عقد المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اجتماعه الدوري يوم السبت 26 دجنبر 2009 بتأطير من الأخ الدكتور عبد المجيد بوزوبع الأمين العام للحزب من أجل التداول في عدد من القضايا التي تستأثر باهتمام المواطنين. فبعد دراسته وتقييمه للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها بلادنا خلال هذه السنة والتي اتسمت بتوالي الإخفاقات في العديد من الميادين و المجالات الحيوية نتيجة ضعف الأداء الحكومي وفشل الاختيارات والمقاربات السياسية المتبعة. لقد تعثرت عدد من المشاريع والأوراش سنة 2009 إما بسبب تداعيات الأزمة المالية الدولية أو بسبب غياب التخطيط العقلاني و الرؤى الإصلاحية الواعية والفعالة أو نتيجة لضعف الإمكانات المالية والبشرية و اللوجستيكية المرصودة وعدم الإشراك الفعلي للمواطنين عبر ممثليهم في بلورة وصياغة الخطط والبرامج الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية وفق الحاجيات الأساسية المعبر عنها من طرف السكان وموجهة بهدف تحقيق تحسين أوضاعهم المعيشية والحياتية وتوفير الضمانات الاجتماعية الضرورية. فضلا عن غياب الالتزام السياسي الحقيقي لتنفيذ القرارات والمشاريع المبرمجة. في الجانب الاجتماعي،لقد أدت الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية المبنية على هواجس التوازنات المالية والمكرو اقتصادية المملاة من طرف المؤسسات المالية الدولية وأقطاب ولوبيات السوق إلى المزيد من إنتاج ظواهر الفقر والأمية والبطالة والمرض وإلى تعميق الفوارق الطبقية والأجرية، نتيجة غياب العدالة في توزيع الدخل إلى درجة أن 20 في المائة من المحظوظين يستحوذون اليوم على أزيد من 53 في المائة من الدخل القومي.وقد فتح الباب على مصراعيه سنة 2009 لحمى ارتفاع الأسعار وتدمير الخدمة العمومية وتجميد أجور العمال مما زاد في تكريس الأزمة والرمي بشبابنا في أحضان البطالة والمخدرات المؤديتان حتما إلى التطرف والجريمة والفساد الأخلاقي. ظواهر اجتماعية' أضحت تشكل أكبر التحديات التي تواجه بلدنا وشبابها في الألفية الثالثة، هذا إضافة إلى استمرار تكريس بؤر الفساد الإداري والمالي والتعامل بسياسة التوظيفات في المناصب العليا استنادا إلى معايير الو لاءات الحزبية والمحاباة والقرابة الأسرية و تهميش الكفاءات الوطنية ، وتعطيل صلاحيات المحاكم المالية وتبخيس قرارات المجلس الأعلى للحسابات كمؤسسات دستورية. في الجانب الاقتصادي يلاحظ عودة أشكال جديدة من الهيمنة وإحكام السيطرة على كل المجالات الاقتصادية والمالية والتستر على الفضائح المالية والخسارات الكبرى التي تكبدها الاقتصاد الوطني جراء التوظيفات المالية من طرف صندوق الإيداع والتدبير وصناديق التقاعد وغيرها من المؤسسات العمومية في استثمارات خارجية دون تقييم للمخاطر و استمرار ظاهرة الغش والتملص الضريبي، فلم تف الحكومة بوعودها في تحقيق النمو الاقتصادي ولا في التقليص من الفوارق الاجتماعية والطبقية بل ظل الاحتقان في أوساط الطبقات الفقيرة والمتوسطة يشكل القاعدة ، كما استمر إثقال ميزانية الدولة بالقروض التي سترهن بلدنا لعقود أخرى مع تفتيت وضياع الرأسمال الوطني عبر الخوصصة والتفويت وبيع الأراضي الخصبة والإعفاءات الضريبية وتقديم تسهيلات بسخاء إلى المستثمرين الأجانب دون تقييم فوائد ومنافع هده العمليات والتدابير المصاحبة لها على الاقتصاد الوطني . وقد بانت تجربة التدبير المفوض لعدد من القطات الاجتماعية الحيوية كالنقل والماء والكهرباء عن تدبير ملايير الدراهم مقابل استثمارات هزيلة لم تتجاوز 30في المائة من الالتزامات بدفتر التحملات. أما على المستوى السياسي، يلاحظ ضعف المؤسسات التمثيلية وافتقادها للمشروعية الديمقراطية والمجتمعية بسبب التزوير واستعمال المال الحرام الذي لحق كل الاستحقاقات التشريعية والجماعية والمهنية. كما تزايدت هذه السنة بشكل ملفت للنظر حدة التضييق على الحريات الأساسية وهضم الحقوق و اعتماد لغة العصا والتدخلات العنيفة والقمعية ضدا لتظاهر والاحتجاج السلمي وعودة ظاهرة الاعتقال السياسي وخرق حقوق الدفاع وغياب المحاكمة العادلة، والمتابعات القضائية المفتعلة ضد الصحافة الوطنية المستقلة من أجل إسكات صوتها وتركعيها وجعلها أبواق دعاية للحكومة بدل تركها تؤدي وظيفتها ورسالتها النبيلة. لقد شكلت هذه الممارسات تراجعات خطيرة وغير مسبوقة لأبسط تعبيرات التعددية السياسية والنقابية والكيل بمكيالين في التعاطي مع الأحزاب والتنظيمات النقابية والحقوقية والجمعوية. إخفاقات وتراجعات واختلالات كبرى وعميقة تجسدت في المراتب المتدنية التي احتلتها بلادنا