ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة ينظم دورة تكوينية لتعزيز منهجية البحث العلمي    "سبيس إكس" تطلق 21 قمرا صناعيا إلى الفضاء    "حماس": منفذ الطعن "مغربي بطل"    الكاف : المغرب أثبت دائما قدرته على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة يقلب الطاولة على بنفيكا في مباراة مثيرة (5-4)    الحاجب : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد (فيديو)    ارتفاع عدد ليالي المبيت السياحي بالصويرة    "البام" يدافع عن حصيلة المنصوري ويدعو إلى تفعيل ميثاق الأغلبية    كأس أمم إفريقيا 2025 .. "الكاف" يؤكد قدرة المغرب على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    ربط كهربائي ومعبر جديد.. المغرب وموريتانيا يرسّخان جسور الوحدة والنماء    افتتاح قاعة رياضية خاصة بأسرة الأمن الوطني    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    تركيا.. ارتفاع حصيلة ضحايا حريق منتجع للتزلج إلى 76 قتيلا وعشرات الجرحى    التحضير لعملية "الحريك" يُطيح ب3 أشخاص في يد أمن الحسيمة    لمواجهة آثار موجات البرد.. عامل الحسيمة يترأس اجتماعًا للجنة اليقظة    استياء بين طلبة معهد الإحصاء من تعطل معدات الوقاية من الحرائق واحتجاج على صمت الإدارة    الحكومة: سعر السردين لا ينبغي أن يتجاوز 17 درهما ويجب التصدي لفوضى المضاربات    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    تركيا.. يوم حداد وطني إثر حريق منتجع التزلج الذي أودى بحياة 66 شخصا    وزارة التربية الوطنية تعلن صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور الأساتذة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    مطالب في مجلس المستشارين بتأجيل مناقشة مشروع قانون الإضراب    اتخاذ إجراءات صارمة لكشف ملابسات جنحة قطع غير قانوني ل 36 شجرة صنوبر حلبي بإقليم الجديدة    رئيس مجلس النواب يشارك في اجتماع مكتب الجمعية البرلمانية للفرنكوفونية بفيتنام    توقيع اتفاق لإنجاز ميناء أكادير الجاف    مجلس المنافسة يكشف ربح الشركات في المغرب عن كل لتر تبيعه من الوقود    الدفاع الجديدي ينفصل عن المدرب    اليوبي يؤكد انتقال داء "بوحمرون" إلى وباء    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    هل بسبب تصريحاته حول الجيش الملكي؟.. تأجيل حفل فرقة "هوبا هوبا سبيريت" لأجل غير مسمى    أنشيلوتي ينفي خبر مغادرته ريال مدريد في نهاية الموسم    المجلس الحكومي يتدارس مشروع قانون يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة    ندوة بالدارالبيضاء حول الإرث العلمي والفكر الإصلاحي للعلامة المؤرخ محمد ابن الموقت المراكشي    المبادلات التجارية بين المغرب والبرازيل تبلغ 2,77 مليار دولار في 2024    الغازوال والبنزين.. انخفاض رقم المعاملات إلى 20,16 مليار درهم في الربع الثالث من 2024    مطالب برلمانية بتقييم حصيلة برنامج التخفيف من آثار الجفاف الذي كلف 20 مليار درهم    تشيكيا تستقبل رماد الكاتب الشهير الراحل "ميلان كونديرا"    انفجار في ميناء برشلونة يسفر عن وفاة وإصابة خطيرة    المؤتمر الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية: "خصوصية المهن الفنية أساس لهيكلة قطاعية عادلة"    العمراني : المغرب يؤكد عزمه تعزيز التعاون الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد تنصيب ترامب    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    ترامب يوقع أمرا ينص على انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية    إيلون ماسك يثير جدلا واسعا بتأدية "تحية هتلر" في حفل تنصيب ترامب    ترامب: "لست واثقا" من إمكانية صمود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    المغرب يدعو إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    الإفراط في اللحوم الحمراء يزيد احتمال الإصابة بالخرف    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    دوري أبطال أوروبا.. مواجهات نارية تقترب من الحسم    ياسين بونو يتوج بجائزة أفضل تصد في الدوري السعودي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    القارة العجوز ديموغرافيا ، هل تنتقل إلى العجز الحضاري مع رئاسة ترامب لأمريكا … ؟    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقالة الدكتور حسن أبو طالب والمنطق المعكوس
نشر في السند يوم 01 - 05 - 2010

عند عودتي من رحلة علمية في الخارج قرأت باهتمام مقالة الدكتور حسن أبو طالب بجريدة الأهرام بعنوان "أي تهديدات إسرائيلية لسوريا؟"( الأهرام يوم 28 أبريل, 2010 صفحة 10) والتي يبدى فيها حرصه على الأمن القومي العربي وأمن سوريا ولبنان بشكل خاص كما يذكر إيران وتحالفها مع سوريا دون أن يسب إيران أو يسب هذا التحالف كما هو مألوف في الصحف الحكومية المصرية. ولابد في هذا الإطار أن أحيي سيادته على كل ذلك. وهو وفى نفس المقالة يطلب من سوريا وقوى المقاومة أن تراجع موقفها وأن تعود إلى معسكر "السلام والاعتدال العربي".
