خذوا ملياراتكم التي جمعتموها لتعمير غزة في مؤتمر شرم الشيخ، وانصرفوا، خذوا أوهامكم، ومقرراتكم، ومؤتمراتكم، وانصرفوا، خذوا حضوركم، وحاضركم الذي يفضح ضعفكم، وكفّوا ألسنتكم عن أهل غزة! وانصرفوا، وكفاكم طعناً بالمقاومة التي طعنت عجزكم، كفاكم تهريجاً، وكذباً. أفلا تخجلون من أنفسكم وأنت ترجمون جراح غزة التي ترشح دماً، أفلا تخجلون وأنت تسحبون الغطاء عن غزة التي تنام في العراء؟ أفلا تخجلون وأنتم تنشرون لحم غزة العربية على صفحات الجمهورية، يا محمد علي إبراهيم؟ وكيف هان عليكم ذبح غزة وما زالت رقبتها تحت سكين اليهود؟ وكيف وجدتم مكاناً لسكينكم تحزُّ؟ وكيف تجرأتم على صب زيت الأحقاد على جراح غزة الذي ما زالت تنزُّ؟ وأي لسان هذا الذي يرجم غزة بالكلام بعد أن رجمتها البوارج الحربية، والطائرات، والدبابات الإسرائيلية بالقذائف؟ ولماذا تقصفون غزة التي توسدت دم شهدائها؟ كيف سولت لكم أنفسكم طعن غزة في خاصرتها الطريّة؟ كيف ارتضيتم لغزة هذا الحصار، وهذا الجدار، وهذا القرار؟ أين أنتم من الإجرام الإسرائيلي يا صحيفة الجمهورية؟ وهل أنتم مع العدو الإسرائيلي ضد غزة، أم مع عروبة غزة ضد إسرائيل؟ هل أنتم مع أنفسكم أم ضد أنفسكم؟ فإن كنتم مع أنفسكم! فكيف تشرّعون حصار غزة، وترجمونها بالتهم والظلام؟ وأنتم تعرفون أن غزة ترفض التنسيق الأمني مع إسرائيل، وترفض أن ينام ضباطها في تل أبيب، وترفض أن يزورها قائد المنطقة الجنوبية الإسرائيلي، ويتجول في شوارعها، تحت حراسة أجهزتها الأمنية كما فعلت السلطة في مدينة بيت لحم، وترفض جمع سلاح المقاومة كي تقتحمها القوات الإسرائيلية، وتقتل ثلاثة من خيرة شبابها كما فعلت السلطة في مدينة نابلس. أين أنتم يا صحيفة الجمهورية من مقررات مؤتمر شرم الشيخ الذي عقد على الأراضي المصرية بهدف تعمير غزة؟ أين ملايين الدولارات التي جمعت لتعمير غزة؟ ألا يشعركم ذلك بالهوان؟ أين كل دول العالم التي تعجز عن إدخال أنبوبة غاز، أو شوال اسمنت لتعمير غزة؟ أين دول العالم الحر، ودول العالم الثالث، ودولة العالم الإسلامي، وأين دول الاعتدال العربي، ودول الممانعة، التي تعجز عن فك حصار غزة؟ يا للعار! أفلا تخجلون؟ ألا تبكون على حالكم المذلِّ المُهين؟، فكيف تهاجمون غزة؟ أتريدون منها أن تخلع نعليها، وتأخذ زينتها، وتدخل إلى فراش الإسرائيلي راضية مرضية، كي تصفقون لها يا صحيفة الجمهورية؟ ما الذي دهاكم، أين ضاعت عقولكم؟ وأنتم تحاصرون المحاصر، وتطعنون القتيل، وتكتمون أنفاس الغريق؟، وكيف تستلون سيوفكم وتشحذونها على وجع غزة، وتطلبون منها أن تغمض فمها، فهل أزعجكم أنينها؟ دعوا غزة تصرخ كي تفضح قاتلها، دعوها تفضح جبنكم، اتركوا غزة تقاتل حربكم التي تمنَّعتم عن خوضها، لتخوضها إسرائيل على كل الجبهات العربية، وهي تملي على كل العرب موعد اتصالهم بنسائهم، وموعد تناولهم طعام إفطارهم، حتى صار العرب حراس مقابر اليهود، وبناة معابد اليهود، ويقدسون عادات اليهود، ويرقصون في أعيادهم، وصار يزعجكم جميعكم هدير موج غزة الذي يردد: لا للهزيمة، ونعم للمقاومة. هاجموا غزة، وحاصروها، واقتلوها، وجوّعوها، واخنقوها، وجرجروها على ركبتيها فلن تركع، ولن تبيع ثديها، ولن تخلع قرط العروبة والإسلام من أذنيها، ولن تتخلى عن القدس، ولن تعترف بشروط الرباعية، ولن تفرّط بفلسطين، ولن تنسى، ولن تغفر.