يعد الإنفاق العام أداة من أدوات السياسة المالية التي تستخدمها الدولة و الهيئات المتفرعة عنها لبلوغ أهداف مسطرة في السياسة الحكومية، كما يعد الإنفاق العام الوسيلة المثلى التي تتيح للحكومات المتعاقبة تنفيذ برامجها الاقتصادية و الاجتماعية، و بالتالي ممارسة دورها التدخلي في مختلف مجالات الحياة. لكن هذا الإنفاق يصبح عبئا ثقيلا على كاهل الدولة عندما تجد نفسها تنفق خارج الإطار الذي يجب أن تنفق فيه.و يترجم هذا الإنفاق الغير السليم على شكل اختلالات قد تعصف بمشاريع ذات بعد استراتيجي بالنسبة للبلد أو للجهة التي يقع فيها هذا التجاوز.فظاهرة استعمال السيارات العمومية من أجل قضاء مصالح شخصية على حساب مصالح المواطنين مثلا هي ظاهرة خطيرة و مستفحلة بشكل كبير داخل الإدارات المغربية على الرغم من الدوريات التي وزعتها السلطات المختصة على كل الإدارات العمومية و الهيئات التي تستوجب وجود مثل هذه الوسائل التي تدخل ضمن مقومات عملها و التي من المفروض أن يتم بواسطتها السهر و تتبع سير المصالح العامة للمواطنين على أحسن وجه .ومن يستغلها في غير ذلك يبرر انتهازيته بضمير مهني و أخلاقي نائم لا علاقة له لا بالحلال و لا بالحرام و لا بالواجب و لا بالأنظمة و لا بحق العمل...في تحد سافر لقانون الوظيفة العمومية و هو ما يسمى هنا بالفساد بعينه ضدا على المسار العام الذي تتجه إليه سياسات الدولة في نهج مسار ترشيد النفقات العامة. و لعل ما يحدث داخل المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة العمومية بإقليم الفحص أنجرة ولاية طنجة لخير مثال و دليل على منتهى التسيب و الاستهتار بالمال العام في استخدام سيارات الدولة لأغراض شخصية سواء داخل أو خارج أوقات العمل ، بل و خارج تراب الإقليم و من دون وجود أي أمر بمهمة في أحيان كثيرة ،هذا في الوقت الذي تعرف فيه المندوبية الإقليمية خصاصا مهولا في عدد سيارات المصلحة، بتواطؤ مفضوح من بعض الإداريين دون حسيب أو رقيب و ذلك في استنزاف مفرط وغير مبرر للموارد المالية للإدارة المحلية و خير دليل على ذلك عل سبيل الذكر لا الحصر تسخير سيارة مصلحة التجهيزات الطبية الأساسية الإقليمية المتنقلة ذات اللوحة الرقمية 155593 (الصورة) الأسبوع الماضي في خدمة الأغراض الشخصية لرجل سلطة لا علاقة له بالمصلحة الطبية خارج تراب الإقليم و خارج الإطار القانوني...؟.وعليه وفي ضوء المعطيات السابقة والمسار الذي تتجه إليه السياسات العمومية في نهج مسار ترشيد النفقات العمومية وما سبق ، فقد رأى عدد من المتتبعين للشأن المحلي بأنه قد أصبح من الضروري تشديد آليات الرقابة على تحرك سيارات هذه المصلحة مع التعجيل بفتح تحقيق شامل في فواتير المحروقات على المستوى المحلي والحرص على إبلاغ الرأي العام المحلي والوطني بمن يقف وراء هذا التعنت المستفز في الإصرار على استنزاف الأموال العمومية بهذا الشكل المفرط خصوصا مع تسجيل رصد مصاريف كبيرة للمحروقات الخاصة بتنقل سيارات المندوبية داخل تراب إقليم الفحص أنجرة (الصغير جغرافيا) ذو الطابع القروي بامتياز ، و الذي يتوفر على أربعة مستوصفات تابعة للمندوبية فقط...