يحتضن رواق أقواس بالمدينة القديمة لأزمور في الفترة ما بين 16 ماي و 16 يونيو القادم معرضا تشكيليا للفنان مبارك عمان يحمل عنوان " أصل الإنسان"، يقدم فيه نحو أربعين لوحة من أحجام مختلفة هي عصارة أعماله الفنية من اعتكاف لمدة سنة كاملة. مبارك عمّان "المُولع بفكرة «أصل الشيء الفني» بوصفه حامل صفةٍ ومادةً مُشكَّلة وشكلاً مُدركاً" حسب توصيف الناقد الفني أنيس الرافعي،اختار في لوحات معرضه الجديد إعادة تشكيل وقائع من حقبة ما قبل التاريخ بنفس معاصر ينتقل فيها من مرحلة استلهام مرجعياته الطفولية ضمن نطاقها الشخصي الضيق ذي الصلة الوطيدة بأضغاث الذاكرة، إلى محطة البحث في الذاكرة الجمعية الإنسانية.ومن هنا، فإنّ اللّوحات التي يزخرُ بها هذا المعرض، تتخذُ من الآثار والعلامات التي خلّفها «الكائن البدائي» بالكهوف والمغارات موضوعا مركزيا لها.
أعمال مبارك عمّان الجديدة، حسب أنيس الرفاعي، تتصيغُ بطريقة متدرجة من البسيط إلى المركب، ومن المشخَّص إلى المجرد، سواء على صعيد الرموز (خربشات، نقوش، دوائر، خطوط، قوارب، آلات موسيقية، أجساد ناحلة، حيوانات ميثولوجية بلا أعين أو ملامح واضحة...)، أو على صعيد المواد (تراب، صباغات طبيعية،خشب، نحاس، كلس، صمغ، برادة الحديد، أو بعض المتلاشيات مثل سدادات القناني أو المفاتيح القديمة...).
في معرضه الجديد يقدم الفنان لوحات تمزجُ بين النحت و"الكولاج"، وتشركهما ضمن طبقات مضاعفة، ليس بهدف إعادة إنتاج أو بعث عالم منسيّ أو منقرض، بل لمساءلته كمتخيِّل إنساني وكرؤية بديلة للفن.
الرمزية عند عمان مبارك تجد تجسيدا آخر لها في التاريخ الذي اختاره لافتتاح معرضه بأزمور والذي يصادف سادس عشر ماي الذكرى الأليمة للأحداث الارهابية التي هزت مدينة الدارالبيضاء قبل احدى عشر سنة : " أرفض الاختزال، فالدعوة مثلا للتوقف عن التدخين برسم سجائر في نظري مجرد اختزال...أنا اشتغل على الإنسان والذاكرة وقبل أن يكون هناك وجود لليهودي، المسيحي أو المسلم كان هناك انسان ما قبل التاريخ الذي منه ننحدر جميعا لذلك اخترت الاشتغال على الابعاد المختلفة لهذا الانسان الذي تحمل أثاره كل الأجوبة بما فيها الجواب عن سؤال ما وقع في هذه الذكرى" يوضح عمان مبارك.