والحقيقة أن هذا المطلب يمثل قمة المنطق المعكوس, فبعد أن أنفضح الفشل الذر يع لمعسكر "السلام والاعتدال العربي" بعد أن أتضح أن أطماع الكيان الصهيوني تفوق أقصى درجات قدرة هذا المعسكر على الأستلام كما أنكشف تماما عدم رغبة الولايات المتحدة على رفض هذه الأطماع الصهيونية, كان المفروض في إطار المنطق غير المعكوس أن يطلب الدكتور من معسكر "السلام والاعتدال العربي" أن يترك طريق الاستسلام والانضمام إلى, أو على الأقل دعم, طريق المقاومة وقوى المقاومة. ولكن يبدو أن مصير الأنظمة العربية, خصوصا تلك التي عقدت اتفاقيات رديئة جدا مع النظام الصهيوني وأر تكبت جريمة الاعتراف به لا تستطيع التراجع عن هذا الطريق, بل كلما واجهت مقولاتها وسياساتها الاستسلامية الفشل فإنها تبتكر مقولات أكثر بؤسا للاستمرار في هذا الطريق الرديء والمعادى لأي شكل من أشكال التحرر وكل قوى التحرر وعلى رأسها شعوبها , المضار الأول من هذا الاستسلام للاستعمار والصهيونية.
والحقيقة التي تؤكدها كل الحوادث التاريخية أن أداء الأنظمة العربية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية كان ولازال رديئا للغاية رغم كل الإدعاءات الكاذبة, بدئا من قبول قرار التقسيم الظالم جدا( مع كثير من القوى الأخرى مدعية التقدمية مع الأسف), مرورا بدخول الجيوش العربية بإدعاء طرد العصابات الصهيونية والذي انتهى بهزيمتها وفضائح الأسلحة الفاسدة وضياع المزيد من أرض فلسطين وتشريد أهلها. وبعد ذلك شاهدنا كارثة هزيمة يونيو 1967 والتي أضاعت ليس فقط الأراضي الفلسطينية الباقية في غزة والضفة الغربية بل أيضا استيلاء الصهاينة على سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية ثم اتفاقيات كامب ديفيد الرديئة جدا( رجاء الاطلاع على مقالة فاروق جويدة بخصوص ذلك في جريدة الأهرام اليومي العام الماضي والعديد من المقالات الممتازة للأستاذ محمد سيف الدولة حول حقيقة هذا الاتفاقيات الرديئة جدا والتي تصل إلى درجة الخيانة) وقد أرتبط بهذه الاتفاقيات الرديئة أيضا جريمة أخلاقية, وليست سياسية فقط, وهى جريمة الاعتراف بالكيان الصهيوني , الاعتراف بهذا الاستعمار الأستيطانى العنصري النازي. والآن نرى بأم أعيننا تصهين أنظمة عربية وتحالفها مع الكيان الصهيوني وحليفته الكبرى الولايات المتحدة ومعاداة كل من يعاديهم حتى لو كانت دولة أسلامية شقيقة مثل إيران أو حركة مقاومة وطنية شريفة مثل المقاومة اللبنانية.
