أفادت مصادر جزائرية مطلعة بأن قرارا غير معلن صدر من السلطات الجزائرية أمس يقضي بتصفية مجموعة «أوراسكوم» من الوجود بالجزائر، بسبب رفضها تسديد الضرائب المتراكمة عليها. ويرى مسؤول بالمجموعة أن سبب مشكلاتها مع الدولة، الأزمة الدبلوماسية مع مصر على خلفية اللقاء الكروي المثير الذي جمع منتخبي البلدين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. فيما رفضت «أوراسكوم تليكوم» المصرية التعليق على التصريحات الجزائرية مطالبة «أوراسكوم» بالتخلي عن حصتها التي تفوق 95 في المائة في «جيزي»، وقال أحد المسؤولين ب«أوراسكوم» إن تلك التصريحات غير موثقة، وإذا وجدنا رغبة فعلية من جانب الحكومة سيكون لدينا خيارات أخرى، إلا أنه لم يحدد تلك الخيارات. ونقلت «رويترز» عن مصادر بالحكومة وصناعة المال، أن الحكومة الجزائرية «تريد من مجموعة (أوراسكوم تليكوم) التخلي عن حصتها في الشركة الأولى لتشغيل الهاتف الجوال في الجزائر»، وأضاف «مصدر كبير»، حسب الوكالة البريطانية، «لم نعد نريد (أوراسكوم)». أما مصدر بالقطاع المالي فقال: «تعتبر الحكومة أن أسلوب (أوراسكوم) في أداء الأعمال في الجزائر، ليس في صالحها، نتيجة لذلك يجب أن تغادر (أوراسكوم) السوق الجزائرية»، فيما رفض متحدث باسم «جيزي» وهي الشركة التجارية ل«أوراسكوم تليكوم»، التعليق على القضية. وأفادت مصادر جزائرية مطلعة على أزمة المجموعة المصرية، ل«الشرق الأوسط»، بأن الحكومة قررت تصفية كل أعمالها بالجزائر، ووصفت ذلك بأنه «قرار سياسي غير معلن»، مشيرة إلى أن المسؤولين بالمجموعة «فهموا الرسالة بشكل واضح» وأن رحيل «(أوراسكوم) أصبح مسألة وقت فقط». وأوضح مسؤول بالمجموعة رفض الكشف عن هويته، في اتصال هاتفي أن رئاسة «أوراسكوم»، «مقتنعة تماما بأنها بصدد دفع ثمن توتر العلاقات بين البلدين بسبب الأزمة الكروية»، يقصد المواجهتين الكرويتين اللتين جرتا بالقاهرة والخرطوم في نوفمبر الماضي، في إطار تصفيات كأس العالم. وأعلنت الحكومة الجزائرية قبل شهرين عزمها تحصيل ضرائب بقيمة 596 مليون دولار من «أوراسكوم تليكوم»، لقاء التحويلات المالية التي قامت بها الشركة إلى الخارج. وقال رئيس الوزراء أحمد أويحيى في مؤتمر صحافي نهاية العام الماضي: «إن سلطات الضرائب الجزائرية لن تتساهل مع شركة (أوراسكوم تليكوم المصرية للاتصالات)، الحائزة على رخصة للهاتف الجوال في الجزائر منذ عام 2000، التي تسوق خدمتها تحت اسم (جيزي)، بخصوص ملف الضرائب المستحقة عليها والمؤجلة منذ سنوات». وكشف أن رئيس الشركة المصرية نجيب ساويرس رفع في نهاية 2008، طلبا إلى سلطات الضرائب بعدم الإفصاح عن ملف الضرائب وعن أي شيء يتعلق بهذه القضية «حتى لا يؤثر ذلك على النشاطات الدولية للشركة». وقال أويحيى: «لقد تعاملنا مع الشركة المصرية بتحضر ووافقنا على التماسها، لكننا فوجئنا بتوجيهها اتهاما إلى مصلحة الضرائب بالقرصنة، وبمنع تحويل أرباح الشركة إلى الخارج وفقا لقانون تحويل رؤوس الأموال الصادر نهاية 2008، ما دفع بإدارة الضرائب إلى الرد عليها وتذكير مسؤوليها باستحقاقات الدفع الجبائي واحترام القوانين، لأنه لا يمكن لأي شركة جزائرية أو أجنبية القيام بتحويل رؤوس الأموال دون دفع الحقوق الجبائية، لأن التنظيم الضريبي ينطبق على كل المؤسسات الجزائرية أو الأجنبية». وفي حديث سابق لنجيب ساويرس رئيس مجلس إدارة «أوراسكوم تليكوم»، أكد أن شركته قد تخرج من الجزائر إذا لم تكن محل ترحاب، مؤكدا حرص شركته على البقاء في الجزائر، وأضاف أن الأمور كانت تسير في الجزائر بشكل طبيعي، وتغيرت الأحوال بعد مباراة لكرة القدم بين مصر والجزائر. وطالبت الحكومة الجزائرية شركة «أوراسكوم» بدفع 597 مليون دولار بنهاية العام الماضي، واعتبرت هذا المبلغ ضرائب متأخرة. وتعرضت شركة «أوراسكوم تليكوم» خلال العام الماضي للكثير من الأحداث التي وصفها المحللون بالقاسية، الأولى تتمثل في نزاعها مع «فرانس تليكوم» على شركة «موبينيل»، هذا إلى جانب مطالبتها بضرائب اعتبرتها الحكومة الجزائرية متأخرة، وهو ما أدى إلى قيام الشركة بطرح أسهم لزيادة رأسمالها المصدر بنحو 5 أضعاف.