لأول مرة في مدينة الليمون بركان تعقد دورة في الخريطة الذهنية للأساتذة والمعلمين والإداريين وبحضور بعض التلاميذ. وطيلة يومين كاملين ( 20 – 21 مارس) من المتعة والتفاعل والانسجام بين المدرب والمتدربين..وبمرح ينسي تعب الجلوس الطويل..وبأمثلة تزيل الالتباس والغموض.. وبسيل عرم من المعطيات والمعلومات والأفكار جعلتنا نشعر أن الدورة أسبوع مختزل في يومين.. كان المدرب المحترف الأستاذ الكبير أحمد الجبلي يتحرك في القاعة يمنة ويسرة ويقوم بتوزيع النظرات بشكل متوازن مع الجميع.. ويرفع من الإيقاع حينا ويخفظه حينا آخر.. وبحركات معبرة منسجمة مع الكلام والشرح والمضمون جعلتنا نعيش عصر الإندماح بين الكلمة والصورة والصوت ..كان يسلط الأضواء على الفكرة الواحدة من كل الزوايا انسجاما مع مختلف المستويات العمرية والفكرية في الحضور..حتى تكون الفكرة أكثر من واضحة في عقل كل متدرب مهما كان سنه أو كان مستواه..وبتمارين عملية سحرية ما كان للحضور أن يقتنع بها لو لم يجرب بنفسه .. ويرى رأي العين أن بعقد الصلح بين المخين نخلق السحر ونشيد المعجزات. فالدورة شكلت، بحق، ثورة كبيرة على الأنماط التقليدية الميتة والجافة التي منذ قرون وهي تعمل على اغتيال العقول وتسطيحها وتجميد استخدام أعظم هبة من الله للبشرية وهي هذه العقول المعجزة. وكما قال فضيلة المدرب: "إذا كان في الدقيقة الواحدة في العالم يصدر عشرة آلاف مقال فبأي سرعة تدور عقولنا نحن العرب؟" فالإنسان دائم الانبهار بما تقوم به النحلة من أعمال تنظيمية مدهشة وتواصل خارق بين بني جنسها وفي تسييرها وإنتاجها وتوزيع أدوارها..وهي صاحبة العقل الذي لا يحتوي سوى على 900 خلية عصبية. فما بالنا لو علمنا أن مخ الإنسان يحتوي على مليون مليون خلية عصبية وكل خلية عصبية تحتوي على مئات الآلاف من الفروع وكل فرع يحتوي على مئات الآلاف من نقاط الارتباط وكل نقطة منها تحمل تريليونات من الرسائل ومع قدرة كل نقطة ارتباط على تكوين مليارات المليارات من النماذج المختلفة من شبكة إدخال المعلومات. وإذا قمنا برص خلايا المخ في خط مستقيم، يمكننا الوصول إلى القمر والرجوع منه أربعة عشرة مرة. والقمر يبعد عنا ب 384.000 كلم. لا أحد من المتدربين استطاع أن يخفي حيرته وإعجابه..خصوصا وهو عن طريق التمارين لم يصدق أنه فعلا استطاع أن يتذكر أشياء كثيرة في ظرف وجيز..وبعد اليوم الأول من الدورة..الكل قام بتمارين في منزله مع أولاده وكل من لقيه وكأنه يتباها باكتشافه لشيء جديد وممتع..وهو كذلك جديد وممتع. إن فرحة المتدربين كانت ظاهرة وهم ينسجون أول خريطة ذهنية في حياتهم تحت إشراف المدرب الذي أبى إلا أن يساعد المتدربين بوضع خريطة جماعية وفق المعايير الصحيحة وحسب المواصفات التي وضعها صاحب الخرائط الأول طوني بوزان. إن هذه الدورة وما حققته من نتائج وبما جاءت به من جديد وممتع ومهم جعلت الكثير من الأساتذة الحاضرين يلحوا على المدرب ويضغطوا لينتزعوا منه موعدا كي تعقد هذه الدورة وتعاد بمؤسساتهم التربوية.