عندما تنقلب موازين القيم ينقلب كل شيء وخاصة الإبداع ..قبل سنوات نزلت الى الأسواق رواية أثارت ضجة نقدية وإعجاب فاق الحد عنوانها (الخبز الحافي) أكاد أتذكر كاتبها دون جدوى ولكني أتذكر أنه من المغرب لعربي وكانت روايته الأولى ..لم أقرا منها إلا بعض أجزاء لخجلي من الوصف الجنسي المباشر ...ثم كتب فاروق منجونه روايته (الرحيل الى شهوة السرّة) انتبه فقط الى العنوان لتعرف المضمون .... تحياتي أمل اليسامرائي لفت نظري الخلاف الحالي بين كاتبين كبيرين أحدهما من جيل الشباب والثاني من جيل يكبره قليلا، ولا أعرف (وأعتذر عن ذلك سلفا) لماذا قفز الي ذهني في هذا الخلاف القول الأثير.."إذا اختلف الحرامية..ظهر المسروق"..أقول ذلك وأعتذر مجددا لكاتبينا المحترمين علي هذا الاقتراب الذي قد يبدو فجا للقضية، أما في الموضوع فنجد زهوا من أحدهما بمبيعات رواياته التي فاقت كل تصور وطبعت بعدة لغات، وفي المقابل ينتقد الكاتب الآخر ذلك متعللا بأن المبيعات ليست أبدا دليلا علي القيمة الأدبية، ولتحرير المسألة (من وجهة نظري) أقول أنني وعن طريق توصية من صديق قرأت في الصيف الماضي رواية "شيكاجو" للكاتب المفتخر بمبيعاته، وما أن انتهيت من قرائتها حتي تملكني شعور كبير بالدهشة بسبب هذا الضجيج المثار حول الرواية وأعداد بيعها غير المسبوقة، وعادت بي الذاكرة الي عام 1994 وكنت أدرس للدكتوراة في أمريكا في نفس وقت أحداث الرواية تقريبا، وان لم أكن في شيكاجو وانما كنت في ميشجان، وعندما عدت بالذاكرة لم أجد..أكرر..لم أجد في محيط الطلبة المصريين من الدارسين في جامعة ميشجان سواء مسلمين أو مسيحيين من لهم صفات أبطال رواية ّشيكاجوّ، فقلت ربما الرجل يصنع تلك الشخصيات من أجل الحبكة الروائية أو البناء الدرامي كما يقولون، لكني للأسف لم أجد لا حبكة ولا بناء ولا حتي رواية بالمعني المعروف، وانما وجدت مجموعة من الخطب أو المقالات السياسية التي رصت بجوار بعضها البعض لتشكل رواية يقولون عنها أنها كسرت الدنيا، لم أجد في الرواية سوي شخصيات مشوهة شاذة لطلاب وحتي أساتذة (كلهم بالصدفة مسلمين وحتي المحجبات منهم)، ولم أجد سوي صياغات جنسية فجة في تقليد مختل ومهترئ لصياغات الراحل الكبير احسان عبد القدوس، وأنا أجزم أن تلك الصياغات أو سمها "الصياعات" هي ما يبيع تلك الروايات، انها مجرد تجميع لغسيلنا "غير النظيف" الذي تمتلئ به عقول بعض كتابنا ممن تدفعهم أيديولوجياتهم دفعا للتعريض بسمعة وطن بأكمله والنيل من دينه وأبنائه، ويا كل من تهلل للمبيعات أقول لك..أن صور "وأفلام "البرنو" تبيع أكثر من كل أنواع الأدب العالمي، لأنها ببساطة ليست "أدب" وانما "قلة أدب"!!؟ ---------------------------------------- التعاليق : 1 - الكاتب : محمد عمر تحيّاتي، بالنسبة لرواية الكاتب فاروق منجونة فهي تدعى (شهوة الرحيل الى السرة) وليس (الرحيل الى شهوة السرة) كما تفضلتي وذكرتي. ثانية الشهوة في الرواية ليس المقصود بها شهوة جنسية كما تلمحين،ولكنها شهوة العودة الى الوطن ممزق بين الانقلابات السياسية التي تحمل شعارات كاذبة وبين حلم البطل في ترك كل هذا والصعود الى فردوس ربه الذي سيعوضه عن معاناته.و الرواية عمل أدبي رفيع عن علاقة الانسان بوطنه ودينه ، وعن الحلم في السعي الى مدينة فاضلة حيث لا توجد ضغائن بين الناس. أرجو سيدتي أن تتحري الدقة فيمما تكتبين ولا تصدرين الاحكام (أو تلمحين بها) جزافا . وذلك من أساسيات أمانة العرض. تقبلي خالص ودي. محمد عمر