نحن في الوطن العربي نواجه فساد لا يوصف وإدعاءات كاذبة بالديمقراطية وتفريط في المصالح الوطنية للحفاظ على المصالح الشخصية والادعاءات الفجة التي تدعو إلى التقزز, تصور , على سبيل المثال وليس الحصر أن رئيسا أكثر نظامين متعا ونيين مع الكيان الصهيوني خصوصا فيما يتعلق بحصار غزة لتدمير حماس المنتخبة ديمقراطيا عكس هذين الرئيسين , يطلبان من الكيان الصهيوني رفع الحصار عن غزة!!!!!
نحن إذاً أمام أنظمه شديدة الفساد وعدم الديمقراطية والبعد الشديد عن أبسط مبادئ الوطنية وأي شكل من أبسط
أشكال العدالة الاجتماعية.أنظمة متخصصة في قلب الحقائق والفجاجة السياسية. وبالطبع فإنها تمتلك منظومة إعلامية تتناسب مع هذه الصفات و مرتبطة ارتباطا وثيقاً بهذه الأنظمة التي أنكشف حديثاً, بشكل لا يقبل الجدل, حقيقة أن استسلامها للاستعمار والصهيونية هو طريق مسدود تماماً أمامها, وهى أيضاً أنظمة غير ناجحة في توفير أي شيء لشعوبها بدءاً من لقمة العيش حتى التعليم ولا حتى أبسط الخدمات, أطلقت الفساد من عنانه تحت رعايتها ثم فقدت السيطرة علية فأصبح يهدد كيانها, اختارت طريق التعانق مع الاستعمار والصهيونية فثبت فشلة الكامل وأصبح يهدد وجودها( فبينما يطلب منها هذا الطريق الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني والذي يؤدى إلى كوارث لا يحتملها حتى العملاء والمستسلمين, فإن هذا الكيان العنصري, والذي هو امتداد للنازية وليس الهولوكوست, لم يتنازل أبداً عن حلمة بدولة من النيل إلى الفرات وبضم الجولان إليه وإعادة احتلال سيناء أو جعلها مؤقتا "وطن" للفلسطينيين المزمع ترحيلهم,الخ). وبرغم الفشل الذر يع لهذه الأنظمة مدعية الاعتدال فإن هذا الكيان الصهيوني إلى زوال ومعه تلك الأنظمة المتحالفة معه.
وهذا الزوال الصهيوني ليس من تأليفي ولا من عنديات الزعماء الممتازين المحترمين مثل السيد حسن نصر الله زعيم المقاومة في لبنان والتي تضم كل الاتجاهات الوطنية الشريفة هناك بدءاً من حزب الله( حفظة الله) مروراً بإتجاة ميشيل عون الماروني الوطني المعادى للاستعمار والصهيونية وأيضا الحزب الشيوعي اللبناني ( المعادى حقاً للاستعمار والصهيونية, وليس مثل الحزب الشيوعي العراقي الذي رحب بالغزو الأمريكي لبلادة), والحزب القومي السوري الإجتماعى,الخ. وأخيراً وليس آخراً إتجاة وليد بك جنبلاط. هذه المقاومة التي أذاقت الصهاينة طعم الهزائم في 2000-2006 والقادم سوف يكون أعظم, ولا من عنديات زعماء الجمهورية الإيرانية الذين يواجهون الغطرسة الاستعمارية الأمريكية وكلابها عالمياً وصهيونياً ومحلياً ولكنها من عنديات مفكرين وسياسيين صهاينة. وللتعرف على ذلك يمكن مراجعة كتابات المرحوم الدكتور عبد الوهاب المسيرى والذي عاملة النظام في بلادنا, مصر, أسوء معاملة (لدرجة إلقاءه هو وزوجته الدكتورة هدى في الصحراء وهما مريضان) عندما نشط في كشف حقيقة الصهيونية وتولى مسؤولية قيادة حركة كفاية. ويمكن أعطاء بعض الحقائق عن مستقبل الصهيونية على لسان مفكرين وقادة صهاينة مقتبسة من بعض كتابات الدكتور المسيرى وأهمها موسوعته الممتازة عن الصهيونية. وفى أحد مقالاته الهامة جداً والجديرة بالقراءة يقول الدكتور المسيرى : في 17 أغسطس 2006 أثناء حرب 2006 على لبنان نشرت صحيفة معا ريف مقالا كتبه الصحفي يونتان شيم بعنوان: "أسست تل أبيب في العام 1909 وفي العام 2009 ستصبح أنقاضا" جاء في المقال أنه قبل مائة عام أقاموا أولى المدن العبرية، وبعد مائة عام من العزلة قضي أمرها. ما الذي يدعو مثل هذا الكاتب للحديث عن النهاية، نهاية إسرائيل، في وقت بلغت فيه القوة العسكرية الإسرائيلية ذروتها، وتجاوز الدعم الأميركي، السياسي والمالي والعسكري، لها كل الحدود والخطوط الحمراء؟ كيف يمكن تفسير هذا الموقف؟ ابتداء لا بد أن نذكر حقيقة تاهت عن الكثيرين في العالم العربي، وهي أن موضوع نهاية إسرائيل متجذر في الوجدان الصهيوني. فحتى قبل إنشاء الدولة أدرك كثير من الصهاينة أن المشروع الصهيوني مشروع مستحيل وأن الحلم الصهيوني سيتحول إلى كابوس. وبعد إنشاء الدولة وبعد أن حقق المستوطنون الصهاينة "النصر" على الجيوش العربية تصاعد هاجس النهاية. ففي العام 1954 قال موشيه ديان وزير الدفاع والخارجية الإسرائيلي، في جنازة صديق له قتله الفدائيون الفلسطينيون "علينا أن نكون مستعدين ومسلحين، أن نكون أقوياء وقساة، حتى لا يسقط السيف من قبضتنا وتنتهي الحياة. النهاية، ماثلة دائما في العقول، فالضحايا الذين طردوا من ديارهم تحولوا هم وأبناؤهم إلى فدائيين يقرعون الأبواب يطالبون بالأرض التي سلبت منهم". ويضيف الدكتور المسيرى أنة أثناء انتفاضة 1987, حين بدأ الإجماع الصهيوني بخصوص الاستيطان يتساقط , حذر إسرائيل هاريل المتحدث باسم المستوطنين من أنه إذا حدث أي شكل من أشكال الانسحاب والتنازل (أي الانسحاب من طرف واحد). فإن هذا لن يتوقف عند الخط الأخضر (حدود 1948)، إذ سيكون هناك انسحاب روحي يمكن أن يهدد وجود الدولة ذاتها (الجيروزاليم بوست 30 يناير 1988 ). وأخبر رئيس مجلس السامرة الإقليمي شارون (في مشادة كلامية معه) "إن هذا الطريق الدبلوماسي هو نهاية المستوطنات، إنه نهاية إسرائيل" (هآرتس17 يناير 2002). ويردد المستوطنون أن الانسحاب من نابلس يعنى الانسحاب من تل أبيب. ومع انتفاضة الأقصى تحدثت الصحف الإسرائيلية عدة مرات عن موضوع نهاية إسرائيل، فقد نشرت جريدة يديعوت أحرونوت (27 يناير 2002) مقالا بعنوان "يشترون شققا في الخارج تحسبا لليوم الأسود"، اليوم الذي لا يحب الإسرائيليون أن يفكروا فيه، أي نهاية إسرائيل. ويضيف الدكتور المسيرى أيضاً أنة يتكرر الحديث عن نهاية إسرائيل في مقال إيتان هابر بعنوان "ليلة سعيدة أيها اليأس.. والكآبة تكتنف إسرائيل" (يديعوت أحرونوت 11 نوفمبر 2001). يشير الكاتب إلى أن الجيش الأميركي كان مسلحا بأحدث المعدات العسكرية، ومع هذا يتذكر الجميع صورة المروحيات الأميركية تحوم فوق مقر السفارة في سايجون، محاولة إنقاذ الأميركيين وعملائهم المحليين في ظل حالة من الهلع والخوف حتى الموت. إن الطائرة المروحية هي رمز الهزيمة والاستسلام والهروب الجبان في الوقت المناسب. ثم يستمر الكاتب نفسه في تفصيل الموقف "إن جيش الحفاة في فيتنام الشمالية قد هزم المسلحين بأحدث الوسائل القتالية. ويكمن السر في الروح التي دفعت المقاتلين وقادتهم إلى الانتصار. الروح تعنى المعنويات والتصميم والوعي بعدالة النهج والإحساس بعدم وجود خيار آخر. وهو ما تفتقده إسرائيل التي يكتنفها اليأس". أما أبراهام بورج فيقول في مقال له (يديعوت أحرونوت، 29 أغسطس 2003) إن "نهاية المشروع الصهيوني على عتبات أبوابنا. وهناك فرصة حقيقية لأن يكون جيلنا آخر جيل صهيوني" , ثم أطل الموضوع برأسه مجددا في مقال ليرون لندن (يديعوت أحرونوت 27 نوفمبر 2003) بعنوان "عقارب الساعة تقترب من الصفر لدولة إسرائيل"، وجاء فيه "في مؤتمر المناعة الاجتماعية الذي عقد هذا الأسبوع، علم أن معدلا كبيرا جدا من الإسرائيليين يشكون فيما إذا كانت الدولة ستبقى بعد 30 سنة. وهذه المعطيات المقلقة تدل على أن عقارب الساعة تقترب من الساعة 12، (أي لحظة النهاية)، وهذا هو السبب في كثرة الخطط السياسية التي تولد خارج الرحم العاقر للسلطة". والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هاجس النهاية الذي يطارد الإسرائيليين؟ سنجد أن الأسباب كثيرة، ولكن أهمها إدراك المستوطنين الصهاينة أن ثمة قانونا يسري على كل الجيوب الاستيطانية، وهو أن الجيوب التي أبادت السكان الأصليين (مثل أميركا الشمالية وأستراليا) كتب لها البقاء، أما تلك التي أخفقت في إبادة السكان الأصليين (مثل ممالك الفرنجة التي يقال لها الصليبية والجزائر وجنوب أفريقيا) فكان مصيرها الزوال. ويدرك المستوطنون الصهاينة جيدا أن جيبهم الاستيطاني ينتمي لهذا النمط الثاني وأنه لا يشكل أي استثناء لهذا القانون، إن الصهاينة يدركون أنهم يعيشون في نفس الأرض التي أقيمت فيها ممالك الفرنجة وتحيط بهم خرائب قلاع الفرنجة، التي تذكرهم بهذه التجربة الاستيطانية التي أخفقت وزالت وقد أصدر المفكر الصهيوني المستنير يورى أفنيرى كتاباً بعنوان:" إسرائيل بدون صهيونية ( 1968)" عقد فيه مقارنة مستفيضة بين ممالك الفرنجة والدولة الصهيونية، فإسرائيل مثل ممالك الفرنجة محاصرة عسكريا لأنها تجاهلت الوجود الفلسطيني ورفضت الاعتراف بأن أرض الميعاد يقطنها العرب منذ مئات السنين. ثم عاد أفنيري إلى الموضوع عام 1983، بعد الغزو الصهيوني للبنان، في مقال نشر في هاعولام هزه بعنوان "ماذا ستكون النهاية"، فأشار إلى أن ممالك الفرنجة احتلت رقعة من الأرض أوسع من تلك التي احتلتها الدولة الصهيونية، وأن الفرنجة كانوا قادرين على كل شيء إلا العيش في سلام، لأن الحلول الوسط والتعايش السلمي كانا غريبين على التكوين الأساسي للحركة. وحينما كان جيل جديد يطالب بالسلام كانت مجهود اتهم تضيع سدى مع قدوم تيارات جديدة من المستوطنين، ما يعني أن ممالك الفرنجة لم تفقد قط طابعها الاستيطاني. كما أن المؤسسة العسكرية الاقتصادية للفرنجة قامت بدور فعال في القضاء على محاولات السلام، فاستمر التوسع الإفرنجي على مدى جيل أو جيلين. ثم بدأ الإرهاق يحل بهم، وزاد التوتر بين المسيحيين الفرنجة من جهة وأبناء الطوائف المسيحية الشرقية من جهة أخرى, مما أضعف مجتمع الفرنجة الاستيطاني، كما ضعف الدعم المالي والسكاني من الغرب. وفي الوقت نفسه بدأ بعث إسلامي جديد، وبدأت الحركة للإجهاز على ممالك الفرنجة، فأوجد المسلمون طرقا تجارية بديلة عن تلك التي استولى عليها الفرنجة. وبعد موت الأجيال الأولى من أعضاء النخبة في الممالك، حل محلهم ورثة ضعفاء في وقت ظهرت فيه سلسلة من القادة المسلمين العظماء ابتداء من صلاح الدين ذي الشخصية الأسطورية حتى الظاهر بيبرس. وظل ميزان القوى يميل لغير صالح الفرنجة، ولذا لم يكن هناك ما يوقف هزيمتهم ونهايتهم ونهاية الممالك الصليبية. لكل هذا عاد هاجس النهاية مرة أخرى بعد الحرب على لبنان في صيف 2006 وبعد الصمود اللبناني العظيم في وجه الهمجية الإسرائيلية، وبعد إبداع المقاومة اللبنانية. فالانتصارات العسكرية لم تحقق شيئا، لأن المقاومة مستمرة مما يؤدى إلى ما أسماه المؤرخ الإسرائيلي يعقوب تالمون (نقلا عن هيجل) "عقم الانتصار". فقد اكتشف الصهاينة حدود القوة ووصلوا إلى مشارف النهاية، وكما قال المثقف الإسرائيلي شلومو رايخ "إن إسرائيل تركض من نصر إلى نصر حتى تصل إلى نهايتها المحتومة".
