لا براءة لمستطلع رأي، ولا تجري استطلاعات الرأي لأجل المعرفة البحثية فقط، وإنما وراء الاستطلاع ما وراءه من تنظير فكري، وهدف سياسي، وقد تبدى ذلك بوضوح في آخر استطلاع للرأي أعده مركز القدس للإعلام والاتصال، حيث سئل المستطلعون حول أفضل السبل لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة، فكانت النتيجة؛ أن (43.7%) من المستطلعين مع المفاوضات السلمية، وجاء الكفاح المسلح بنسبة تأييد (29.8%). وهنا أتشكك في هذه النسب التي يبنى عليها مواقف سياسية، وأزعم أنها هدف الاستطلاع، وذلك للأسباب التالية التي جاءت في استطلاع الرأي نفسه: الأول: انخفاض نسبة الذين يعتقدون بأن سياسة "أوباما" ستزيد من فرص الوصول إلى سلام عادل من 35،4% قبل عشرة أشهر، إلى 9،9% في شهر نيسان الحالي. فكيف تتواءم هذه النسبة التي فقدت الثقة بأمريكا مع نسبة تزايد المؤيدين لنهج المفاوضات. الثاني: فيما يتعلق بالخلافات الأمريكية الإسرائيلية حول الاستيطان، فإن نسبة 78،7% من الفلسطينيين لا يرون فيها خلافات جادة. وهذا خير شاهد على أن الذي لا يثق بالسياسة الأمريكية تجاه السلام لا يؤيد خط المفاوضات فقط. ثالثاً: جاء في الاستطلاع أن نسبة (21.9%) مع المقاومة السلمية لإنهاء الاحتلال، وأزعم أن هذه نسبة دقيقة، وهي النسبة الحقيقية لمؤيدي خط المفاوضات. رابعاً: كيف يكون 43،7% من الفلسطينيين مع خيار المفاوضات السلمية، وقد جاء في استطلاع الرأي نفسه أن نسبة الذين يعتقدون أن عملية السلام ما زالت حيه، مع إمكانية استئناف المفاوضات انخفضت من (25.1%) في شباط 2006 إلى (18.4%) في نيسان الحالي. فأي نسبة نصدق يا مستطلعي الرأي؟ أزعم أن استطلاع الرأي الذي أجرته وكالة "سما" للأنباء، فيه مصداقية رأي عام فلسطيني، حول موضوع تنفيذ حكم الإعدام بالعملاء، وفيه جواب شافٍ حول مزاح الشارع الفلسطيني، حيث عبر 58،5% عن تأييدهم تنفيذ حكم الإعدام بالعملاء، دون موافقة رئيس السلطة الفلسطينية السيد عباس، ولكن استطلاع رأي الذي أجراه مركز الحرية للدارسات واستطلاعات الرأي في قطاع غزة، قد أظهر نسبة أعلى تصل إلى 86% من الفلسطينيين مع التنفيذ، وفي تقديري أن السبب في ارتفاع هذه النسبة عن سابقتها يعود إلى صيغة السؤال الذي طرحته وكالة "سما" حول موافقة الرئيس لتنفيذ الإعلام. وفي ذلك دليل على أن الفلسطينيين ما زالوا ينتمون بأغلبيتهم إلى خط المقاومة، وضد أي تعاون أمني مع المخابرات الإسرائيلية.