عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة بالإمارات العربية المتحدة صدر كتاب جديد للباحث والناقد المغربي عزيز العرباوي، حيث تم توزيعه مع مجلة "الرافد" الشهرية لعدد شهر فبراير 2015. تهدف هذه الدراسة إلى إبراز أهمية الماء ورمزيته ودلالاته المتعددة في التراث الشعري العربي منذ العصر الجاهلي إلى العصر الحديث، فتؤكد أن الماء في الشعر العربي قد شكَّل العديد من الدلالات المختلفة والرموز المتعددة من خلال تجلياته الفضائية والمادية والثقافية، كما من خلال القناعات الفكرية عند كل شاعر على حدة... ومن هنا، فلقد تناولت هذه الدراسة (رمزية الماء في التراث الشعري العربي) في الفصل الأول بتناول موضوع السيميائيات وتحديد مفهومها وموضوعها واتجاهاتها المختلفة، مع الاهتمام بمفهوم الدلالة ومعناها في إطار التراث العربي، مستحضراً العديد من الآراء والتعاريف التي تناولت هذا المفهوم في تراثنا الأدبي والفكري. ويقول المؤلف: "وكان لابد لنا، ونحن نهتم بالسيميائيات، أن نحدد علاقتها بالتراث العربي، انطلاقاً من مسألة تعريف الدلالة عند العرب القدامى بحيث تعتبر العلامة موضوعاً للسيميائيات الحديثة. كما درسنا في الفصل الثاني، موضوع الماء كعنصر حيوي ضروري في الحياة ولجميع الكائنات الحية في الكون، حيث حددنا مفهومه اللغوي والاصطلاحي، ورمزيته في الثقافة الشعبية والأسطورة البشرية عموماً، وفي الدين الإسلامي، خاصة من خلال أهميته للإنسان، وقدسيته في ارتباطه بالخلق وبالعرش الإلهي. وقد منحنا سياق دراستنا هذه أن نثير موضوع رمزية الماء ودلالته العميقة في التراث الشعري العربي، فأثرنا دلالة هذا العنصر الحيوي في الشعر الجاهلي عند عبيد بن الأبرص، وفي الشعر الإسلامي عند الحطيئة، والشعر الموي عند جميل بثينة، والشعر العباسي عند بشار بن برد، والشعر الأندلسي عند المعتمد بن عباد، والشعر الصوفي عند الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، وفي النهاية في الشعر الحديث عند محمود درويش. ولم يكن هدفنا في هذه الدراسة، إثارة موضوع الماء والحديث عنه بشكل سطحي، بقدر ما كان محاولة لإبراز ذلك المعنى العميق والموغل في الرمزية والإيحائية للماء، فوجدنا أن الماء قد استُعمِل في الكثير من الأشعار العربية على مرِّ العصور المذكورة استعمالاً مخالفاً للمعهود عليه والمألوف في الثقافة الإنسانية، فقد تمَّ استحضاره في التشبيه، وفي المقارنة، وفي المدح، والرثاء، والهجاء، والغزل، والحزن، والمعاناة، والغرق، والضياع، والتشرذم، والتقدم، والتخلف، والمأساة، والسخرية... وغيرها من القضايا التي كان الماء فيها ممثلاً لمشاعر وأحاسيس ومواقف وأفكار الشاعر. وحاولنا أن نثير دلالة الماء العميقة، ورمزيته في التشكيل الشعري العربي. فأثرنا بعض القضايا الفنية الملتحمة مع موضوع الشعر، فتوقفنا على البناء الشعري وتنويعاته الموضوعية المرتبطة بموضوع الماء ودلالاته المتعددة، سواء في ارتباطه بالطبيعة، أم بالحياة، أم بالمنظور الثقافي والديني، أم بالموروث الشعبي...". يذكر أن هذا الكتاب هو ثاني كتاب يصدر للمؤلف بعد كتابه الأول الذي صدر في نهاية عام 2013م عن مركز تراث الإمارات والذي يهتم بالتراث الفكري، وعنوانه "تجليات التراث في الفكر العربي والإسلامي: الجابري وأركون نموذجاً"...