخة، وحجم التحولات ضد العدو الصهيوني على مستوى العالم باتت مطمئنة، وغدا الصوت المنادي بتفكيك دولة القراصنة قوياً، ولم يقف عند حديث المراسلة الأقدم في البيت الأبيض، "هيلين توماس" وما أثارته من عاصفة حين قالت: "على اليهود أن ينصرفوا من فلسطين والعودة إلى بيوتهم في ألمانيا وبولندا" بل صار هذا الكلام يتردد في أوروبا، وفي المظاهرات والمسيرات التي تعم العالم، وجميعها تنطق بصوت واحد: لسنا بحاجة إلى دولة إسرائيل، فككوا هذه الدولة الغاصبة، وقد أوردت الإذاعة العبرية ريشت بيت حديثا لمتظاهرين ألمان، يطالبون بتفكيك دولة إسرائيل، ومتظاهرين فرنسيين يطالبون بإعلان الحرب على إسرائيل، وضمن هذه الأجواء السياسية المعادية لدولة إسرائيل جاء قرار نقابة العمال في الموانئ السويدية بمقاطعة سفن البضائع الإسرائيلية التي تدخل الموانئ السويدية لمدة أسبوع كامل من (15-24) من الشهر الحالي. لقد انتصرت غزة، وكشفت حقيقة دولة غاصبة، وحقيقة نظام سياسي عربي عجز عن نصرة شعبه أولاً، وفي الوقت ذاته كشفت عن طاقة الأمة، وعن معدن الإنسان الذي يتعاظم في تأييده للحق الفلسطيني، فصارت غزة نقطة ضوء في ضمير العالم، تهزأ بعدوها الذي عذب أهلها اثنين وستين عاماً، وهي لا تستعجل فك الحصار، ولا تخاف طول الزمن، وتركت كل أعدائها ينشغلون في كيفية فك الحصار عنها، وهي واثقة من غدها!.