طالب أكثر من مائة مثقف وكاتب مصري بإقالة وزير الثقافة فاروق حسني بسبب ما أسموها مسؤوليته عن "انحطاط الثقافة في البلاد"، وطالبوا بمحاكمته والمسؤولين في الوزارة التي يتولاها منذ 23 عاما بسبب "انتشار الفساد"، وللمسؤولية عن السرقات المتكررة التي شهدتها متاحف وقصور فنية وأثرية، على حد وصف بيان أصدره هؤلاء المثقفون. وقال الكاتب جمال فهمي أحد الموقعين على البيان للجزيرة نت، إن المثقفين يلقون بالمسؤولية الأولى على نظام الرئيس مبارك لتكريسه مبدأ إهمال الثقافة وتعيين أشخاص غير أكفاء على رأسها، كما يحملوا فاروق حسني المسؤولية المباشرة باعتباره "المسؤول الأول عن انحطاط الثقافة في مصر منذ 23 عاما". انحطاط وتجهيل وأضاف فهمي "لم تشهد مصر في أي عصر حالة من الانحطاط والتجهيل الثقافي كما حدث في ال23 عاما الأخيرة بتولي حسني الوزارة، والحقيقة أن النظام الحاكم هو من يريد تكريس هذه الأوضاع، ويحاول عبر تحركات إعلامية إطلاق بعض المهرجانات أو افتتاح متاحف، ثم تسرق المقتنيات وتتحول المشاريع الثقافية إلى بؤرة للروتين والأعمال الإدارية ويكون الناتج الثقافي هزيلا للغاية". وترحم الكاتب المصري على فترة وزير الثقافة الأسبق ثروت عكاشة "الذي لم يستمر ربع الفترة التي قضاها حسني في الوزارة، لكنه بنى هيكلا للثقافة العامة، وأتاح الكتاب والمجلات للمواطن البسيط، وأدخل الثقافة والفنون كل قرية ونجع في مصر بإنشاء قصور الثقافة"، وأضاف أن "الثقافة في مصر تعيش الآن على بقايا هذا الرجل". واعترف فهمي بعجز المثقفين والمجتمع المدني عن تقديم مشروع ثقافي مستقل يكون بديلا عن "الدور العاجز" لوزارة الثقافة، وقال "لا بديل في ظل هذا النظام الحاكم، والكارثة الحالية في الثقافة والاقتصاد والسياسة وغيرها أكبر من قدرة المثقفين وغيرهم على تغييرها، ولم يعد يجدي الآن التغيير الجزئي في البلاد". سجل أسود وقال البيان -الذي حصلت الجزيرة نت على نسخة منه- "عانت الثقافة المصرية -في ظل سياسات وزارة الثقافة القائمة- من غياب مجموعة من العناصر اللازمة لأي ثقافة كي تنهض اجتماعيا، سواء على مستوى تردى أحوال الكتاب والمبدعين المادية والثقافية، أو على مستوى غياب إستراتيجية ثقافية لها سياسات واضحة، وكان هدف الوزير منذ البداية وضع المثقفين في الحظيرة بهدف تدجين المثقفين لا بناء الثقافة". وأضاف البيان أن من نتائج هذه السياسات "فشل المؤسسات الثقافية الرسمية القائمة في إفادة المحتاجين الحقيقيين للمعرفة بكل مستوياتها، فضلا عن عجزها عن الاستفادةِ من العقل الثقافي العام وتوظيفِه في التنمية الثقافية الحقة". وأشار البيان إلى تزايد حجم الغضب بسبب "النهب المنظم لآثار مصر، وذلك في سرقات مستمرة تورط فيها مسؤولون كبار في وزارة الثقافة، على رأسها قضية الآثار الكبرى، فضلا عن نهب دار الكتب والوثائق القومية على مدار العقدين الأخيرين، وحريق المسافر خانة، وحريق قصر ثقافة بني سويف الذي راح ضحيته عشرات المسرحيين، وحريق المسرح القومي". كما أشار المثقفون في بيانهم إلى "سوء سياسات المؤسسات القائمة التي أدت إلى الإجهاز على المسرح المصري، فضلا عن غياب إنتاج سينمائي يليق باسم مصر الفني، وندرة المجلات الأدبية المتخصصة، إضافة إلى مهازل الترشيح والاختيار لجوائز الدولة، ومهرجانات المجالس المحنطة للمجلس الأعلى للثقافة التي لا يحضرها أحد، والقضايا المتتابعة لكبار موظفي الوزير وحاشيته التي ارتبطت بالسرقة والفساد". وتطرق البيان إلى قضية سرقة اللوحات الأثرية من قصر محمد علي، ومؤخرا سرقة لوحة زهرة الخشخاش للفنان العالمي فان غوخ من متحف محمد محمود خليل وحرمه بالقاهرة، والتي تقدر قيمتها بنحو 55 مليون دولار. واعتبروا الاتهامات المتبادلة بين مسؤولي الوزارة والوزير بشأن السرقة الأخيرة دليلا على أن الوزارة ومسؤوليها "أصبحوا شهودا على سرقة تاريخ مصر الثقافي، وتشويهه على المستوييْن المادي والرمزي". واختتم الموقعون على البيان بالمطالبة برحيل وزير الثقافة عن موقعه ومحاكمته على إهدار المال العام، وإضراره بالمصالح الوطنية، بعد أن أفسد هو وموظفوه الحضور الثقافي المصري على المستويات المصرية، والعربية، والدولية". الموقعون ومن الموقعين على البيان جورج إسحق وصافي ناز كاظم وصنع الله إبراهيم وعلاء الأسواني ومحمد حافظ دياب وشوقي جلال والطاهر مكي وعبد العزيز مخيون وبلال فضل وعلاء عبد الهادي وأبو العلا ماضي وأبو العز الحريري وعبد المنعم أبو الفتوح ومحمود قرني وسيد البحراوي وأمينة رشيد وعاصم الدسوقي وأحمد بهاء الدين شعبان وحمدين صباحي وأمين إسكندر وعبد الغفار شكر وشاهندة مقلد وسلوى بكر.