في العديد من الميادين والمجالات الحيوية اقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا وثقافيا بل حتى رياضيا. وبعد استعراض المكتب السياسي للتطورات التي تعرفها قضية وحدتنا الترابية متوقفا بشكل خاص عند الحدث الأخير المتمثل في الضجة المفتعلة لما سمي" بقضية اميناتو حيدر" الذي خلف ردودا سلبية حول كيفية تدبير هدا الملف من طرف الحكومة، والارتباك والضعف الذي أبانت عنه مرة أخرى في التعاطي مع القضية الوطنية الأولى في مواجهة مناورات خصوم وأعداء وحدتنا الترابية وسيادته على أراضيه، والسقوط في فخ المناورات والدسائس التي تحاك ضد وحدتنا من طرف الذين يسعون إلى خلق حالة من اللااستقرار في المغرب العربي بما يتوافق والمخططات والمشاريع الصهيونية والامبريالية التي تهدف إلى تشتيت وتمزيق الأمة وخلق دويلات قزمية لخدمة أغراضها الإستراتيجية، كما وقف المكتب السياسي على المأساة الإنسانية لمواطنينا الصحراويين المحتجزين في تندوف بسبب الحصار المضروب عليهم من طرف الدولة الجزائرية أمام صمت المنتظم الدولي ودعاة حقوق الإنسان وبخاصة المندوبية السامية للاجئين من أجل إحصائهم ومعالجة أوضاعهم الإنسانية. وهو ما يتطلب من المنتظم الدولي وكل المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان التدخل من أجل فك الحصار عن مواطنينا الصحراويين المحتجزين لتمكينهم من الرجوع الى وطنهم ووقف المتاجرة بأرواحهم من طرف الانفصاليين . وبناءا عليه،ونتيجة لهذه الأوضاع التي اتسمت بتوالي الأزمات والإخفاقات على أكثر من صعيد و أمام عجز الحكومة الحالية وعدم قدرتها على تفعيل مستلزمات الأمن الإنساني والغذائي للمواطنين فإن في المكتب السياسي يعتبر أن الخروج من هذه الأزمات التي ألحقت ضررا كبيرا بالمسيرة التنموية للوطن وحالت دون تراكم الإنجازات الضرورية لتحقيق المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي المنشود يتطلب مل يلي . إقالة الحكومة الحالية و وتنصيب حكومة وحدة وطنية تضم كل الفعاليات السياسية والكفاءات الوطنية ذات التجربة والنزاهة والمصداقية لانقاد البلاد على قاعدة برنامج وطني عام يتضمن 1. تصفية الجو السياسي عبر إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين و الشروع في الإصلاحات السياسية والدستورية؛و التحضير لانتخابات سابقة للاوانها لإفراز خريطة سياسية تنبثق عنها حكومة قادرة على رفع تحديات المرحلة. 2. تنفيذ مخطط جهوية موسعة ذات صلاحيات واسعة مع إعادة النظر في التقطيع الجهوي ليأخذ بعين الاعتبار كل العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والمجالية ؛ 3. الشروع في تنفيذ مشروع الحكم الذاتي لأقاليمنا الصحراوية الجنوبية مع إعادة النظر في تركيبة المجلس الوطني الاستشاري لأقاليمنا الجنوبية ليضم كل الحساسيات السياسية والمدنية وكل القبائل المشكلة للمنطقة وباقتراح من المعنيين بالأمر مباشرة 4. تفعيل الدبلوماسية الموازية قاعدتها الأساسية بالضرورة الجالية المغربية بالخارج (ثلاث ملايين مغربي) وتعبئتها للمشاركة والحضور الواعي والمسؤول في حركية هيئات المجتمع المدني والسياسي في بلدان المهجر من أجل الدفاع عن الوطن وسيادته ومقوماته؛ 5. إعادة النظر في الآليات المعتمدة في تدبير الدبلوماسية المغربية وتوجهاتها الجيواستراتيجية والسياسية التي أبانت عن محدوديتها وضعفها في التأثير على القرارات السياسية الإقليمية والدولية و الاستمرار في البحث عن كل السبل الممكنة من أجل وحدة دول المغرب العربي وفتح الحدود بين المغرب والجزائر و إتاحة الفرصة للشعبين الشقيقين المغربي و الجزائري في إرساء دعائم الجوار وبناء الصرح ألمغاربي في كل المجالات ومن أجل منطقة مغاربية يعمها السلم والديمقراطية والتعاون والتضامن الاقتصادي والازدهار المشترك؛ 6 .القيام بإجراءات مستعجلة مندمجة وشاملة لمواجهة انعكاسات الأزمة المالية الاقتصادية العالمية وتوقيف مسلسل الخوصصة وإعادة هيكلة المؤسسات الوطنية ودعم كل القطاعات الاجتماعية والإنتاجية وفتح أوراش على مستوى الجهة تمكن من خلق فرص الشغل للشباب العاطل من أجل ضمان التماسك الاجتماعي ومحاربة كل أشكال التطرف والجريمة المنظمة وضمان الأمن للسكان. 7.تفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي ليكون فضاءا للحوار والتشاور بين مختلف الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين من أجل بلورة السياسات الاقتصادية والاجتماعية وتحسين أوضاع الطبقة العاملة المغربية وتعبئتها من أجل الانخراط في تنمية بلدنا وتطوره لمواجهة العديد من التحديات المحدقة به. المكتب السياسي