لوحظ منذ اعتلاء الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين، ازدياد الاهتمام بالميدان العمراني بالمقارنة مع ماهو اقتصادي وماهو اجتماعي.فالتجديد الحضري للمباني القديمة ونخص بالذكر مدينة البئرالجديد حيث يعرف شارع الحسن الثاني مباني متهالكة على طول الشارع وجب معه التدخل السريع لتغييرها بأخرى حضارية كما هو الحال بكل المدن المغربية واستجابة لتوصيات عاهل المملكة. إن مدينة البئرالجديد تعتبر بوابة إقليم دكالة والاهتمام بالعمران الحديث هدفه الأساسي إيجاد السبل الحسنى التي يمكن أن توفر الحياة الكريمة للإنسان البيرالجديدي، ولابد من خلق حالة الموازنة بين التطور الذي تعرفه بعض الأحياء المجاورة لشارع الحسن الثاني ولايعني هذا أننا نريد أن نعزل تاريخ المدينة الحالي عن ماضيها ولكن هاته المباني تسئ بشكل او بآخر إلى المدينة وإزالة القديم بكل جوانبه المشرقة لايعني انهيار قيم البيرالجديديين الأصيلة والعلاقات الاجتماعية المتميزة والتي تعد شاهدا تاريخيا أمام التطورات الحديثة، فمفهوم التجديد الحضري ومن ثم تحديد الأسس اللازمة للحفاظ على جمالية الشارع المعروف وطنيا ودوليا كملتقى للمسافرين.
لقد تعرضت بنايات شارع الحسن الثاني، فترات طويلة لإهمال كبير وتدمير قسم منها فهي بالتالي خسارة قد لاتعوض، والتجديد الحضري لكل هاته المباني بصور مختلفة يعكس أفكار تنصب بمفهوم إعمار منطقة أو مدينة أو حتى بناية لها قيمة تاريخية وأهمية اجتماعية واقتصادية فالتجديد الحضري هو تغيير في العمران من قديم إلى حديث ويتضمن مناهج رئيسية، وهي الحفاظ على مبدأ التجديد، ويمكن ملاحظة أن عملية الحفاظ لا تعني مدينة بكاملها أو منطقة كبيرة بأكملها لكن تعني قسماً منها أو عدداً من المباني توضع لها دراسة معينة ليتم المحافظة عليها من الدمار أو التهرؤ بشكل غير معقول، فقد تكون هذه المباني لها أهمية تأريخية أو درجة من الأساليب المعمارية تميزها عن غيرها من الأبنية ويمكن أن تأخذ أبعاداً مهمة في الواقع الجديد كما يمكن أن تتمتع بأهمية كبيرة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية في المجتمع. ويقصد بمبدأ إعادة تأهيل مدينة البئرالجديد زيادة كفاءة المباني والمنشآت وإزالة بعض الأجزاء منها والإبقاء على الأجزاء الأغلب منها على حالها لغرض توفير بعض المرافق والتسهيلات الواجب وصفها لخدمة المواطنين. وقد ظهر هذا المبدأ من شمال المملكة إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها بغية عدم تجريد كل التهرءات عن طريق إزالتها وإعادة تطويرها، فهو اذن من الممكن أن يتطور بحدود إعادة المحافظة على العلاقات الاجتماعية في المنطقة كما يمكن أن يوصف باقتصاده في نفقات الصيانة بعدم هدم المباني القديمة وإعادة انشائها بل يمكن أن يوصف بأنه عملية ترميم أو تطوير فقط. إن مبدأ إعادة التطوير يرتبط بفكرة إزالة وهدم المباني والأحياء المتهرئة في المدينة ثم إعادة بنائها وفق مخطط جديد يبين استعمالات الأرض ونمط توزيع السكان. إن فكرة الموضوع كما جاء أعلاه هي إلغاء وجود بعض المناطق المتهرئة لغرض إعادة تصميمها بشكل حضري جديد فقد طبقت هذه الفكرة في كل أرجاء المملكة بهدف وضع حل شامل لمشكلة الأحياء القديمة فيها خاصة في بداية الألفية الجديدة، على أساس عدم ملاءمة تلك الأحياء للحياة الجديدة في المملكة المغربية وكان لابد من إزالة المناطق المتهرئة فيها. ومبدأ إعادة التطوير يعمل وفق أهداف معينة طالما أنها تكلف جهوداً وأموالاً كبيرة تنطوي على استئصال المناطق المتهرئة وتخفيف حدة الفقر وجذب صناعات نظيفة إلى مركز المدينة وإبعاد الصناعات الملوثة "أرمور على سبيل المثال". للحفاظ على التراث المعماري في مدينة البئرالجديد كما بينا أهمية كبيرة في تحقيق أهداف معينة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والعمراني والسياسي فضلاً أن وجود هذا التراث يعني محاكاة الماضي وعكس الجوانب الحضارية والتاريخية للأمة وتحقيق مبدأ الاستمرارية في عملية البناء الفعال للمجتمع من جيل لآخر، وهو وسيلة لبناء وإنعاش المجتمعات فكرياً وثقافياً وفنياً . ويقصد هنا بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي والعمراني والسياسي المطلوب لتحقيق سياسة الحفاظ الناجحة حيث لابد من وجود مجتمع مدرك ومتعلم كضرورة حتمية قبل إحداث عملية القضاء على البنايات المهترئة وليس بعدها، حيث تتحدد هذه الرغبة من قبل المجتمع نفسه وتقع المسؤولية على عاتق الطبقة المتعلمة.