استمعت المصلحة الإدارية الإقليمية لدى أمن الجديدة، في محضر قانوني، إلى عميد الشرطة عبد المجيد الحبيبي، مساعد رئيس الدائرة الأمنية الثالثة، إثر تلفظه في حق صحفي، بكلام مسيء للكرامة والشرف، يتلخص في عبارة : " (...) أنت أحمق، وخصك تشوف طبيب نفساني". وهي العبارات المضمنة في تسجيل صوتي أصلي (ملتقط من مكالمة خاصة من هاتف الصحفي وهاتف العميد). وقد اقترف المسؤول الأمني هذه السلوكات والتصرفات، مباشرة عقب اجتماع أمني موسع، كان جمع المراقب العام نورالدين السنوني، رئيس الأمن الإقليمي للجديدة السابق، برؤساء المصالح الداخلية والخارجية والدوائر الأمنية، حثهم خلاله على التقيد بمقتضيات المقاربة المديرية ثلاثية المحاور، التي تروم في مقتضياتها وغاياتها، الانفتاح على فعاليات المجتمع المدني، وعلى الصحافة. وتعتبر هذه التصرفات اللامسؤولة والتي خرقت بشكل صارخ، التوجهات والتوجيهات المديرية، فردية ومعزولة، ستترتب عنها حتما تبعات في حق العميد المخالف، الذي لم يلتزم بأحكام قواعد السلوك الخاصة بموظفي الأمن الوطني.
وقد كان الحقد الدفين والرغبة في الانتقام وراء هذه السلوكات، سيما أن الصحفي المستهدف، كان، بإصداره مقالا صحفيا على أعمدة صفحات جريدة وطنية، تحت عنوان "مصلحة المداومة تمتنع عن التدخل إثر حادثة سير مفبركة"، (كان) سببا في استفسار الموظف الأمني عبد المجيد الحبيبي، بسبب تقصيره في أداء واجبه المهني، كان وجهه إليه رئيس الأمن الإقليمي السابق مصطفى الرواني، إثر امتناعه عن التدخل والانتقال، عندما كان ضابطا، ويشرف على مصلحة المداومة الليلية، لمعاينة "حادثة سير مفبركة"، بمحاذاة حي الملاح.
هذا، وأفاد بالمناسبة مصدر أمني مأذون أن المديرية العامة للأمن الوطني عممت، مساء أمس الجمعة، مذكرة مديرية على جميع مصالحها المركزية واللاممركزة، تتضمن تعليمات صارمة لجميع الموظفين من أجل التقيد التام بأحكام مدونة قواعد السلوك الخاصة بموظفي الأمن الوطني، مع التركيز بشكل واضح على المقتضيات المتعلقة بالنزاهة والاستقامة والشرف، والقطع النهائي مع كل الأفعال التي تندرج ضمن جرائم الفساد الاداري.
وأضاف المصدر الأمني أن الدورية الجديدة شددت على أهمية التواصل والانفتاح على المواطن، ومنظمات المجتمع المدني، وتبسيط إجراءات التبليغ عن جرائم الرشوة، واستغلال النفوذ، والاختلاس، والغدر، بشكل يسمح بخلق جو من الثقة المتبادلة بين جهاز الشرطة والمواطن. ما من شانه تحفيز الضحايا المحتملين على التبليغ عن التحرشات التي يمكن أن تطالهم، أو تلحقهم بفعل تجاوزات فردية صادرة عن أحد موظفي الأمن.
كما أكدت الدورية المديرية، يضيف المصدر ذاته، على وجوب تدعيم إجراءات النزاهة والتخليق، من خلال حملات للتوعية والتحسيس في صفوف الموظفين، ومن خلال المراقبات الدورية والفجائية التي تباشرها المفتشية العامة والمصالح الأمنية المحلية، وكذا، من خلال تعزيز برنامج التكوين الأساسي والتخصصي، الموضوع رهن إشارة موظفي الأمن، بشكل يسمح بتأهيلهم مهنيا، من جهة، وتحصينهم، من جهة ثانية، ضد مختلف أشكال الفساد الاداري.
وفي تعليق على هذا الموضوع، أوضح مسؤول من المديرية العامة للأمن الوطني بأن هذه الدورية جاءت للتذكير بمجموعة من الدوريات والمذكرات المديرية السابقة في الموضوع، والتي تحث جميع المصالح والموظفين على إرساء منظومة قيم مثلى، لتفادي تسجيل خروقات أو تجاوزات تندرج في إطار جرائم الفساد، وتطالب باعتماد آليات وقائية، وعند الاقتضاء زجرية، للحيلولة دون اقتراف هذا النوع من التصرفات الماسة بالشرف والنزاهة. وأضاف المسؤول الأمني المركزي أن المديرية العامة للأمن الوطني لم ولن تتسامح مع أي موظف يتورط في هذه الجرائم.