فالمشهد إذا بتبسيط شديد هو كيان شاذ وغاصب آيل للزوال تدعمه أكبر قوة استعمارية وغاصبة منفردة بالسيطرة على العالم بعد انهيار الإتحاد السوفيتي, هذه القوة نقسها تتآكل لأسباب كثيرة يطول شرحها, ونظم عربية خليط بين العميلة والمستسلمة و يجمعها الإصرار على قهر شعوبها وتكثيف استغلالها حتى لو كان ذلك على حساب الاستقلال الوطني. نظم تتفنن في تزوير الحقائق البديهية, فإذا كانوا حاولوا ,من خلال الحملة الغبية والعنصرية والحمقاء ضد الجزائر وكرة القدم, استبدال العدو بالصديق والكيان الصهيوني بالجزائر الشقيق فقد حاولوا قبل ذلك, وبنجاح محدود ولكن ليس مهمل, ولا زالوا يحاولون, استبدال العدو بالصديق والكيان الصهيوني بإيران الشقيق.
وفى الجانب الأخر هنالك قوى صاعدة في المنطقة معادية للمخطط الأستعمارى الصهيوني وأدواته المحلية, ليس هذا فقط ولكن هذه القوى الصاعدة تحقق نجاحات وانتصارات والمخطط الصهيوني الأستعمارى ينتقل من فشل وإخفاق إلى آخر. لذلك وجب على كل الوطنيين الشرفاء من جميع الاتجاهات وجميع أجهزة الأعلام والدول العربية والإسلامية والدول المعادية للاستعمار والصهيونية في العالم كله العمل على التفرغ والتركيز والتوحد لهزيمة الاستعمار والصهيونية وإنهاء كل جرائمهم في حقنا وأيضاً كل ما يشبهها من جرائم ضد الأكراد والأرمن وغيرهم, وإلغاء الأسلحة النووية من كل العالم وليس إيران فقط وإيقاف الاستثمار في السلاح وتوجيه هذه الاستثمارات لما فيه خير البشرية والقضاء على الفقر ومكافحة المرض وتحقيق التنمية المستدامة والبيئة النظيفة والحياة الكريمة لكل البشر. أن الجدار المصري الفولاذي لحصار غزة هو عكس كل ذلك مهما أدعى النظام المصري وأبواقه الزائفة والكثيرة.
فهل من أمل أن يتوقف كل الوطنيين الشرفاء, قوميين كانوا أو يساريين, إسلاميين كانوا أو مسيحيين عن استخدام المنطق المعكوس مهما كانت فوائدة الآنية الشخصية؟ أتمنى ذلك. فهذا المنطق المعكوس هو أحد أحط الاستعمار والصهيونية بعد إرهابهم العسكري الأستعمارى الفج وهم أصل الإرهاب ومصدره الأساسي. وتاريخ الاستعمار والصهيونية في ذلك غنى بشكل فاحش وأحدثه منطقهم المعكوس تماما ضد إيران.
x أستاذ كرسي التنمية المستدامة. جامعة ولآية بنسلفانيا. الولايات المتحدة.سابقا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.