كثر الحديث هذه الأيام لدى الأوساط الجديدية عن عودة موجة ظاهرة استغلال سيارات الدولة للأغراض الشخصية وأخرى لا علاقة لها بشؤون المواطنين أو خدمات مصالح المؤسسة العمومية خاصة على مستوى إقليمالجديدة، و تمادي مستغلي هذه السيارات في استعمالها دون حسيب ولا رقيب وأمام أعين الجميع،في ظل العجز الواضح والبين لتوقيف هذا النزيف الغير المشروع.
سيارات الدولة التي تحمل العلامة الحمراء أو رموز بعض المصالح الإدارية الأخرى أصبحت تستعمل في خدمة عائلات وأقارب وأبناء رؤساء مجموعة من المصالح حيث تستخدم هذه السيارات لنقل أطفال الموظفين ورؤساء ومسؤولين إلى المدارس والزوجات إلى الأسواق التجارية ومحلات التجميل والتزيين والحمامات والحفلات العائلية إلى غير ذلك.
وتستعمل هذه السيارات كذلك لقضاء العطل الأسبوعية والنزهة والتنقل خارج نطاق الاختصاص الترابي للمؤسسة التي وضعت رهن إشارتها هذه السيارات، كل ذلك في غياب آليات المراقبة الصارمة لمعرفة نطاق استعمال سيارات الدولة و التي يتم استغلالها يوميا دون منفعة عامة اذ تقدر مصاريف المحروقات المستهلكة لسيارات الدولة بملايين الدراهم نتيجة فوضى السير والجولان بسيارات الدولة خارج أوقات العمل دون رقيب ولا حسيب وهو ما يضر كثيرا بالميزانية المخصصة لذلك التي تصرف لهذا الغرض ملايين الدراهم وتنزفها في غياب شعار تخليق الحياة العامة وتطبيق مبادئ الحكامة الرشيدة.
وطالبت عدة فعاليات في عدة مناسبات بتدخل الدولة بكل وسائلها المتاحة وتنزل بكل ثقلها على محاربة ظاهرة استعمال سيارات الدولة في غير محلها كشكل من أشكال تبديد المال العام وصرفه في غير محله وأن تفكر على خلق شرطة خاصة على غرار بعض الدول تسند اليها مهمة مراقبة وتتبع مسار هذه السيارات وتسهر على حمايتها من كل ما يضر بها ويخرجها عن نطاق صلاحياتها ومجالات استعمالها مع تحرير محاضر وتسجيل مخالفات لكل من ضبط وهو يستعمل سيارات الدولة للأغراض شخصية وإحالة المخالف فورا على أنظار الإدارة أو القطاع التابع له هذا الموظف كيفما كانت رتبته أو منصبه أو درجته الوظيفية، "فكل هؤلاء ما هم ألا خداما للمواطن وللشعب ولدولة وللمجتمع أجمع".
إن عدد سيارات الدولة الخاصة بمصالح المرافق العمومية أو الجماعات المحلية في المغرب ،يصل إلى 115 ألف سيارة وهو عدد ضخم يفوق كثيرا عدد سيارات المصالح العمومية في دول عظمى مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية (50 ولاية) التي لا يتعدى 72 أف سيارة و كندا التي لا تتوفر إلا على 26 ألف سيارة خدمة فقط وهما دولتان متقدمتان يتفوقان على المغرب من حيث المساحة وعدد السكان وكذلك من ناحية نظامهما الفيدرالي المتطور الذي يعطي اختصاصات واسعة للجهات والتي يحتاج الموظفون فيها إلى تنقلات ليس من أجل النزهة ولكن من أجل خدمة المصلحة العامة للمواطنين تحت مراقبة صارمة لاستعمال سيارات الدولة، ولا يخطر ببال المواطنين في هذه الدول الراقية أن تستعمل سيارات المصلحة العامة التابعة للدولة لأغراض شخصية.
ومن الدول التي تتوفر على أقل عدد سيارات المصالح العمومية اليابان وهي دولة مصنعة لا يتعدى عددها 3.400 سيارة فقط و بالرغم من ذلك فإن الإدارة اليابانية تعد من أفضل الإدارات تطورا وأداء، بل إن هذا الأمر يدل على أن الإدارات التي تتوفر على عدد أكبر من سيارات المصالح العمومية تلك التي تشكل مصدرا مهما لهدر وتبذير المال العام في التفاهات والملذات في حين يزداد عدد المعطلين خريجي الجامعات والمعاهد العليا و تزداد معاناة الطبقات الفقيرة وارتفاع مستوى المعيشة، وانعدام السكن اللائق وضعف الخدمات الطبية وارتفاع نسبة الأمية...